بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف نعيش ذكرى الحسين عليه السلام دوماً؟
1- حاول أن تعيش المأساة في شهر محرم الحرام بكل أبعادها وكأنك تعيشها.
2- عليك أن توحي لنفسك باستمرار أن الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته كانوا بشراً مثلنا ولكنهم رغم ذلك ارتفعوا إلى هذا المستوى من الشجاعة والتضحية والفداء، فلقد استشهد جميع أعزة الحسين عليه السلام أمام ناظريه إلا أنه كان كما يقول الراوي: فوالله ما رأيت مفجوعاً قط كالحسين كلما أصيب بمصيبة ازداد عزماً وقوة. وهذه هي الشجاعة الحقيقية التي هي أن تقتحم الموت خطوة فخطوة بكل إيمان وعزم دون أن تتردد لحظة واحدة.
وقد كان الإمام الحسين عليه السلام إلى آخر لحظة من لحظات حياته شديدة العزم حتى وهو واقع على تراب كربلاء يعالج الموت في اللحظات الأخيرة. فلنتعلم الشجاعة منه عليه السلام ، فمن العار علينا أن لا نكون شجعان ونحن ندّعي السير على دربه، وانتهاج نهجه، فلنسأل أنفسنا: لماذا كان الحسين عليه السلام شجاعاً، بل لماذا كان القاسم بن الحسن بتلك الدرجة الرفيعة من البطولة دفعته إلى أن يقول للإمام الحسين عليه السلام حينما سأله: يا بني كيف الموت عندك؟ قال: يا عم، أحلى من العسل.22
وهكذا الحال بالنسبة إلى الآخرين من أهل البيت، فما الذي جعل علياً الأكبر شجاعاً، وما الذي جعل العباس وفياً، وما الذي دفع زينب إلى أن تكون صبورة؟
فلنسأل أنفسنا: كيف نسير في دربهم حتى نصل إلى هذه النتيجة، كيف نربي هذه الشجاعة والإيمان والوفاء في أنفسنا؟ كيف نتصل بنور الله سبحانه وتعالى، حتى نصبح مثل الحسين وأصحابه وأهل بيته؟
3- علينا أن نتعرف على فلسفة الحسين عليه السلام ، أي الفكر الذي يلخّص كل هذه المأساة. إن فلسفته عليه السلام تتمثل في أنه تنازل عن ذاته من أجل هدفه حتى أصبح المثال الأكمل في هذا المجال، ونحن أيضاً يجب أن لا نفكر في أنفسنا، فهناك الكثير من الناس يجعلون أنفسهم جزء من قضيتهم، فيسيرون بذلك على معادلة خاطئة ويتشدقون واهمين أنهم هم الذي يطبقون الحكومة الإسلامية، وأنهم هم الذي يجسدون تطلعات الأمة، وبذلك يتحول هدفهم من هدف مجرد عن الذات إلى هدف ممزوج بها، فيبتعدون عن تعريض أنفسهم للمشاكل والصعوبات لأنهم -حسب زعمهم- يتصورون أنهم إذا أصابهم قرح فإن الأمة ستفقد الذي يطبق حكم الله في الأرض، وتخسر الذي ينصح الناس ويعظهم، وهكذا تراهم دوماً وأبداً يبعدون أنفسهم عن الجهاد، ويعتبرون المحافظة على أنفسهم أهم من المحافظة على الدين!
ومن هنا فإن الإمام الحسين عليه السلام هو بطل هذه المعادلة ، فلقد عرف كيف يقول (لا) لنفسه. فعندما عرف عليه السلام أن شهادته هي الطريق إلى تطبيق حكم الله لم يطرح نفسه رغم أنه إمام الأمة بنص رسول الله (ص) : (الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا)23، فمع أنه عليه السلام كان يعلم أنه الإمام الحقيقي للأمة، ولكنك تراه يندفع إلى التضحية بنفسه، وبما يملك من أجل الدين، ذلك لأن الدين أهم من الإنسان وإن كان هذا الإنسان متمثلاً في الحسين عليه السلام ، فكيف بي وبك؟
وهكذا فإن علينا في كثير من الأحيان أن نتجرد عن ذاتنا، وأن نواجه المخاطر والصعوبات بكل رحابة صدر، إذ ليس من المعقول أن يحتفظ الواحد منا بنفسه وأهله وأولاده وماله بحجة أنه يمثل الدين، كلا ، فالإنسان لا يكون متديناً إلا عندما يتجرد عن ذاته.
وهكذا فإن المأساة ينبغي أن تفتح الطرق إلى قلبك، أما إذا برّرت الأمور بطريقة ما وقلت أن الإمام الحسين عليه السلام كان إماماً وأنا لست إماماً، وأنه عاش في زمان غير زماني وما شاكل ذلك من التبريرات الواهية، فإنك ستحرم نفسك من دروس وعبر هذه الملحمة التاريخية.
وليس لا يقاومون الظلم والاستكبار فقط، وإنما يحذرون الناس ويشيعون بينهم أفكاراً سلبية وانهزامية، وما الأمثلة الجاهلية الشائعة حتى اليوم بين الطبقات المحرومة إلا من بقايا ثقافة وعاظ السلاطين وخول الطغاة من المتثقفين الخونة وأدعياء الدين السفلة
__________________
اللّـهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه
في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً
وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً
بِرحمتِك يا اَرْحَمَ الرّاحِمين