بسم الله الرحمن الرحيم
الْلَّهُم صَل عَلَى مُحَمَّد وَّآل مُحَمَّد وَعَجِّل فَرَجَهُم
وَالْعَن اعْدَائِهِم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا
وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
عن زرارة، عن ابي جعفر الباقر(ع) قال:
«كتب الحسين بن علي(ع) من مكة الي محمّد بن
الحنفية:
بسم الله الرحمن الرحيم،
من الحسين بن علي الي محمد بن علي ومَن قبله
منبنيهاشم:
امّا بعد: فانّ من لحق بي استشهد،
ومَن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام».
تتضمن هذه الرسالة الموجزة اربع قضايا اساسيّة وثابتة
في ثورةالامام الحسين(ع).
وهذه القضايا الاربع هي:
1 ـ حتميّة الشهادة في هذه الثورة لمن يخرج
مع الحسين(ع) «انّ مَنلحق بي استشهد).
2 ـ حتميّة الفتح لمن حضر مع الحسين(ع)
كربلاء.
نعرف هذه الحتميّة من مفهوم هذه الكلمة
«ومَن لم يلحق لم يدركالفتح» فهي واضحة
في انّ مَن لحق الحسين(ع) في هذه الحركة
يدركالفتح.
3 ـ العلاقة بين الفتح والشهادة.
هذا الفتح يناله مَن يخرج مع الحسين(ع)
بالشهادة .
4 ـ لن يتكرّر هذا الفتح مرة اُخري
«ومَن لم يلحق بي لم يدرك الفتح»وفيما يلي
سوف نتحدث ان شاء الله عن هذه القضايا
الاربع.
1 ـ حتميّة الشهادة:
من ابرز سمات ثورة الامام الحسين(ع)
الدعوة الي الشهادة،والاستماتة في سبيل الله،
ولم يزل الحسين(ع) منذ ان غادر مكة اليالعراق،
الي يوم عاشوراء، يؤكّد لمَن يلقاه،
ولمَن يصحبه انّ سبيله وسبيل
مَن يصحبه الموت.
ومهما شكّ الانسان في شان من شؤون هذه
الثورة الفريدة فيالتاريخ فلن يشكّ انّ الحسين
كان ينعي نفسه اءلي الناس في خروجه اليالعراق،
وكان يعلن الي الناس انّ سبيل مَن يخرج معه
الشهادة لا محالة،وانّ مَن يخرج معه
لن تتخطّاه الشهادة.
روي اصحاب السيّر انّ الحسين(ع) لما اراد الخروج
الي العراق قامخطيباً فقال:
«خُطّ الموت علي ولد ا´دم مخطّ القلادة علي جيد الفتاة،
وما اولهني الي اسلافياشتياق يعقوب الي يوسف،
وخيرٌ لي مصرع انا لا قيه».
والامام(ع) في هذه الخطبة ينعي نفسه الي الناس،
ويفتح خطابه للناس بالتعريف علي الموت.
ثم يدعو الناس اءلي الخروج معه، ويطلب منهم مهجهم
وان يوطّنواانفسهم في الخروج معه للقاء الله.
«.. من كان باذلاً فينا مهجته، موطّناً علي لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فانّي راحل مصبحاً اءن شاء الله».
روي السيد ابن طاووس في (اللهوف) بالاسناد
عن ابي عبدالله الصادق(ع)، قال:
سار محمد بن الحنفيّة الي الحسين(ع)
في الليلة التي ارادالخروج في صبيحتها عن مكة، فقال:
يا اخي، ان اهل الكوفة مَن عرفتغدرهم بابيك واخيك،
وقد خفت ان يكون حالك كحال مَن مضي
، فان رايت ان تقيم، فانّك اعزّ مَن في الحرم وامنعه.
فقال (ع):
«يا اخي، قد خفت ان يغتالني يزيد بن معاوية
في الحرم فاكون الذي يُستباح به حرمة هذا البيت».
فقال له ابن الحنفيّة:
فان خفت ذلك فسر الي اليمن او بعض نواحيالبرّ،
فانّك امنع الناس به ولا يقدر عليك احد، قال(ع):
انظر فيما قلت،
ولمّا كانالسحر ارتحل الحسين (ع) فبلغ ذلك ابن الحنفية،
فاتاه فاخذ زمام ناقتهالتي ركبها، فقال له: يا اخي،
الم تعدني النظر فيما سالتك؟
قال(ع):: بلي.
قال: فما حداك علي الخروج عاجلاً؟
قال(ع): «اتاني رسول الله(ص) بعد ما فارقتك
في المنام فقال: يا حسين(ع)اُخرج فانّ الله قد شاء
ان يراك قتيلاً».
فقال ابن الحنفيّة: انّا لله واءنّا اليه راجعون،
فما معني حملك هؤلاءالنساء معك،
وانت تخرج علي مثل هذه الحال؟
فقال له(ع):
«قد قال لي: انّ الله قد شاء ان يراهنّ سبايا»،
وسلّم عليه ومضي.
ونصح الحسين(ع) نفر ممّن كان الحسين(ع)
لا يشكّ في صدقهم فيالنصيحة، وفهمهم للحالة السياسية
في العراق ان لا يذهب الي العراق، وانماله في العراق
ومال اصحابه واهل بيته القتل.
وكان الحسين(ع) يجزيهم خيراً علي صدق النصيحة،
ثم لا ينثني عنعزمه، ونحن لا نشكّ في صدق
هؤلاء النفر، وانّ الحسين(ع) كان لايتّهمهم
في نصيحتهم، وانّ الامر في العراق كان كما
يتوقعه هؤلاء.
ونعتقد انّ ما كان يتوقّعه هؤلاء من تخاذل الناس
في العراق عننصرته، لم يكن يخفي' علي الحسين(ع)،
ولكن الحسين(ع) كان يري ما لايرونه ويعرف
ما لا يعرفونه.
لقد كان الحسين(ع) يري ان لا سبيل له للقضاء
علي فتنة بني اُمية التيطالت هذا الدين وهذه الاُمة
الاّ بقتله وقتل مَن معه من اهل بيته واصحابه،
وكان يعرف هذه الحقيقة بوضوح، ولم يكن يشكّ في ذلك.
وهذا ما كانيخفي علي اُولئك النفر الذين كانوا
ينصحون الحسين(ع) الاّ يغترّ بكتب اهل العراق
ودعوتهم له ـ ولم يكن بوسع الحسين(ع)
ان يفصح لهم عمّايراه ويعرفه.
وا´خر مرّة اعلن الحسين(ع) لاهل بيته واصحابه
ان مالهم الشهادة،ليلة العاشر من محرّم،
جمع الحسين(ع) اصحابه وخطب فيهم،
واحلّهم منبيعته وقال(ع): لهم:
«ذروني وهؤلاء القوم فانّهم لا يطلبون غيري،
ولو اصابونيوقدروا علي قتلي لما طلبوكم».
فلمّا توثّق من عزمهم علي الشهادة معه قال لهم:
«اءنّكم تقتلون عذراً، كذلك، لا يفلت منكم رجل قالوا:
الحمدالله الذي شرّفنا بالقتل معك».
اجل، انّ مَن يقرا سيرة الحسين(ع) من المدينة
الي كربلاء من دونمسبقات ذهنيّة لا يشكّ في
انّ الحسين(ع) لم يكن يطمع في مسيرته
هذهبالحكم والسلطان، ولم يكن يتوقع في هذه المسيرة
غير القتل والسبي له ولمَن معه من انصاره ولاهل بيته
وحرمه ونسائه.
ولم يكن العبادلة الاربعة: (عبدالله بن مسعود،
عبدالله بن عباس،وعبدالله بن عمر، وعبدالله بن الزبير)
الذين نصحوا الحسين بالاعراضعن العراق
اعرف من الحسين واخبر منه بحال العراق
وحال الناس فيالعراق في هذه الفترة.
وهذه السمة كما ذكرت هي ابرز معالم وسمات
عاشوراء، واءلغاء هذهالسمة هو تجريد عاشوراء
من قيمتها التاريخية الكبيرة.
اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد ، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العنهم جميعاً
وصّلى الله على محمد وآل محمد وعجلّ فرجهم
وأهلك عدوّهم
يُتبع أن شاء الله....
دمتم ودمنا عشاقاً للحسين...
في أمان الله وحفظه