رد: الامام زين العابدين ورزيا كربلاء

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام على الزهراء البتول الطاهره وعلى أبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
السلام على الحُسين وعلى علي بن الحُسين وعلى اولاد الحُسين
وعلى اخيه وحامل لوائه ابا الفضل العباس
وعلى اخته وشريكته بالمصاب ام الحزن
والمصائب وجبل الصبرالعقيلة زينب
وعلى اصحاب الحُسين وعلى انصار الحُسين
وعلى محبي الحُسين وعلى شيعة الحُسين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وليس هناك حادث في التاريخ يضارع في كوارثه وآلامه مثل ما جرى
على الإمام الحُسين في يوم عاشوراء، لم تبث محنة من محن الدنيا، ولا كارثة من كوارث الدهر إلا جرت على ريحانه رسول الله
(صلى الله عليه وأله ) وقد تحدث الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن ذلك اليوم العصيب الخالد في دنيا الأحزان قال:
(ما من يوم أشد على رسول الله ( صلى الله عليه وأله)من يوم أحد قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله
وبعده يوم مؤتة قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب، ثم قال:
ولا يوم كيوم الحُسين إذ دلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه
وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا..
وليس في دنيا الإسلام على امتداد التاريخ يوم أشد وأقسى من يوم الحُسين(عليه السلام)
فقد ثار هذا الإمام العظيم ليقيم في هذا الشرق معالم الحياة الكريمة ويوفر الحرية والرخاء والأمن والاستقرار لجميع شعوب العالم
وقد وقفت في وجهه أولئك الصعاليك من حثالة البشرية، فأراقت دمه الزاكي في وحشية قاسية لم يشاهد التاريخ لها مثيلا
في فظاعتها ومرارتها وقد اقترفت هذه الجرائم لتعيش هي تحت كابوس من العبودية والظلم والجور
خطبة الامام
فقبل أن تندلع نار الحرب رأى الإمام العظيم أن يقيم الحجة على أولئك الممسوخين ويسد أمامهم كل عذر
ويجعلهم على بصيرة وبين من أمرهم، فقد دعا براحلته فركبها،
واتجه نحوهم، وهو بتلك الهيبة التي تحكي هيبة جده رسول الله
( صلى الله عليه وأله)
فخطب فيهم خطابه التاريخي الذي هو أبلغ وأروع خطاب ورد في الكلام العربي، وقد نادى بصوت عال يسمعه جلهم قال:
(أيها الناس اسمعوا قولي، ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم علي، وحتى أعتذر إليكم، من مقدمي عليكم
فإن قبلتم عذري، وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم علي سبيل
وإن لم تقبلوا مني العذر، ولم تعطوا النصف من أنفسكم فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة
ثم اقضوا إلي ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين
ونقل الأثير كلماته إلى السيدات من عقائل النوة، وحرائر الوحي فتصارخن بالبكاء، وارتفعت أصواتهن
فبعث إليهن أخاه العباس وابنه عليا، وقال لهما: سكتاهن فلعمري ليكثر بكاؤهن
ولما سكتن استرسل في خطابه فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبي
( صلى الله عليه وآله)
وقال في ذلك ما لا يحصى ذكره، ولم يسمع لا قبله، ولا بعده أبلغ منه في منطقة
(أيها الناس: إن الله تعالى خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال
فالمغرور من غرته، والشقي من فتنته، فلا تغرنكم هذه الدنيا فإنها تقطع رجاء من ركنه إليها
وتخيب طمع من طمع فيها، وأراكم قد اجتمعتم على أمر قد أسخطم الله فيه عليكم
وأعرض بوجهه الكريم عنكم، وأحل بكم نقمته، فنعم الرب ربنا، وبئس العبيد أنتم، أقررتم بالطاعة
وآمنتم بالرسول محمد ( صلى الله عليه وآله)ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته تريدون قتلهم
لقد استحوذ عليكم الشيطان فأنساكم ذكر الله العظيم، فتبا لكم ولما تريدون
إنا لله وإنا إليه راجعون، هؤلاء قوم كفروا بعد إيمانهم فبعدا للقوم الظالمين
لقد وعظهم بهذه الكلمات، فحذرهم من فتنة الدنيا وغرورها، ودلل على عواقبها الخاسرة
وأهاب بهم من الإقدام على قتل عترة نبيهم، فإنهم بذلك يخرجون من الإسلام إلى الكفر
ويستوجبون عذاب الله ونقمته، ثم استرسل الإمام العظيم في خطابه قائلاً:
(أيها الناس انسبوني من أنا؟ ثم ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها، وانظروا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟
ألست ابن بنت نبيكم، وابن وصيه وابن عمه؟ وأول المؤمنين بالله
والمصدق لرسوله بما جاء من عند ربه، أوليس حمزة سيد الشهداء عم أبي؟
أوليس جعفر الطيار عمي؟ أولم يبلغكم قول رسول الله ( صلى الله عليه وأله) لي ولأخي!
(هذان سيدا شباب أهل الجنة) فإن صدقتموني بما أقول:
وهو الحق، والله ما تعمدت الكذب منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله
ويضر به من اختلقه، وإن كذبتموني فإن فيكم من إذا سألتموه أخبركم، سلوا جابر بن عبد الله الأنصاري
وأبا سعيد الخدري، وسهل بن سعد الساعدي وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك يخبروكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله
( صلى اله عليه وآله)لي ولأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟)
وكان خليقا بهذا الخطاب أن يرجع إلى قطعات ذلك الجيش عوازب أحلامه، ويحد انقلابا عسكريا في صفوفهم
لقد دعاهم ليرجعوا إلى نفوسهم وعقولهم لو كانوا يملكونها، فيمعنوا النظر في شأنه
فهو حفيد نبيهم، وابن وصيه، وألصق الناس وأمسهم رحما بالنبي ( صلى الله عليه وآله)
وهو سيد شباب أهل الجنة، وفي ذلك حصانة له من سفك دمه، وانتهاك حرمته
إلا أن ذلك الجيش لم يع هذا المنطق الفياض، فقد خلد إلى الجريمة، وغرق في الضلال
وانبرى إليه الرجس الخبيث شمر بن ذي الجوشن فقال له:
(هو يعبد الله على حرف إن كان يدري ما يقول
وتصدى لجوابه حبيب بن مظاهر وهو من ذخائر الإيمان والإسلام فقال له:
(والله إني أراك تعبد على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنك صادق، ما تدري ما يقول: قد طبع الله على قلبك
واستمر الإمام العظيم في خطابه فقال:
(فإن كنتم في شك من هذا القول، أفتشكون أني ابن بنت نبيكم
فوالله ما بين المشرق والمغرب ابن بنت نبي غيري فيكم
ولا في غيركم، ويحكم أتطلبونني بقتيل منكم قتلته، أو مال استهلكته، أو بقصاص جراحة
وزلزلت الأرض تحت أقدامهم، وغدوا حيارى لا يملكون جوابا لرده
ثم نادى الإمام (عليه السلام)قادة الجيش من الذين كاتبوه بالقدوم لمصرهم فقال:
(يا شبث بن ربعي، ويا حجار بن أبحر، ويا قيس بن الأِشعث، ويا زيد بن الحرث
ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار، واخضر الجناب، وإنما تقدم على جند لك مجندة
ولم تخجل تلك الذوات القذرة من خيانة العهد ونقض الميثاق، فأجابوه مجمعين على الكذب:
(لم نفعل
واستغرب الإمام منهم ذلك فقال:
(سبحان الله، بلى والله قد فعلتم
وأشاح الإمام بوجهه عنهم، ووجه خطابه إلى قطعات الجيش فقال لهم:
(أيها الناس إذا كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمن من الأرض)
وانبرى إليه قيس بن الأِشعث وهو من ركائز الإثم والباطل في الكوفة، ومن أسرة لم تنجب شريفا قط فقال له:
(أولا تنزل على حكم بني عمك؟ فإنهم لن يروك إلا ما تحب، ولن يصل إليك منهم مكروه
فأجابه الإمام:
(أنت أخو أخيك؟ أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل؟
لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أفر فرار العبيد
عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون، أعوذ بربي وربكم من كل متكبر يؤمن بيوم الحساب
ومن المؤسف أن هذا الخطاب النير لم ينفذ إلى قلوبهم، فقد ختم الجهل على قلوبهم فكانوا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
__________________
"إلاهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا
وكفى بي فخرا أن تكون لي ربا
أنت كما أحب فاجعلني كما تحب"
كلما قلبني الهم ساشكو يا علي حينما يهزمني الدمع سأبكي يا علي في قيامي في قعودي سأنادي يا علي في جهادي وكفاحي أنت درعي يا علي واذا ما نالني الضعف بدربي سانادي يا علي
|