رد: السفراء الاربعه...حياتهم ونشاطهم
السفير الثاني:
هو الشيخ الجليل محمد بن عثمان بن سعيد العمري، تولى السفارة بعد أبيه، بنص من الامام العسكري ع ، حيث قال ع لوفد اليمن الذي أشرنا إليه: واشهدوا عليّ أن عثمان بن سعيد وكيلي، وان ابنه محمد وكيل ابني مهديكم وبنص أبيه على سفارته بأمر من المهدي عج .
وكانت قواعده الشعبية مجتمعة على عدالته وثقته وأمانته، لا يختلف في ذلك اثنان من الامامية، وكيف لا وفيه وفي أبيه، قال الإمام الحسن العسكري ع ، لبعض أصحابه: العمري وابنه ثقتان فما أديا فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما واطعهما فإنهما الثقتان المأمونان .
وكلمات الإمام المهدي عج فيه، متظافرة ومتواترة، فقد سمعناه يعزيه بوفاة أبيه ويثني عليه الثناء العاطر، ويشجعه وهو في أول أيام اضطلاعه بمهمته الكبرى. وقال في حقه: لم يزل ثقتنا في حياة الأب - رضي الله عنه وأرضاه وانضر وجهه - يجري عندنا مجراه ويسد مسده، وعن أمرنا يأمر الإبن وبه يعمل وغير ذلك من عظيم الاجلال والإكبار .
والتوقيعات كانت تخرج على يده، من الإمام المهدي عج في المهمات، طول حياته، بالخط الذي كانت تخرج في حياة أبيه عثمان. لا يعرف الشيعة في هذا الأمر غيره ولا يرجع إلى أحد سواه. وقد نقلت عنه دلائل كثيرة. ومعجزات الإمام ظهرت على يده. وأمور أخبرهم بها عنه زادتهم في هذا الأمر بصيرة .
وبقي مضطلعاً بمسؤولية السفارة نحواً من خمسين سنة ,حتى لقي ربه العظيم في جمادى الأولى سنة خمس وثلثمائة أو أربع وثلاثمائة ومعنى ذلك انه توفي بعد وفاة الإمام العسكري ع بخمس وأربعين سنة، وحيث أن والده ، قد اضطلع بالسفارة عدة أعوام فالأولى ان يقال: ان سفارته امتدت حوالي الأربعين عاماً، لا نحواً من الخمسين، كما قال الشيخ في الغيبة.
وإذ يكون تاريخ وفاة أبيه مجهولاً، مع الأسف، يكون مبدأ توليه للسفارة مجهولاً أيضاً، غير أننا نعرف أنه كان سفيراً قبل عام 267 لإن ابن هلال الكرخي طعن في سفارته، وكان أحد المنحرفين عن خطه على ما سنسمع في الفصل الآتي، وكانت وفاة ابن هلال عام 267 أي بعد وفاة الامام العسكري بسبع سنين، وبذلك يمكن القول على وجه التقريب: ان الشيخ عثمان بن سعيد تولى السفارة خمس سنوات وتولاها ابنه اربعين سنة.
وبهذا التحديد لمدة سفارته، نستطيع ان نعرف، انه كان ، اطول السفراء بقاء في السفارة ومن ثم يكون اكثرهم توفيقاً في تلقي التعاليم من الامام المهدي عج واوسعهم تأثيراً في الوسط الذي عاش فيه، والذي كان مأموراً بقيادته وتدبير شؤونه.
وكان لابي جعفر العمري، كتب مصنفة في الفقه، مما سمعه من ابي محمد الحسن العسكري ع ، ومن الصاحب المهدي ع ومن ابيه عثمان بن سعيد عن ابي محمد وعن ابيه علي بن محمد [الامام الهادي]ع. فيها كتب ترجمتها: كتب الأشربة. ذكرت الكبيرة أم كلثوم بنت أبي جعفر أنها وصلت إلى أبي القاسم الحسين بن روح – رض- عند الوصية إليه، وكانت في يده قال أبو نصر وأظنها قالت: وصلت بعد ذلك إلى ابي الحسن السمري (رض) وأرضاه .
كان يعلم - بارشاد من الامام المهدي عج - بزمان موته، إذ حفر لنفسه قبراً وسواه بالساج. يقول الراوي: فسألته عن ذلك، فقال: للناس أسباب. وسألته عن ذلك، فقال: قد أمرت أن أجمع أمري فمات بعد ذلك بشهرين.
وكان قد أعد لنفسه ساجة نقش النقاش آيات من القرآن الكريم وأسماء الأئمة ع على حواشيها. قال الراوي: فقلت له: يا سيدي ما هذه الساجة؟ فقال لي: هذه لقبري تكون فيه أوضع عليها أو قال: أسند عليها. وقد عرفت عنه. وأنا في كل يوم أنزل فيه فاقرأ جزءاً من القرآن فيه وأصعد. وأظنه قال: فأخذ بيده وادناه.
فإذا كان يوم كذا وكذا من شهر كذا وكذا من سنة كذا وكذا صرت إلى الله عز وجل، ودفنت فيه وهذه الساجة معي. فقال الراوي: فلما خرجت من عنده اثبت ما ذكره، ولم أزل مترقباً به ذلك، فما تأخر الأمر، حتى اعتل ابو جعفر، فمات في اليوم الذي ذكره من الشهر الذي قاله من السنة التي ذكرها .
ولم يفت أبو جعفر العمري (رض )، أن يوصي إلى خلفه السفير الثالث: الحسين بن روح، بأمر من الحجة المهدي عج . وسنعرف تفاصيل ذلك فيما يلي.
وعندما توفي أبو جعفر العمري، دفن عند والدته في شارع باب الكوفة في الموضع الذي كانت دوره ومنازله فيه. قال الراوي: وهو الآن في وسط الصحراء. أقول: وقبره الآن مشيد معروف [بالخلاني] يزار للذكرى والتبرك. قدس الله روحه.
__________________
|