حصل أحد موالي الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، الذين أعتقهم على ثروة لا بأس بها ، نتيج جهوده ونشاطه ... وفي بعض الأيَّام تعرَّض الإمام ( عليه السلام ) لضائقة ماليَّة شديدة ، فطلب مِن مولاه الذي أعتقه أنْ يُقرِضه مبلغاً مِن المال ، قدرُه عشرة آلاف درهم ، يدفعه إليه عند الاستطاعة ، فطلب المولى مِن الإمام سنداً أو وثيقة .
مَدَّ الإمام يده إلى طرف ردائه ، واستخرج هُدبَة خيط منه ، وقال له : ( هذه وثيقتي عندك ، إلى أنْ أرُدَّ إليك مالك ) .
ثقل على المُقرض أنْ يوافق على وثيقة كهذه ، ولكنَّه سلم المال نظراً إلى شخصيَّة الإمام ( عليه السلام ) وأخذ الهُدبة ووضعها في عُلبة صغيرة . ثمَّ وافق أنَّ الإمام تيسَّرت أُموره بعد مُدَّة قصيرة ، فردَّ المبلغ إلى صاحبه ... ثمَّ قال له : ( قد أحضرت إليك المبلغ ، فهات وثيقتي ) فقال مولاه له : جُعلت فِداك ضيَّعته .
قال : ( إذاً ، لا تأخذ مالك مِنِّي ، ليس مِثلي يُستَخفُّ بذِمَّته )
قال : فأخرج الرجل الحَقَّ ، فإذا فيه الهُدبة ، فأعطاه عليُّ بن الحسين ( عليه السلام ) الدراهم ، وأخذ الهُدبة فرمى بها وانصرف .
إنَّ خيطاً مِن رِداء لا قيمة له ، ولكنْ عندما يكون الخيط رمزاً لتعهُّدٍ ، صادرٍ مِن شخصٍ شريفٍ ، فإنَّ قيمته ترتفع ، إلى أنْ يُصبح وثيقة لدَين عن عشرات الآلاف ، مِن الدراهم والدنانير ، ويتقبَّله الدائن بكلِّ ثِقة واطمئنان.