رد: الطريق إلى الله تعالى كيف؟؟؟؟
وأصل هذا المعنى وبيانه: أن تعلم أن الله سبحانه وتعالى بلطف حكمته وجميل صنعته بهر العقول ، وامتحن أهلها ، بأن طلب من الخلق أمورا كلية عظيمة ،
وجعل مفاتيحها امورا جزئية حقيرة ، فمن استعظم الامور الموصلة إليها وتهاون عنها ، فاته ما أريد منه ،
وكان ذلك من أعظم الامتحان له ،
ومن توسّل بتلك الأمور الجزئية ، أوصلته إلى تلك المطالب النفيسة الكلية ،
فهو لم يأت إلا الجزئي الحقير مع أنه أوصله إلى الكلي النفيس الكثير ، وذلك من أعظم السعادات له.
فتدبّر هذه الحكمة البالغة ، وأمعن النظر فيها ، يظهر لك كيف أقام الحجة البالغة على هذا الخلق ، وأكمل لهم النعمة السابغة.
فيا لها من نعمة!..كيف أوصلهم بهذه الجزئيات إلى هذه المراتب السامية ؟!..
ويا لها من حجةٍ !.. كيف عرّضوا أنفسهم للهلكةالدائمة ، والعقاب الأليم ، وكان يخلّصهم منها الإتيان بجزئيات حقيرة؟!..
فمن تأمّل هذه الحكمة واقتبسها من آثار أهل البيت عليهم السلام ، ظهر له معنى قوله: إنّ من استقلّ قليل الرزق حرم كثيره وأنّ مبدأ كل الشرور والمهلكات هو استقلال القليل ، واستحقار الحقير.
كما أن مبدأ الخير نابعٌ من مهفوم هذا الحديث ، فإنّ مَن لم يستقلّ قليل الرزق لم يُحرم كثيره.
وبعد تتبعك هذا المعنى تجد شواهده في الحبل المحكم ، والأخبار لا تُحصى ولا تُعد منها قولهم: اتقوا محقرات الذنوب
وقولهم: لا تستحقروا طاعة ً، فربما كان رضا الله تعالى فيها .. ولا تستحقروا معصيةً .. فربما كان سخط الله فيها.
إلى غير ذلك من أخبارهم عليهم السلام ، فاتضح للمستبصر المسترشد أن طريقة الشرع الشريف المحمدية ، إنما هي مبنية على أمور جزئية سهلة يسيرة بإذن الله موصلة إلى أسنى المطالب وأهنى الرغائب.(3)
(3) إنّ هذا الأسلوب من الترغيب مؤثرٌ في النفوس التي تخشى البدء بالحركة بعد مرحلة اليقظة ، ظناً منها بأن طريق الآخرة سالبةٌ لنعيم الدنيا وملذاتها.. وأنّ الأمر يحتاج إلى مجاهداتٍ مرهقةٍ كالتي يتبعها المرتاضون من أهل الفرق المنحرفة بل الكافرة .. وأنّ الغايات لا تُنال إلا بما يلحق بالمعسورات أو المتعذرات وغير ذلك من موجبات الوهن .
والحال أنّ الشريعة ما حرّمت حراماً إلا وكان - في الغالب – حـلالاً بجانبـه بدلاً عنه .. ودائرة الإلزاميات – فعلاً وتركاً – أضيق بكثير من دائرة المباحات بما لا يُقاس معه .. فأين التضييق الذي يجعله العبد ذريعةً للركون إلى ما يشبه حياة البهائم التي همّها علفها وشغلها تقممها ؟!..( المحقق )
يتبع
|