*****
لقد فجر سيد الشهداء ( ع ) نهضة عاشوراء العظيمة، فأنقذ - من خلال تضحيته العظيمة بدمه ودماء أعزته - الإسلام العدالة وقوّض أركان حكم بني أمية.
*****
لولا تضحيات حرّاس الإسلام العظماء واستشهاد أنصار أبي عبدالله ( ع ) البطولي لشوهت صورة الإسلام على يد بني أُمية من جرّاء تعسفهم وبطشهم، ولذهبت جهود النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه المضحين أدراج الرياح.
*****
إن معظم الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) إما أنهم قتلوا أو تعرضوا لغير ذلك، لكن مدرستهم وخطّهم بقِيا محفوظين. فسيد الشهداء ( عليه السلام ) قتل، لكن نهجه ومدرسته ظلت خالدة، بل إنه أحيى الإسلام بمقتله.
*****

إن معظم أصحاب الحق قد غلبوا، لكن الدين بقي مصاناً محفوظاً. فسيد الشهداء ( سلام الله عليه ) قد قُتل وقُتل معه أصحابه وعشيرته لكنهم دفعوا عجلة الدين وقدموا له خدمة عظيمة، فالدين لم يتعرض بعملهم لهزيمة بل حقق تقدماً، أي أنه هزم بني أُمية إلى الأبد.
لقد سعى بنو أُمية في تشويه الإسلام والعمل خلافاً للموازين الإنسانية تحت غطاء الخلافة الإسلامية، فنهض سيد الشهداء ( عليه السلام ) وضحى بدمه فأطاح بذلك النظام الفاسد ودمره.
*****
إن أولياء الله ينكسرون أيضاً، فلا شك أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) انكسر عسكرياً في حربه ضد معاوية ( يقصد الإمام حرب صفين. إذا قام أمير المؤمنين الإمام علي ( عليه السلام ) في بداية إمامته بعزل معاوية الذي كان يحكم الشام منذ زمن الخليفة الثاني.
وقد تمرد معاوية على هذا الأمر وجمع الناس حوله بذريعة الثأر لعثمان وتحرك نحو الكوفة لمقاتلة الإمام. وتقابل الجيشان في منطقة بالقرب من نهر الفرات تسمى صفين. وتلاقى الجيشان 90 مرة في هذه المعركة ولجأ معاوية في النهاية إلى حيلة عمرو بن العاص عندما أحس بقرب هزيمته فأمر جيشه برفع المصاحف على الرماح والتحكيم ووقف الحرب.
أثرت خديعة عمرو بن العاص وحصل اختلاف في جيش الإمام واضطروه إلى قبول التحكيم.
بدأت حرب صفين في شهر صفر من عام 37 هجري قمري واستمرت مدة 110 يوما. و مجموع القتلى في هذه المعركة هو 70000 شخصا وقتل من جيش معاوية 45000 نفر.) ولا شك أن الإمام الحسين ( عليه السلام ) انكسر عسكرياً في حربه ضد يزيد، لكنهما في الحقيقة انتصرا، فما وقع كان هزيمةً ظاهريةً ونصراً حقيقياً.
*****
إن سيد الشهداء ( عليه السلام ) هو الذي صان الإسلام وحفظه حتى وصل إلينا نحن الجالسين هنا.
*****
إن الإسلام عزيز لدرجة جعلت الأئمة ( عليهم السلام ) من أبناء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يضحون بأنفسهم من أجله. فسيد الشهداء ( عليه السلام ) قتل وأولئك الشبان والأنصار في سبيل الإسلام، فضحوا بأرواحهم وأحيوا الإسلام.
*****
لقد خاض سيد الشهداء ( عليه السلام ) غِمار النضال والجهاد ضد الحكومة الطاغوتية التي كانت قائمةً آنذاك، واستشهاده لم يَضُرَّ بالإسلام بل خدم الإسلام ودفع به إلى الإمام، فلولا شهادته لكان معاوية وابنه قد تمكنا من إظهار الإسلام للعالم بشكل آخر تحت ستار خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وتحت غطاء الذّهاب إلى المسجد وإقامة صلاة الجمعة وإقامة صلاة الجماعة وإمامتها.
كان معاوية وابنه يزعمان خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله )، وأن حكومتهما حكومة الإسلام، لكن محتوى حكمهما كان غير ذلك، فلا الحكومة حكومة إسلامية - من حيث المحتوى والجوهر - ولا الحاكم حاكم إسلامي.
ولما رأى سيد الشهداء ( عليه السلام ) ما يقوم به هؤلاء من دور لمحو الإسلام وإعادة الوضع إلى ما كان عليه في الجاهلية، وإظهار الإسلام وكأنه نظير لما كان سائداً من الأوضاع في الجاهلية، تحرك ( عليه السلام ) وأحبط مساعيهم.
*****

إن شهادة سيد الشهداء ( عليه السلام ) أحيت الدين، لقد استشهد هو وأحيى الإسلام ودفن النظام الطاغوتي لمعاوية وابنه يزيد، فشهادة سيد الشهداء ( عليه السلام ) لم تكن شيئاً مضراً بالإسلام، وإنما كانت لمصلحة الإسلام، فهي التي أحيته.
*****

لولا سيد الشهداء ( عليه السلام ) لاستطاع هؤلاء تقوية وتدعيم نظامهم الطاغوتي ولأعادوا الوضع إلى ما كان عليه في الجاهلية، لولا هذه الثورة المباركة لكنا أنا وأنتم الآن مسلمين من النوع الطاغوتي لا على النهج الحسيني... لقد أنقذ الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإسلام
*****
لقد تعرض الإمام الحسين ( سلام الله عليه ) للهزيمة عسكرياً إلاّ أنّ النصر النهائي كان من نصيبه، فخطُّه ونهجه لم يُهزما بمقتله، بل إن عدوه هو الذي ذاق الهزيمة، وكان نصيب الفناء، فقد كان معاوية يريد أن يحوّل حكومة الإسلام إلى حكومة إمبراطورية ملكية ويعيد الأمور إلى ما كانت عليه في عصر الجاهلية، فنهض الإمام سيد الشهداء ( عليه السلام ) وأفشل مساعيه، ودُفن يزيد وأتباعه وظلت لعائن الناس تلاحقهم إلى الأبد كما انصبت عليهم اللعنة الإلهية أيضاً.
إن سيد الشهداء ( عليه السلام ) قد أنقذ الإسلام ووفر له الوفاء والحماية على مدى الزمن.
*****

لقد ورد في الرواية أن الرسول ( صلى الله عليه وآله ) قال : " حسين مني وأنا من حسين ". ( روي عن الرسول الأكرم (ص) أنه قال : " حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً. حسينُ سبطُ من الأسباط " راجع الإرشاد للشيخ المفيد : ص 233. )
ومعنى ذلك أن الحسين ( عليه السلام ) سيكون امتداداً لي ويحيا الدين الذي أُرسلتُ به على يديه. كل هذه من بركات شهادته، رغم أن العدو أراد أن يمحو آثار النبي ( صلى الله عليه وآله )، فهم كانوا يقولون : "لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزِّل" ( راجع الهامش 20 و 52 ) كانوا يريدون قلع الإسلام من جذوره واستئصال بني هاشم وإقامة دولة عربية قومية.
*****
إن مجيء سيد الشهداء ( عليه السلام ) إلى مكة وخروجه منها ( غادر الإمام الحسين (ع) المدينة إلى مكة بعد أن امتنع عن مبايعة يزيد.
وبعد أن أقام أربعة أشهر في مكة تحرك نحو الكوفة بسبب الدعوات التي استلمها ( عليه السلام ) من أهل الكوفة وبيعتهم له والظروف التي أوجدها عمال يزيد في مكة، وغادرها في اليوم الثامن من ذي الحجة عام 60 هـ ق رغم إقامة مراسم الحج. وخرج الإمام من مكة في وقت كان يتوجه إليها المسلمون من مناطق مختلفة للمشاركة في المراسم العبادية السياسية للحج.) بتلك الحال يُعد حركةً سياسيةً كبيرةً. ففي الوقت الذي كان فيه الحجيج يدخلون مكة كان الحسين ( عليه السلام ) يغادرها، وهي حركةٌ سياسيةٌ، فكل سلوكات الحسين ( عليه السلام ) وأعماله كانت سياسية إسلامية، وهي التي قضت على بني أُمية، ولولا تلك التحركات لسحق الإسلام وانتهى.
*****
لقد ضحى الإمام الحسين ( عليه السلام ) بنفسه وبجميع أبنائه وأقربائه، فقوي الإسلام بشهادته.
*****
صحيح أن سيد الشهداء ( عليه السلام ) قد قُتل لكنه لم يُهزم ولم يندحر، بل إنه أَلحق الهزيمة النّكراء ببني أُمية بحيث أنه سلبهم القدرة على فعل أي شيء حتى النهاية.
لقد انتصر الدم على السيف انتصاراً ترون آثاره باقية حتى اليوم، حيث ظل النصر حليفاً لسيد الشهداء ( عليه السلام )، بينما الهزيمة ليزيد وأتباعه.
*****

كان سيد الشهداء ( عليه السلام ) على حق، ونهض بثلة قليلة من الأنصار ونال منـزلة الشهادة هو وأبناؤه لكنه أحيى الإسلام وأذلّ يزيد وبني أُمية.
*****
لقد نهض سيد الشهداء ( سلام الله عليه ) بعدد قليل من الأصحاب وثلة قليلة من أرحامه ومخدراته من نساء بني هاشم، ولأن قيامه كان لله فإنه حطّم تلك الحكومة الملكية، وصحيح أنه قُتل غير أنه قلع الحكم الملكي من الجذور، فقد كانت تلك الحكومات تحول الإسلام إلى سلطة طاغوتية ملكية.
*****

من يرد أن يعمل لله، فليس في عمله هزيمةٌ مطلقاً، ونحن حتى لو قتلنا فإننا لن نهزم
- فسيد الشهداء ( عليه السلام ) قتل أيضاً ولكن هل هزم؟ كلا، فلواؤه اليوم مرفرف خفاق في حين لم يبق ليزيد أثر يذكر.
*****
لولا نهضة سيد الشهداء ( عليه السلام ) لما استطعنا تحقيق النصر في ثورتنا هذه.
*****