رد: قطرات من بحر فضائل الإمام علي عليه السلام
101. قال رجلّ لإبن عباس: سبحان الله، ما أكثر فضائل عليّ بن أبي طالب ومناقبه، إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة، فقال إبن عباس: أولا تقول إنها إلى ثلاثين ألفاً أقرب (111).
102. عن محمّد بن منصور الطوسي يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الفضائل ما جاء لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (112).
103. عن الأعمش قال: بعث إليّ أبو جعفر الدوانيقي في جوف الليل أن أجب، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي، فقلت: ما بعث إليّ أمير المؤمنين في هذه الساعة إلاّ ليسألني عن فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ولعلني إن أخبرته قتلني.
قال: فكتبت وصيّتي، ولبست كفني، ودخلت عليه.
فقال: أدن منّي. فدنوت منه، وعنده عمر بن عبيد، فلمّا رأيته طابت نفسي شيئاً.
ثم قال: أدن فدنوت حتى كادت تمس ركبتي ركبته.
قال: فوجد رائحة الحنوط منّي، فقال: والله لتصدقني وإلاّ صلبتك. قلت: ما حاجتك يا أمير المؤمنين؟ قال: ما شأنك متحنطاً؟ قلت: أتاني رسولك في جوف الليل أن أجب، فقلت في نفسي: عسى أن يكون أمير المؤمنين بعث إليّ في هذه الساعة ليسألني عن فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ولعلني إن أخبرته قتلني، فكتبت وصيتي، ولبست كفني. قال: فكان متكئاً فاستوى جالساً، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم، أسألك الله يا سليمان، كم حديثاُ تروى في فضائل عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟
فقلت: يسيراً يا أمير المؤمنين. فقال: كم؟ قلت: عشرة آلاف حديث فما زاد. فقال لي: يا سليمان، والله لأحدّثك بحديث في فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) تنسى كلّ حديث سمعته (113).
104. قيل لإبن عباس: ما تقول في عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ فقال: ذكرت ـ والله ـ أحد الثقّلين، سبق بالشّهادتين، وصلّى القبلتين، وبايع البيعتين، وهو أبو السبطين، الحسن والحسين، ومن ردّت عليه الشّمس مرّتين، بعد ما غابت (عن العينين)، وجرّد السّيف تارتين، وهو صاحبّ الكرّتين، (وهما حرب بدر وحنين)، ذلك مولاي عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه (114).
105. يقول إبن أبي الحديد المعتزلي: فأما الجرحة التي جرحها يوم الخندق إلى عمرو بن عبدود فإنّها أجل من أن يقال جليلة، وأعظم من أن يقال عظيمة، وما هي إلاّ كما قال شيخنا أبو الهذيل وقد سأله سائل: أيما أعظم منزلة عند الله، علّي أم أبو بكر؟ فقال: يا بن أخي، والله لمبارزة علّي عمراً يوم الخندق تعدل أعمال المهاجرين والأنصار وطاعاتهم كلها، وتربي عليها، فضلاً عن أبي بكر وحده (115).
106. قال أبو بكر بن عيّاش: لقد ضرب علّي بن أبي طالب (عليه السلام) ضربة ما كان في الإسلام أيمن منها، ضربته عمراً يوم الخندق. ولقد ضرب علّي ضربة ما كان في الإسلام أشأم منها ـ يعني ضربة إبن ملجم لعنه الله (116).
107. عن محمّد بن عمر الواقدي، قال: كان هارون الرشيد يقعد للعلماء في يوم عرفة، فقعد ذات يوم وحضره الشافعي، وكان هاشمياً يقعد إلى جنبه، وحضر محمّد بن الحسن وأبو يوسف فقعدا بين يديه، وغصّ المجلس بأهله، فيهم سبعون رجلاً من أهل العلم، كل منهم يصلح أن يكون إمام صقع من الأصقاع. قال الواقدي: فدخلت في آخر الناس، فقال: الرشيد لم تأخّرت؟ فقلت: ما كان لإضاعة حق، ولكني شغلت بشغل عاقني عما أحبّبت. قال: فقّربني حتى أقعدني بين يديه، وقد خاض النّاس في كل فن من العلم، فقال الرشيد للشافعي: يا إبن عمي، كم تروي في فضائل عليّ بن أبي طالب؟ فقال: أربعمائة حديث وأكثر. فقال له: قل ولا تخف، قال: يبلغ خمسمائة أو يزيد.
ثم قال لمحمّد بن الحسن: كم تروي يا كوفي من فضائله؟ قال: نحو ألف حديث أو أكثر.
فأقبل على أبي يوسف فقال: كم تروي أنت يا كوفي من فضائله، أخبرني ولا تخش؟. قال: يا أمير المؤمنين، لو لا الخوف لكانت روايتنا في فضائله أكثر من أن تحصى.
قال: ممّ تخاف؟ قال: منك ومن عمّالك وأصحابك. قال: أنت آمن، فتكلّم وأخبرني كم فضيلة تروي فيه؟
قال: خمسة عشر ألف خبر مسند، وخمسة عشر ألف حديث مرسل.
قال الواقدي: فأقبل عليّ وقال: ما تعرف في ذلك أنت؟. فقلت مثل مقالة أبي يوسف، قال الرشيد: لكنّي أعرف له فضيلة رأيتها بعيني، وسمعتها بأذني، أجلّ من كلّ فضيلة تروونها أنتم، وإني لتائب إلى الله تعالى مّما كان منّي من أمر الطالبية ونسلهم (117).
108. قال إبن عباس: نزلت في عليّ أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه (118).
109. يقول إبن أبي الحديد المعتزلي: أما فضائله (عليه السلام)، فإنها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار مبلغاً يسمج معه التعرض لذكرها، والتصدي لتفضيلها؛ وما أقول في رجل أقر له أعداؤه وخصومه بالفضل، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؛ وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة، وتنتهي إليه كل فرقة، وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها (119).
110. عن أسيد بن صفوان ـ صاحبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لمّا كان اليوم الذي قبض فيه أمير المؤمنين إرتّج الموضع بالبكاء، ودهش النّاس كيوم قبض فيه النّبي (صلى الله عليه وآله)، وجاء رجلّ باك وهو متسرع مسترجع، وهو يقول: اليوم إنقطعت خلافة النّبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال:
رحمك الله يا أبا الحسن، كنت أول القوم إسلاماً، وأخلصهم ايماناً، وأشدّهم يقيناً، وأخوفهم لله عزّ وجل، وأعظمهم عناء، وأحوطهم على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وآمنهم على أصحابه، وأفضلهم مناقباً، وأكرمهم سوابقاً، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأشبههم به هدياً وخلقاً وسمتاً وفعلاً، وأشرفهم منزلة، و أكرمهم عليه، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيراً.
قويت حين ضعف أصحابه، وبرزت حين إستكانوا، ونهضت حين وهنوا، ولزمت منهاج رسوله إذ همّ أصحابه، كنت خليفته حقاً، لم تنازع، ولم تضرع برغم المنافقين، وغيظ الكافرين، وكره الحاسدين، وضغن الفاسقين، فقمت بالأمر حين فشلوا؛ شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم، فاقلعت وقد نهج السبيل، وسهل العسير، واطفأت النّيران، فاعتدل بك الدّين وقوى بك الإسلام والمؤمنون، وسبقت سبقاً بعيداً، وأتعبت من بعدك تعباً شديداً، فجللت عن البكاء، وعظمت رزّيتك في السّماء، وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضائه، وسلمنا لله أمره، فو الله لن يصاب المسلمون بمثلك أبداً، كنت للمؤمنين كهفاً حصيناً، وعلى الكافرين غلظة وغيظاً، فألحقك الله بنبيه، ولا حرّمنا أجرك، ولا أضّلنا بعدك، وسكت القوم حتى إنقضى كلامه، وبكى وأبكى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم طلبوه فلم يصادفوه (120).
|