1 ـ توجد في الانسان عدة غرائز يجب معرفتها وكيفية استقامتها . ومعرفة طرق الافراط والتفريط فيها .
قال الامام علي ( عليه السلام ) : « ان الله خصّ الملك بالعقل دون الشهوة والغضب ، وخص الحيوانات بهما دونه وشرّف الانسان باعطاء الجميع ، فان انقادت شهوته وغضبه لعقله صار افضل من الملائكة لوصوله الى هذه المرتبة مع وجود المنازع والملائكة ليس لهم مزاحم » .
وعلى هذا المنوال المتصاعد فالذين يتبعون العقل يكون مكانهم اعلى من الملائكة لانهم مع توفر الارضية المناسبة للذنب اطاعوا العقل ، أما الذين يتبعون الشهوات والغرائز الحيوانية فانهم كالانعام بل اقل درجة واضل سبيلا . لانه مع وجود العقل اتجهوا الى الغضب والشهوة وتركوا العقل ، وجاء في القرآن الكريم حول الناس الذين اتبعوا غرائزهم الحيوانية ، فنقرأ : ( أولئك كالانعام بل هم اضلّ سبيلاً ) ( سورة الاعراف ـ 179 ـ الفرقان ـ 4 ) .
2 ـ ان علماء الاخلاق يقولون ان السبب لنشوء الذنب عند الانسان يرجع لثلاث قوى :
1 ـ القوة الشهوانية .
2 ـ القوة الغضبية .
3 ـ القوة الوهمية .
القوة الشهوانية : حيث تجر الانسان الى الافراط في اللذات وتكون عاقبته الغرق في الفحشاء والمنكرات .
القوة الغضبية : وهذه القوة لها دور فعّال في طغيان غريزة الغضب عند الإنسان مما تؤدي به الى الظلم والتعدي اللامحدود .
القوة الوهمية : وهذه القوة تهيج حالة التكبر والاعتداء على حقوق الاخرين مما تدعوه الى اقتراف الذنوب الكبيرة .
لو حققنا في معرفة الذنب بدقة لوجدنا ان اكثر الذنوب ( اذا لم نقل كل الذنوب ) سببها هذه الثلاث قوى . لذلك يجب السيطرة على تنظيمها وأن لا نتركها في طريق الافراط والتفريط فنقع في مستنقع الآثام والذنوب . ولأجل ان نوضح اكثر نأتي بالمثال التالي :
ان سبب حياة البساتين والحيوانات والناس هو ماء النهر . فلو جعلنا سداً وأوقفنا سير الماء فسيتجمع ماء كثير خلف السد . فعند الحاجة نأخذ ما يكفينا . ولو لم نحجز الماء بهذا الأسلوب لطغى الماء ودمر البساتين والمزارع والبيوت .
وهكذا الانسان حيث ان القوى الغضبية يحتاجها للدفاع وقت الحاجة ، وكذلك القوى الشهوانية يجعلها تسير وفق الموازين الشرعية اللازمة .
اذن ، فهاتان الغريزتان لهما طريق شرعي مفتوح ، وبالعكس من ذلك فلو أطلق لهما العنان لعثا صاحبهما في الارض فساداً ولارتكب جرائم وانحرافات جنسية لا حد لها .
ونتيجة لذلك اذا اردنا أن نحفظ المجتمع من التلوث واقتراف الآثام والذنوب يجب علينا ان نسير الغرائز وفق الموازين الشرعية المباحة . وطبيعي ان هذا التعديل للغرائز يحتاج الى برنامج خاص اشرنا في هذا الكتاب الى قسمٍ منه .