.,.,.ســــــــــــــــــــــــــــــــورة الــــــــــــــبــــــــــــــــــــلــــــــــــ ـــــــد.,.,.
{فـــــــــــــضـــــــــــــــلـــــــــــــــــــ ــــهـــــــــــــــــا}
عن الامام الصادق عليه السلام أنه قال :" من كان قرائته في فريضة ( لا أقسم بهذا البلد)
كان في الدنيا معروفاً أنه كان من الصالحين, و كان في الآخرة معروفاً أن
له من الله مكاناً".
{تــــــــــــــــفـــــــــــســـــــــــيــــــــ رهـــــــــــــا}
لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1)
يُقسم سبحانه و تعالى في هذه الآية الكريمة بالبلد
أي "مكة المكرمة" الذي يَضُمّ أشرف بيتٍ وضع للناس
مباركاً, و بأعظم نبي ولد فيها, و أُرسِلَ رحمةً للعالمين.
وَأَنتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ(2)
الخطاب هنا موجّه للنبي محمد (ص),
و حِلٌّ أي حالٌ و مقيمٌ,
و أنّ هذا البلد (أي مكة) قد زاد رفعةً بمولدكَ و إقامتكَ فيه.
وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(3)
و يُقسم سبحانه بالنبي آدم عليه السلام و ما ولد
من الأنبياء و الأوصياء.
لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي كَبَدٍ(4)
هذا هو جواب القسم..
و كبد أي التعب و الشّدة و المشقّة.
و المعنى أن الله سبحانه و تعالى خلق الانسان كادحاً
يتصارع مع ميوله و رغباته, و مع أتعاب الحياة و شدائدها,
ثم بعد هذا يُقاسي سكرات الموت, و ظلمة القبر و وحشته,
ثم أهوال القيامة و العرض على الله لنقاش الحساب عما قال و فعل.
أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ(5)
أَيَظُنُّ الانسان أنّه قد بلغ من القوة و المنعة الى حيث
لا يقدر عليه أحد كائناً من كان, و ينسى أنه خُلِقَ
ضعيفاً يُقاسي الأهوال و الشدائد, و أنّه مكتوم الأجل,
مكنون العلل,محفوظ العمل؟؟.
يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالا لُّبَدًا(6)
لُبَداً أي كثيراً,
و المقصود بهذه الآية الكريمة هو الانسان الغني الذي يُنفق
أمواله للشهرة و حسن الأحدوثة, و يُمسكُ عن الانفاق في
سبيل الله و الخير. و الذي عندما يُسأل:
"لماذا لا تنفق في سبيل الله؟"
يكون جوابه:
"انا أُنفق الكثير حتى أوشك مالي على النفاد و الهلاك!!!"
أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُ أَحَدٌ(7)
أيظُنُّ هذا المفتون بالشهرة و الظهور أنّ الله
غافل عنه و عن أعماله و أهدافه؟؟
و أنّ الله لن يسألك و يحاسبك عن مالك فيما اكتسبته و كيف صرفته؟؟.
أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ(8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ(9)
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ(10)
بلى أيّها الانسان الغافل,,فإنّك مسؤؤل و محاسب,
و سيُحاسبك الذي جعل لك هذه الأعضاء,و الذي
أنعم عليك بنعمة البصر و نعمة الكلام, و نعمة العقل و القجرة على الادراك
و التمييز بين الخير و الشر.
فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12)
اقتحم الشيء أي دخل فيه بقوة,
و العقبة هي الطريق الصعب,و المراد بها هنا الأعمال الصالحة
لأنها تحتاج الى جهد و جهاد, و صبر على المشاق, و الى كبح
الميول و الرغبات.
فَكُّ رَقَبَةٍ(13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ(14)
يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ(15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ(16)
ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17)
المسبغة هي المجاعة,
و المقربة أي القرابة في النسب,
و المتربة هي الفقر الشديد حيث يبلغ بصاحبه
ان يفترش التراب, و التواصي بالصبر أي أن يوصي
المؤمنون بعضهم بعضاً بالصبر على الجهاد لإحقاق الحق,
و رفض الاستسلام للباطل,و أيضاً أن يتواصوا بالرحمة,
و هي المواساة و حب الانسان لأخيه ما يحبه
لنفسه.و مجمل المعنى أن الذي أنفق أمواله حبّاً
بالشهرة و الظهور لم يتجاوز العقبة التي بينه و بين النجاة
من العذاب و الهلاك, بل هو أخسر الناس صفقة و من
أكثرهم عذاباً, و لو أنه أنفق في سبيل الله و كان من
الذين تواصوا بالصبر و الرحمة لتجاوز تلك العقبة,
و كان في أمن و أمان من غضب الله و عذابه.
أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18)
أولئك اشارة الى الذين آمنوا و أنفقوا و تواصوا بالصبر و المرحمة,
و اصحاب الميمنة هم الميامين الأخيار الذين يُعطون كتب
الأمان و السعادة بأيمانهم.
وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ(19)
عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ (20)
أصحاب المشئمة هم المشؤومون الأشرار الذين يُعطون
كتب الخزي و الشقاء بشمائلهم و من وراء ظهورهم,
و يساقون الى جهنم زمراً حتى اذا جاءوها فتحت لهم أبوابها,
فإذا دخلوها أُطبِقت عليهم الى ما لا نهاية.
صَدَقَ اللهُ العَلِيُّ العَظِيْم