خطبة فاطمة الزهراء (عليها السلام) أمام نساء المهاجرين والانصار
عن عبد الله بن الحسن ، عن أمه فاطمة بنت الحسين ( عليه السلام ) قالت :
لما اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وغلبها ، اجتمع
عندها نساء المهاجرين والأنصار ، فقلن لها : يا بنت رسول الله ، كيف أصبحت
عن علتك ؟ فقالت (عليها السلام):
( أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالبة لرجالكم ، لفظتهم قبل أن عجمتهم
وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فَقُبحا لفلول الحد ، وخور القناة ، وخطل الرأي ،
و بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ، لا
جرم لقد قلدتهم ربقتها ، وشننت عليهم غارها فجدعاً وعقراً وسحقاً للقوم
الظالمين .
ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة ، ومهبط الوحي الأمين
، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما نقموا من
أبي الحسن ، نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدة وطئه ، ونكال وقعته ،
وتنمره في ذات الله عزوجل .
والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله ( صلى الله عليه آله ) إليه لا
عتلقه ، ولسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ،
ولاوردهم منهلا نميرا فضفاضا تطفح ضفتاه ولاصدرهم بطانا ، قد تحير بهم
الري غير متحل منه بطائل إلا بغمر الماء وردعة شررة الساغب ، ولفتحت عليهم
بركات من السماء والارض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون .
ألا هلم فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب ، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث إلى
أي سناد استندوا ، وبأي عروة تمسكوا ، استبدلوا الذنابى والله بالقوادم
والعجز بالكاهل .
فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا
يشعرون ، أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدى فمالكم
كيف تحكمون .
أما لعمر إلهك لقد لقحت فنظره ريث ما تنتج ثم احتلبوا طلاع القعب دما
عبيطا ، وذعافا ممقرا ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون ، غب ما سن
الأولون ، ثم طيبوا عن أنفسكم أنفسا ، وطأمنوا للفتنة جأشا ، وأبشروا بسيف
صارم ، وهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيدا ، وزرعكم حصيدا
، فياحسرتى لكم ، وأنى بكم ، وقد عميت قلوبكم عليكم أنلزمكموها وأنتم لها
كارهون .
|