عرض مشاركة واحدة
قديم 10-12-2013, 11:37 AM   #1
تفاؤل و أمل
~ مشرفة أنوار المطبخ ~ نائبة الزهراء
 
الصورة الرمزية تفاؤل و أمل
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: البحرين المحتلة
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى: 0
تفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond reputeتفاؤل و أمل has a reputation beyond repute
افتراضي الرحمة الحسينية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل الفرج لوليّك القائم
الحمد لله الذي أمرنا لنكون مع الصادقين ،
والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد الصادق الأمين ،
وعلى آله الأئمة الصادقين الهداة المهديّين ،
لا سيّما بقيّة الله في الأرضين ،
عجّل الله فرجه الشريف.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
،
الرحمة الحسينيّة

الرحمة : كلمة تقع على القلب موقع الاطمئنان والسرور والمحبّة , وهي خلقٌ إنسانيّ أوجب الله تعالى ـ وهو أرحم الراحمين ـ أن يرحم من تخلّق به ؛ إذ الرحمة من أخلاقه سبحانه (عزّ وجلّ) ؛ ولذا نسمع رسول الله , نبيّ الرحمة (صلّى ‏الله عليه وآله) يقول : (( الراحمون يرحمهمُ الرحمنُ يومَ القيامة . ارحمْ مَن في الأرض يرحمْك مَن في السماء ))(1) .

وجاء رجلٌ فقال له : أحبّ أن يرحمني ربّي . فقال له المصطفى‏ (صلّى‏ الله عليه وآله) : (( ارحم نفسَك , وارحم خلْقَ الله يرحمْك الله ))(2) .

أمّا أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقد كان له كلمات اُخرى تدعو إلى‏ الرحمة وترغّب فيها , وتبيّن عوائدها الطيّبة , من ذلك قوله (سلام الله عليه) : (( أحْسِن يُحسَنْ إليك . ارحم تُرحم(3) . اِرحم مَن دونَك يرحمْك مَن‏ فوقَك , وقس سهوه بسهوك , ومعصيته بمعصيتك لرّبك , وفقرَه إلى‏ رحمتك بفقرك إلى‏ رحمة ربّك(4) . عجبت لمَن يرجو رحمة من فوقه كيف لا يرحم‏ من دونه ))(1) .


وفي موجبات الرحمة الإلهيّة قال (عليه أفضل الصلاة والسّلام) : (( ببذل الرحمة تستنزل الرحمة(2) . رحمة الضعفاء تستنزل الرحمة(3) . أبلغُ ما تُستدرُّ به الرحمة أن تضمر لجميع الناس الرحمة ))(4) .

وهذا خلق الأنبياء والأوصياء , وقد كان رسول الله (صلّى‏ الله عليه وآله) أرحم الناس بالناس , فنصح لهم وهداهم سبيل الخير والصلاح , ودعاهم إلى‏ السّلام والأخلاق الطيّبة , وأخذ بأيديهم إلى‏ سعادة الدنيا والآخرة , إلاّ من أبى‏ , حتّى‏ قال الله تعالى‏ فيه : (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)(5) . (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)(6) .

فكان من أوصافه (صلّى‏ الله عليه وآله) أنّه يشقُّ عليه ضرُّ الناس أو هلاكهم , وأنّه حريصٌ عليهم جميعاً ؛ من مؤمنٍ أو غير مؤمن , وأنّه رؤوفٌ رحيمٌ بالمؤمنين منهم خاصّة . وكان (صلّى‏ الله عليه وآله) رحمةً لأهل الدنيا ؛ لأنّه أتى‏ بدين فيه سعادتهم , وهو القائل : (( إنّما أنا رحمةٌ مهداة ))(7) .

وتلك سيرته الشريفة العاطرة تشهد برحمته التي طبّقت الآفاق , وشملت الناس جميعاً , فكان يحنو على‏ الأطفال واليتامى‏ والأرامل , والفقراء والمساكين , ويشفق على‏ الصبيان والبنات , والمظلومين والمحرومين , ويرحم أصحابه أخيه )) . وأعطاه خمسة أثوابٍ قيمتها ألف دينار , وقُتل بشر في الحملة الاُولى(1) .

ولا تقف
الرحمة الحسينيّة عند حدّ , فبعد شهادة القاسم (عليه السّلام) برز أخوه أحمد بن الحسن , فقاتل حتّى‏ أخذه العطش , فنادى‏ : يا عمّاه ! هل من شربة ماء ؟

فقال له الحسين (عليه السّلام) : (( يابن أخي , اصبر قليلاً حتّى‏ تلقى‏ جدّك رسول‏ الله (صلّى‏ الله عليه وآله) فيسقيك شربةً من الماء لا تظمأ بعدها أبداً ))(2) .

فرجع الغلام وقاتل صابراً متصبّراً بكلمة عمّه الحسين (سلام الله عليه) .

ولمّا سقط الإمام الحسين (عليه السّلام) بعد جراحات لا يقوى‏ معها على‏ قيام , نظر إليه ابن أخيه عبد الله بن الحسن السبط (عليه السّلام) , وله إحدى‏ عشرة سنة , وقد أحدق به القوم , فأقبل يشتدّ نحو عمّه , وأرادت زينب حبسه فأفلت منها , وجاء إلى‏ عمّه , فأهوى‏ بحرُ بن كعب بالسيف ليضرب الحسين فصاح الغلام : يابن الخبيثة ! أتضرب عمّي ؟!

فضربه , واتّقاها الغلام بيده فأطنّها إلى‏ الجلد , فإذا هي معلّقةٌ , فصاح الغلام : يا عمّاه ! ووقع في حِجر الحسين (عليه السّلام) , فضمّه إليه وقال : (( يابن أخي , اصبر على‏ ما نزل بك , واحتسب في ذلك الخير ؛ فإنّ الله تعالى‏ يلحقك بآبائك الصالحين )) .

فرمى‏ الغلامَ حرملةُ بن كاهل بسهمٍ فذبحه وهو في حجر عمّه .

في حالةٍ كان يجود الحسين (عليه السّلام) بنفسه ضمَّ إليه ذلك الغلام , وصبّره بتلك الكلمات التي تُنسي الألمَ وشدّة الموقف . إنّها الرحمة الحسينيّة التي فاضت خيراً وإنسانيّة وكرماً لا على الإنسان فحسب , بل تعدّته إلى‏ البهائم .

فعند مبارزته اشتدّ به العطش , فحمل نحو الفرات على‏ عمرو بن الحجّاج فكشف جندَه , وكانوا أربعة آلاف , كشفهم عن الماء وأقحم الفرس الماء ليشرب(1) .

وأكثر من ذلك ما رواه الطبريّ , حيث ذكر في تاريخه(2) : فبعد أن طلع عليهم الحرّ الرياحيّ مع ألف فارس بعثه ابن زياد ليحبس الحسين عن الرجوع إلى‏ المدينة أينما وجده , أو يقْدم به الكوفة , فوقف الحرُّ وأصحابه مقابل الحسين في حَرِّ الظهيرة(3) .

قال الطبريّ : فلمّا رأى‏ سيّدُ الشهداء ما بالقوم (أي الحُرّ وأصحابه) من العطش أمر أصحابه أن يسقوهم ويرشّفوا الخيل , فسقوهم وخيولَهم عن آخرهم , ثمّ أخذوا يملؤون القصاع والطساس ويُدنونها من الفرس , فإذا عبّ فيها ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً عُزلت وسُقي آخر حتّى‏ سقوا الخيل كلّها .

وكان عليُّ بن الطعان المحاربيّ مع الحرّ , فجاء آخرَهم وقد أضرَّ به العطش , فقال الحسين (عليه السّلام) : (( أنخِ الراوية )) . وهي الجمل بلغة الحجاز , فلم ‏يفهم مراده , فقال (عليه السّلام) : (( أنخِ الجمل )) . ولمّا أراد أن يشرب جعل الماءُ يسيل من السقاء , فقال له الإمام الحسين (عليه السّلام) : (( أخنث السقاء )) . فلم ‏يَدْرِ (عليّ بن الطعان) ما يصنع ؛ لشدّة العطش , فقام (عليه السّلام) بنفسه وعطف السقاء حتّى‏ ارتوى‏ وسقى‏ فرسه(4) .

وهذه هي
الرحمة الحسينيّة العجيبة , فبيده الشريفة يسقي البهائم الظامئة ,الأبيّة , حتّى‏ ترك ذلك أثراً على‏ ظهره , فسُئل الإمام زين العابدين (عليه السّلام) عن ذلك , فقال : (( هذا ممّا كان ينقل الجرابَ على‏ ظهره إلى‏ منازل الأرامل واليتامى‏ والمساكين ))(1) .

إلاّ أنَّ هذا الظهر العطوف قد عملت فيه سيوفُ ورماح وسهام أعداء الله عملَها , ثمّ جاءت خيولهم فداسته . وذلك الصدر الرحيم الذي حمل هموم المحرومين , وفاض بالحنان على‏ اليتامى‏ والمساكين , وجاد على‏ الناس حتّى‏ العدوّ منهم بالنصيحة والموعظة لم‏ يدّخر من ذلك شيئاً , قد هشّمته السيوفُ وسنابك الخيل .

وذلك الوجه النوريّ المقدّس الذي سجد لله طويلاً , وبكى‏ على‏ آلام الناس طويلاً فُصلِ عن البدن ورُفع على‏ الرمح ؛ تشفّياً ونكالاً , ولم يستحِ العدوُّ وقد رأى‏ الحسينَ (ُ) يبكي , فسُئل عن ذلك وهو في ساحة الطفّ , فأخبر بأنّه يبكي على‏ أعدائه حيث احتشدوا عليه يريدون قتله , وبذلك يدخلون النار بانتهاك حرمته .

لقد كان منهم ما تتفطّر له السماوات وتنهدّ الجبال ؛ حيث :
فرى‏ الغيُّ نحراً يَغبطُ البدرُ نورَه‏ وفي كلِّ عِرقٍ منه للحقِّ فرقدُ
وهشّمَ أضلاعاً بها العطفُ مودَعٌ‏ وقطّع أنفاساً بها اللطفُ موجَدُ
(2)

ـــــــــــ
(1) بحار الأنوار 77 / 167 .
(2) كنز العمال ـ الخبر 44154 .
(3) بحار الأنوار 77 / 383 .
(4) غرر الحكم / 66 .
(1) غرر الحكم / 218 .
(2) غرر الحكم / 148 .
(3) غرر الحكم / 187 .
(4) غرر الحكم / 99 .
(5) سورة التوبة / 128 .
(6) سورة الأنبياء / 107 .
(7) تفسير نور الثقلين 3 / 466 ح 197 .
(1) العيون العبرى‏ ـ للسيّد إبراهيم الميانجيّ / 111 .
(2) مقتل أبي مخنف / 126 .
(1) مقتل العوالم / 98 , ونَفَس المهموم / 188 .
(2) ج 6 / 226 .
(3) مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للخوارزميّ 1 / 230 .
(4) مقتل الحسين (عليه السّلام) ـ للسيّد المقرّم / 182 .
(1) سورة البلد / 6 ـ 11 .
(2) الخصائص الحسينيّة / 33 .
(1) المناقب 4 / 66 .
(2) من قصيدة للسيّد صالح ابن العلاّمة السيّد مهدي بحر العلوم .

الأخلاق الحسينية:جعفر البياتي

__________________










تفاؤل و أمل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس