مجالس امير المؤمنين عليه السلام في ارض كربلاء
اللهم صلِ على محمد و آلِ محمد
عظم الله اجورنا و اجوركم بمصاب ابا الاحرار عليه السلام و ال بيته و اصحابه عليهم السلام
مجالس أمير المؤمنين في أرض كربلاء :
الإشعاع الأول :
أمير المؤمنين يعقد مجلس عزاء الحسين في كربلاء :
في أمالي الصدوق بسنده عن ابن عباس قال :
كنت : مع أمير المؤمنين عليه السلام في خرجته إلى صفين .
*فلما نزل بنينوى : وهو بشط الفرات ، قال بأعلى صوته :
*يا ابن عباس : أتعرف هذا الموضع ؟ *قلت له : ما أعرفه يا أمير المؤمنين .
فقال عليه السلام : لو عرفته كمعرفتي ، لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي .*
قال : فبكى طويلا حتى أخضلت لحيته، وسالت الدموع على صدره ، وبكينا معا.
وهو يقول : أوه أوه ، مالي ولآل أبي سفيان ؟
مالي : ولآل حرب حزب الشيطان ، وأولياء الكفر ؟
صبرا : يا أبا عبد الله ، فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم .*
ثم دعا بماء : فتوضأ وضوء الصلاة ، فصلى ما شاء الله أن يصلي .
ثم ذكر نحو كلامه الأول : إلا أنه نعس عند انقضاء صلاته وكلامه ساعة ، ثم انتبه.
*فقال : يا ابن عباس ، فقلت : ها أنا ذا .
فقال : ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي ؟*
فقلت : نامت عيناك ورأيت خيرا يا أمير المؤمنين .*
قال : رأيت كأني برجال : قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض ، قد تقلدوا سيوفهم وهي بيض تلمع ، وقد خطوا حول هذه الأرض خطة ، ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض ، تضطرب بدم عبيط .
و كأني بالحسين : سخلي وفرخي ومضغتي ومخي ، قد غرق فيه ، يستغيث فيه فلا يغاث ، وكأن الرجال البيض قد نزلوا من المساء ينادونه ويقولون :
*صبرا آل الرسول : فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس ، وهذه الجنة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة ، ثم يعزونني ويقولون :
يا أبا الحسن : أبشر ، فقد أقر الله به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين .*
ثم انتبهت هكذا : والذي نفس علي بيده ، لقد حدثني الصادق المصدق أبو القاسم صلى الله عليه وآله : أني سأراها في خروجي إلى أهل البغي علينا .
وهذه أرض كرب وبلاء : يدفن فيها الحسين عليه السلام وسبعة عشر رجلا من ولدي وولد فاطمة ، وإنها لفي السماوات معروفة ، تذكر أرض كرب وبلاء ، كما تذكر بقعة الحرمين ، وبقعة بيت المقدس .
ثم قال لي : يا ابن عباس اطلب في حولها بعر الظباء ، فو الله ما كذبت ولا كذبت ، وهي مصفرة لونها لون الزعفران . *قال ابن عباس : فطلبتها فوجدتها مجتمعة ، فناديته يا أمير المؤمنين قد أصبتها على الصفة التي وصفتها لي .
*فقال علي عليه السلام : صدق الله ورسوله .*
ثم قام عليه السلام : يهرول إليها فحملها وشمها .
*وقال : هي هي بعينها ، أتعلم يا ابن عباس ما هذه الأبعار ؟
*هذه قد شمها عيسى بن مريم : وذلك أنه مر بها ومعه الحواريون ، فرأى هاهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي .
فجلس عيسي : وجلس الحواريون معه ، فبكى وبكى الحواريون ، وهم لا يدرون لم جلس ولم بكى .*
فقالوا : يا روح الله وكلمته ما يبكيك ؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه ؟*
قالو : لا ، قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد صلى الله عليه وآله ، وفرخ الحرة الطاهرة البتول ، شبيهة أمي ، ويلحد فيها طينة أطيب من المسك لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا يكون طينة الأنبياء وأولاد الأنبياء .
فهذه الظباء تكلمني وتقول : إنها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض .*
ثم ضرب بيده : إلى هذه الصيران ، فشمها وقال : هذه بعر الظباء على هذا الطيب لمكان حشيشها ، اللهم فأبقها أبدا حتى يشمها أبوه فيكون له عزاء وسلوة .
قال : فبقت إلى يوم الناس هذا وقد اصفرت لطول زمنها وهذه رض كرب وبلاء .*
ثم قال بأعلى صوته : يا رب عيسى بن مريم ! لا تبارك في قتلته ، والمعين عليه والخاذل له .* ثم بكى بكاء طويل : وبكينا معه حتى سقط لوجهه ، وغشي عليه طويلا ، ثم أفاق فأخذ البعر فصره في ردائه ، وأمرني أن أصرها كذلك .
ثم قال : يا ابن عباس إذا رأيتها تنفجر دما عبيطا ، ويسيل منها دم عبيط ، فاعلم أن أبا عبد الله قد قتل بها ودفن .*
قال ابن عباس : فو الله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض الله عز وجل علي ، وأنا لا أحلها من طرف كمي ، فبينما أنا نائم في البيت إذا انتبهت ، فإذا هي تسيل دما عبيطا ، وكان كمي قد امتلأ دما عبيطا .
فجلست وأنا باك وقلت :
قد قتل والله الحسين .
والله ما كذبني علي قط في حديث : حدثني ، ولا أخبرني بشيء قط أنه يكون إلا كان كذلك ، لأن رسول الله كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره .*
ففزعت وخرجت : وذلك عند الفجر ، فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ،* ثم طلعت الشمس ورأيت كأنها منكسفة ، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط ، فجلست وأنا باك فقلت :
قد قتل والله الحسين.
*وسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول :*
اصبروا آل الرسول ــ ــ قتل الفرخ النحيل
نزل الروح* *الأمين *ــ ــ* بــ بـكاء **وعويل
ثم بكى بأعلى صوته : وبكيت فأثبت عندي تلك الساعة ، ، وكان شهر المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه ، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك ، فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه .
*فقالوا : والله لقد سمعنا ما سمعت* ونحن في المعركة ، ولا ندري ما هو ، فكنا نرى أنه الخضر عليه السلام [54].
*
*
*
*
الإشعاع الثاني :
هرثمة ينقل قول الأمير عن فتية كربلا للحسين :
أمالي الصدوق بسنده عن هرثمة بن أبي مسلم قال :
*غزونا مع علي بن أبي طالب عليه السلام صفين ، فلما انصرفنا نزل بكربلا فصلى بها الغداة ، ثم رفع إليه من تربتها فشمها .
*ثم قال: واها لك أيتها التربة ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب.*
فرجع هرثمة إلى زوجته : وكانت شيعة لعلي عليه السلم ، فقال : ألا أحدثك عن وليك أبي الحسن نزل بكربلا ، فصلى ثم رفع إليه من تربتها .
*فقال : واها لك أيتها التربة ، ليحشرن منك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب .
قالت : أيها الرجل فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يقل إلا حقا .*
فلما قدم الحسين عليه السلام قال هرثمة : كنت في البعث الذين بعثهم عبيد الله بن زياد لعنهم الله ، فلما رأيت المنزل والشجر ذكرت الحديث .
*فجلست على بعيري : ثم صرت إلى الحسين عليه السلام ، فسلمت عليه وأخبرته بما سمعت من أبيه في ذلك المنزل الذي نزل به الحسين .
فقال : معنا أنت أم علينا ؟
*فقلت : لا معك ولا عليك ، خلفت صبية أخاف عليهم عبيد الله بن زياد .
قال : فامض حيث لا ترى لنا مقتلا ، ولا تسمع لنا صوتا ، فوا الذي نفس حسين بيده ، لا يسمع اليوم واعيتنا أحد ، فلا يعيننا إلا كبه الله لوجهه في نار جهنم [55].
*
*
*
*
الإشعاع الثالث :
الأمير يزور كربلا ويعقد مجلس لذكر مصاب الحسين بعدة أحاديث:
في قرب الإسناد : عن محمد بن عيسى ، عن القداح ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما السلام قال :*
مر علي بكربلا : في اثنين من أصحابه ، قال:
*فلما مر بها ترقرقت عيناه للبكاء ، ثم قال :
*هذا مناخ ركابهم ، وهذا ملقى رحالهم ، وههنا تهراق دماؤهم .
*طوبى لك من تربة : عليك تهراق دماء الأحبة [56].
*
وعن ميمون القداح : عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
مر أمير المؤمنين عليه السلام : بكربلاء في أناس من أصحابه ، فلما مر بها أغرورقت عيناه بالبكاء ثم قال :
هذا مناخ ركابهم ، و هذا ملقى رحالهم ، و هنا تهرق دماؤهم .
طوبى لك من تربة عليك ، تهرق دماء الأحبة[57] .
*
روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
خرج أمير المؤمنين عليه السلام : يسير بالناس حتى إذا كان من كربلاء على مسيرة ميل أو ميلين ، فتقدم بين أيديهم ، حتى إذا صار بمصارع الشهداء ، قال :
قبض : فيها مائتا نبي ، و مائتا وصي ، و مائتا سبط شهداء بأتباعهم .
*فطاف بها على بغلته *: خارجا رجليه من الركاب ، و أنشأ يقول :
مناخ ركاب ، و مصارع شهداء .
لا يسبقهم من كان قبلهم ، و لا يلحقهم من كان بعدهم[58] .
*
عن الأصبغ بن نباته عن علي عليه السلام قال :
*أتينا معه : موضع قبر الحسين ، فقال علي عليه السلام :
هاهنا : مناخ ركابهم ، و موضع رحالهم .
و هاهنا : مهراق دمائهم فتية من آل محمد صلى الله عليه وآله ، يقتلون بهذه العرصة ، تبكي عليهم السماء و الأرض [59].
*
وعن نصر سعيد بن حكيم العبسي : عن الحسن بن كثير عن أبيه :
*أن عليا : أتى كربلاء ، فوقف بها .
*فقيل : يا أمير المؤمنين هذه كربلاء .
قال عليه السلام : ذات كرب و بلاء ، ثم أومأ بيده إلى مكان ، فقال :
هاهنا موضع رحالهم ، و مناخ ركابهم .
و أومأ بيده : إلى موضع آخر ، فقال :
هاهنا مهراق دمائهم [60].
*
*
*
*
*
الإشعاع الرابع :
مجلس للأمير يذكر فيه انه يعرف تربة الحسين وقاتله :
كامل الزيارات عن هانئ بن هانئ ، عن علي عليه السلام قال :*
ليقتل الحسين قتلا .
وإني : لأعرف تربة الأرض التي يقتل عليها قريباً من النهرين .*
وفي الأمالي : مثله [61].
*
*
*
__________________
اللهم صلِ على محمد وآل محمد و عجل فرج قائم آل محمد
السلام على الحسين و على علي بن الحسين و على اولاد الحسين و على اصحاب الحسين
اللهم العن أعداء ابي عبد الله الحسين (عليه السلام)
يا فاطمة الزهراء أغيثيني

|