السلام ورحمة الله وبركاته
إن حياة المعصومين الأربعة عشر كانت زاهرة بالحب والمعرفة والصبر والبصائر،
إلا أن ما بلغنا من ضياء بعضهم كان أكثر من البعض الآخر، والإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السلام)
من أولئك الذين تسنّت لنا فرصة الاهتداء إلى المزيد من فضائلهم، ولأنهم عند الله نور واحد، فليس علينا إلا الاستضاءة بسيرته
( عليه السلام) لمعرفة سيرة سائر المعصومين من آبائه ( سلام الله عليهم جميعاً )
الإمام الرضا ( عليه السلام) كان بمثابة قرآن ناطق، فخُلقه من القرآن، وعلمه ومكرماته من القرآن، وكان ( عليه السلام) يمثل هذا النور بكل وجوده، وكان قلبه يستضيء بنور الله،
وهكذا أطاع الله بكل جوانب حياته، فأحبه الله ونوّر قلبه بضياء المعرفة وألهمه من العلوم ما ألهمه،
وجعله حجة بالغة على خلقه وهكذا أناب الإمام الرضا ( عليه السلام) إلى ربه فوهب الله له ما شاء من الكرامة والعلم،
لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها، ورفض مغرياتها، فرفع الله الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة،
وهو حجاب سميك بين الإنسان وبين حقائق الخلق
وأعظم الزهد زهده في الخلافة، بالطريقة التي عرضها عليه المأمون العباسي،
فإن من الناس من يزهد في الدنيا طلباً لما هو أعظم من متاعها، حتى شهد له أعداؤه في شأن الخلافة.
ما رأيت الملك ذليلاً مثل ذلك اليوم من خلال موقف الإمام المشرف
وكان ( عليه السلام ) في قمة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس،
وقد فاضت من هذه النفس الكريمة تلك الأخلاق الحسنة، وكان عظيم الحلم والعفو، وسيرته تشهد بذلك وكتب التاريخ غنيةً بذلك.
• قال هرثمة بن أعين: (طلبني سيّدي أبو الحسن الرضا ( عليه السلام) في يوم من الأيّام
فقال لي: يا هرثمة إنّي مطلعك على أمر يكون سرّاً عندك لا تظهره لأحد مدّة حياتي.
فإن اظهرته حال حياتي كنت خصيماً لك عند الله فحلفت له انّي لا اتفوه بما يقوله لي مدّة حياته،
فقال لي: اعلم يا هرثمة انه قد دنا رحيلي ولحوقي بجدّي وآبائي وقد بلغ الكتاب أجله،
وإنّي أطعم عنباً ورماناً مفتونا فأموت ويقصد الخليفة أن يجعل قبري خلف قبر أبيه الرشيد،
وان الله لا يقدره على ذلك، وإنّ الأرض تشتد عليهم فلا تعمل فيها المعاول،
ولا يستطيعون حفر شيءٍ منها فتكون تعلم يا هرثمة إنّما مدفني في الجهة الفلانية من الحد الفلاني بموضع عيّنه له،
فإذا أنا متّ وجهزت فاعلمه بجميع ما قلته لك ليكونوا على بصيرة من أمري وقل له إذا وضعت في نعشي،
وأرادوا الصلاة عليّ فلا يصلى عليّ فإنّه يأتيكم رجل عربي ملثّم على ناقة له مسرع من جهة الصحراء عليه وعثاء السّفر،
فينيخ راحلته وينزل عنها فيصليّ عليّ وصلوا معه عليّ فإذا فرغتم من الصلاة عليّ وحملتموني إلى مدفني الذي عينته لك فاحفر شيئاً يسيراً من وجه الأرض تجد قبراً مطبقاً معموراً في قعره ماء أبيض إذا كشفت عنه الطبقات نضب الماء فهذا مدفني فادفنوني فيه، والله الله يا هرثمة ان تخبر بهذا أو بشيء منه قبل موتي، قال هرثمة: فوالله ما طالت الإناة حتى أكل الرّضا عند الخليفة عنباً ورماناً مفتوناً فمات
• روى الطبرسي عنه عن الرضا ( عليه السلام) في حديث طويل
(أنه قال: يا هرثمة هذا أسوان رجوعي إلى الله عزّ وجل ولحوقي بجدّي وآبائي،
وقد بلغ الكتاب أجله، فقد عزم هذا الطاغي على سمي في عنب وفي رمان مفروك،
فأمّا العنب فإنه يغمس المسلك في السم ويجذبه بالخيط في العنب،
وأما الرمان فإنه يطرح السم في كف بعض غلمانه ويفرك الرمان بيده لتلطخ حبه في ذلك السم.
وانه سيدعوني في اليوم المقبل ويقرّب إليّ الرمان والعنب ويسألني اكلها ثم ينفذ الحكم ويحضر القضاء
سلام على طـه ويــــــس
سلام على آل خيرِ النبيين
سلام على روضة حل فيها
إمام يباهي به الملك والدين
السلام على المدفون بطوس
السلام عليك يا ضامن الجنان و ثامن الأئمة النجباء