رد: بحث تاريخي حول أربعينية الإمام الحسين عليه السلام
مناقشة رأي الشيخ البهائي
وأمَّا ما أورده من إشكال من أنَّ الحساب يقتضي أن يكون يوم الأربعين هو يوم التاسع عشر، فهو ليس تاماً؛ وذلك لأنَّه
أولاً
الحساب لو بدأناه من يوم العاشر لكان يوم الأربعين هو يوم التاسع عشر من صفر -كما أفاد الشيخ البهائي-، إلَّا أنَّ الحساب لا يكون كذلك؛ فنحن نقول: قد مضى أربعون يوماً من استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ومعنى ذلك أنَّ يوم استشهاده ليس محتسباً. وهكذا عندما تقول
هذا أول يومٍ من وفاة زيد
فإنَّ يوم وفاته غير محتسب، وإنَّما يبدأ الحساب من اليوم الذي يتعقَّبه فهو أول يوم من وفاته.
إذن فيكون الحادي عشر من محرَّم هو أوَّل يوم مضى من وفاة الإمام الحسين عليه السلام ويكون يوم العشرين من صفر هو يوم الأربعين
ثانيا
يمكن أن يُقال أنَّ مُحرَّم الذي استُشهد فيه الإمام الحسين عليه السلام لم يكن تاماًّ، بل كان تسعاً وعشرين يوماً، فعليه حتى لو احتسبنا يوم العاشر هو أوَّل يوم، فعندئذٍ سوف يكون يوم الأربعين هو يوم العشرين من صفر؛ وذلك بإعتبار نقصان شهر محرم الذي استُشهد فيه الإمام الحسين عليه السلام (5)
هذا احتمالٌ طبعا
ثمَّة جواب ثالث، وهو أنَّه لا يصحُّ احتساب يوم العاشر؛ وذلك لأنَّ الحسين الشهيد عليه السلام قد استُشهد في آخر نهار يوم العاشر تعلمون أنَّ الحسين عليه السلام قُتل في آخر نهار اليوم العاشر، ولم يُقتل في أوائل نهار يوم العاشر ، لذلك فإنَّ يوم العاشر ليس محتسباً على أيِّ حال (6)
خلاصة الرأي الصحيح
العمدة في الجواب هو الجواب الأول الذي ذكرناه، والجوابان الآخران مؤيِّدان لما ذكرناه. وعلى أيِّ حال، يكفينا في ذلك اتفاق الطائفة على أنَّ يوم الزيارة في يوم الأربعين هو يوم العشرين من صفر. فعليه يكون قول الشيخ البهائي قدس سره الشريف قولاً شاذاًّ، لا يُعوَّلُ عليه في مقابل القول الآخر الذي يمكن أن يُدَّعى الإجماع على اعتماده. هذه هي المسألة الثانية
المسألة الثالثة
هل وردت قافلة السبايا أرض كربلاء في يوم الأربعين؟
وهل التقت بجابر الأنصاري في هذا اليوم؟
أما المسألة الثالثة
وهي الأساسية ، فهي أنَّه بعد أن سلَّمنا أنَّ يوم الأربعين هو يوم الزيارة، وأنَّ أهل البيت عليهم السلام أكَّدوا على استحباب زيارة الحسين الشهيد عليه السلام في هذا اليوم، يقع البحث عن منشأ استحباب الزيارة
وهل هو ورود أهل البيت عليهم السلام وقافلة الحسين عليه السلام إلى كربلاء يوم الأربعين؟
المشتهر بين الناس هو أنَّ منشأ استحباب زيارة الحسين عليه السلام يوم الأربعين هو أنَّ السبايا وقافلة والحسين عليه السلام قد رجعت من الشام إلى كربلاء، ووصلت يوم الأربعين، لذلك استُحِبَّت زيارة الحسين يوم الأربعين.
واشتهر بين الناس أنَّه تصادفَ مجيء قافلة الحسين عليه السلام ووصولهم لكربلاء مع مجيء الصحابيّ الجليل جابر بن عبدالله الانصاري قدس الله نفسه الزكية
الجواب نستبعد ذلك هذا الكلام مستبعدٌ جداًّ.
نعم، نحن نُسلِّم بأنَّ جابر بن عبد الله الأنصاري قد زار الإمام الحسين يوم الاربعين (7) ، تبعاً لما أفاده الكثير من علمائنا، وقد أوردوا الكيفية التي زار بها جابر الإمام الحسين عليه السلام ، وأنَّه اغتسل وألقى على نفسه الطِّيب، ثم خطا خطوات قصيرة إلى أن وصل القبر الشريف، وخاطب الإمام الحسين بقوله: يا حسين، حبيبٌ لا يُجيب حبيبه (8) ثم أبَّن الحسين تأبينا مُؤثِّرا جداً، وبعد ذلك زار الحسين بزيارة معروفة رواها عنه عطية العوفي -رحمه الله-، وهو من الرواة الثقاة الأجلَّاء. هذا المقدار وردت فيه رواية, وأمَّا مجيء أهل البيت عليه السلام وقافلة الحسين يوم الأربعين، وأنَّ رأس الحسين قد رُدَّ إلى القبر الشريف يوم الأربعين، فهذا هو الذي لم يثبت وإن كان مشتهراً بين الناس ، فليكن ذلك واضحاً


__________________
اللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً بِرحمتِك يا اَرْحَمَ الرّاحِمين
|