اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم أخواتي الفاطميات المؤمنات....
ورحمة الله وبركاته
عجلّ الله تعالى فرج إمامنا وسيدنا الشريف وسهل
مخرجه وقيامه المبارك
وجعلنا وإياكم من الطائعين والمخلصين له ومن
المستشهدين بين يديه الشريفة الكريمة

ينبغي أن نشير هنا إلى خريطة مسيره
المبارك في قيامه الأغرّ الذي يمكن تخطيطه بالأحاديث الشريفة من البدء إلى استقرار دولته الكريمة ، في المراحل الثلاثة التالية:
1 ـ اصلاحاته في مكّة المكرّمة.
2 ـ التوجّه إلى المدينة المنوّرة.
3 ـ الكوفة عاصمته المباركة.
المرحلة الأولى: مكّة المكرّمة
المستفاد من بعض الأحاديث، أن مكّة تستسلم
له (عليه السلام) ويسيطر الامام
على البلدة بكاملها.
ويستفاد هذا من قوله (عليه السلام)
في النص الذي عبّر بالاطاعة بعد سؤال
الراوي: فما يصنع بأهل مكّة ؟
قال:« يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة
فيطيعونه، ويستخلف فيهم رجلاً من
أهل بيته » (1).
ويدل الحديث الصادقي على أنه (عليه السلام) يردّ المسجد الحرام إلى أساسه
الذي حدّه النبي ابراهيم (عليه السلام)،
وهو الحزْوَرَة (2).
ويردّ المقام إلى الموضع الذي كان
فيه بجوار الكعبة
(3).
كما ينادي مناديه أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف
كما في الحديث الشريف (4).
فيفسح صاحب الطواف المستحب المجال
لصاحب الطواف الواجب، ويتقدّم ذلك لطوافه واستلام الحجر في سبيل راحة الطواف،
وعدم الازدحام، وسهولة إنجاز مناسك
الحج.ثم بعد انجازاته الموفّقة في مكة
المكرّمة
ونصب وال من قبله هناك يتوجّه إلى
مدينة جدّه الرسول
الأكرم (صلى الله عليه وآله) (5).

المرحلة الثانية: المدينة المنوّرة
للامام المهدي (عليه السلام) شأن عظيم في المدينة المنورة ، نشير إليه بحديث المفضّل
الجعفي عن الامام الصادق (عليه السلام)
الذي يبيّن سرور المؤمنين، وخزي الكافرين،
وأخذ الثأر من الظالمين، في مُقامه
(عليه السلام) هناك.
جاء فيه:
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ
إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ (عليه السلام) :
« إِلَى مَدِينَةِ جَدِّي رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله) فَإِذَا وَرَدَهَا كَانَ
لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ،
وَ خِزْيُ الْكَافِرِينَ.
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي مَا هُوَ ذَاكَ ؟
قَالَ يَرِدُ إِلَى قَبْرِ جَدِّهِ (صلى الله عليه وآله) فَيَقُولُ :
يَامَعَاشِرَ الْخَلاَئِقِ ! هَذَا قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله) ؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ ، يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد.
فَيَقُولُ: وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ ؟
فَيَقُولُونَ : صَاحِبَاهُ وَ ضَجِيعَاهُ أَبُو
بَكْر وَ عُمَرُ.
فَيَقُولُ ـ وَ هُوَ (عليه السلام) أَعْلَمُ بِهِمَا
وَ الْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ ـ :
مَنْ أَبُو بَكْر وَ عُمَرُ، وَ كَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْنِ
الْخَلْقِ مَعَ جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
وَ عَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.
فَيَقُولُ النَّاسُ:
يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)
مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ
لاَِنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وآله وسلم وَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ.
فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَث: أَخْرِجُوهُمَا
مِنْ قَبْرَيْهِمَا.
فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا
وَ لَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا.
فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ؟
فَيَقُولُونَ : نَعْرِفُهُمَا بِالصِّفَةِ، وَ لَيْسَ ضَجِيعَا
جَدِّكَ غَيْرَهُمَا
فَيَقُولُ : هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أَوْ يَشُكُّ فِيهِمَا ؟
فَيَقُولُونَ: لاَ.
فَيُؤَخِّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أَيَّام ثُمَّ.
يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي النَّاسِ وَ يَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ
وَ يَكْشِفُ الْجُدْرَانَ عَنِ الْقَبْرَيْنِ، وَ يَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَ انْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا
فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشِفُ
عَنْهُمَا أَكْفَانَهُمَا وَ يَأْمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَة
يَابِسَة نَخِرَة فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ
وَ تُورِقُ وَ يَطُولُ فَرْعُهَا.
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أَهْلِ وَلاَيَتِهِمَا:
هَذَا وَ اللهِ الشَّرَفُ حَقّاً، وَ لَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا
وَ وَلاَيَتِهِمَا.
وَ يُخْبِرُ مَنْ أَخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ
مِقْيَاسُ حَبَّة مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَ وَلاَيَتِهِمَا
فَيَحْضُرُونَهُمَا وَ يَرَوْنَهُمَا وَ يُفْتَنُونَ بِهِمَا.
وَ يُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيِّ (عليه السلام)
كُلُّ مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَ ضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَرِدْ جَانِباً فَتَتَجَزَّأُ
الْخَلْقُ جُزْءَيْنِ أَحَدُهُمَا مُوَال وَ الآْخَرُ
مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرِضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أَوْلِيَائِهِمَا
الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا.
فَيَقُولُونَ يَا مَهْدِيَّ آلِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأْ مِنْهُمَا، وَ لَسْنَا نَعْلَمُ
أَنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَ عِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ
وَ هَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أَ نَتَبَرَّأُ السَّاعَةَ
مِنْهُمَا وَ قَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأَيْنَا فِي
هَذَا الْوَقْتِ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَ غَضَاضَتِهِمَا
وَ حَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا ؟ بَلْ وَ اللهِ نَتَبَرَّأُ مِنْكَ،
وَ مِمَّنْ آمَنَ بِكَ، وَ مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا،
وَ مَنْ صَلَبَهُمَا وَ أَخْرَجَهُمَا وَ فَعَلَ بِهِمَا
مَا فَعَلَ فَيَأْمُرُ الْمَهْدِيُّ (عليه السلام)
رِيحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ
كَأَعْجَازِ نَخْل خَاوِيَة.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَنِ إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا
بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى وَ يَأْمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاِجْتِمَاعِ.
ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُلِّ كُور
وَ دُور.
وَ إِشْعَالَ النَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام) لاِِحْرَاقِهِمْ بِهَا.
وَ ضَرْبَ يَدِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ،
وَ رَفْسَ بَطْنِهَا، وَ إِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً.
وَ سَمَّ الْحَسَنِ (عليه السلام) وَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَ ذَبْحَ أَطْفَالِهِ وَ بَنِي عَمِّهِ
وَ أَنْصَارِهِ وَ سَبْيَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله).
وَ إِرَاقَةَ دِمَاءِ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)
وَ كُلِّ دَم سُفِكَ، وَ كُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً،
وَ كُلَّ رَيْن وَ خُبْث وَ فَاحِشَة وَ إِثْم وَ ظُلْم
وَ جَوْر وَ غَشْم.
كُلُّ ذَلِكَ يُعَدِّدُهُ (عليه السلام) عَلَيْهِمَا
وَ يُلْزِمُهُمَا إِيَّاهُ فَيَعْتَرِفَانِ بِهِ.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي
ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِمِ مَنْ حَضَرَ.
ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَ يَأْمُرُ نَاراً
تَخْرُجُ مِنَ الاَْرْضِ فَتُحْرِقُهُمَا وَ الشَّجَرَةَ،
ثُمَّ يَأْمُرُ رِيحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً.
ثمّ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ ـ يَا مُفَضَّلُ ـ إِلَيْنَا مَعَاشِرَ
الاَْئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُْمَّةِ بَعْدَهُ
وَ مَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَ الرَّدِّ عَلَيْنَا وَ سَبْيِنَا
وَ لَعْنِنَا وَ تَخْوِيفِنَا بِالْقَتْلِ وَ قَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ
الْوُلاَةِ لاُِمُورِهِمْ مِنْ دُونِ الاُْمَّةِ
بِتَرْحِيلِنَا عَنِ الْحُرْمَةِ إِلَى دَارِ مُلْكِهِمْ
وَ قَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمِّ وَ الْحَبْسِ فَيَبْكِي
رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
وَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ
بِجِدِّكُمْ قَبْلَكُمْ.
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ (عليها السلام) وَ تَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أَبِي بَكْر وَ عُمَرَ، وَ أَخْذِ فَدَكَ مِنْهَا، وَ مَشْيِهَا إِلَيْهِ
فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الاَْنْصَارِ،
وَ خِطَابِهَا لَهُ فِي أَمْرِ فَدَكَ وَ مَا رَدَّ عَلَيْهَا
مِنْ قَوْلِهِ:
إِنَّ الاَْنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ ، وَ احْتِجَاجِهَا بِقَوْلِ
زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى (عليهما السلام) وَ قِصَّةِ دَاوُدَ
وَ سُلَيْمَانَ (عليهما السلام) .
وَ قَوْلِ عُمَرَ هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ
أَنَّ أَبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَ إِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ،
وَ أَخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، وَ نَشْرِهِ لَهَا عَلَى
رُءُوسِ الاَْشْهَادِ مِنْ قُرَيْش وَ الْمُهَاجِرِينَ
وَ الاَْنْصَارِ وَ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَ تَفْلِهِ فِيهَا،
وَ تَمْزِيقِهِ إِيَّاهَا، وَ بُكَائِهَا وَ رُجُوعِهَا
إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
بَاكِيَةً حَزِينَةً تَمْشِي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أَقْلَقَتْهَا،
وَ اسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَ بِأَبِيهَا رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله)،
وَ تَمَثُّلِهَا بِقَوْلِ رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِيّ:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ إِنَّا
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُرِ الْخَطْبُ
فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَْرْضِ وَابِلَهَا أَبْدَتْ
وَ اخْتَلَّ أَهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا
رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورِهِمْ لِكُلِّ
لَمَّا نَأَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ
قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَ مَنْزِلَةٌ يَا لَيْتَ
عِنْدَ الاِْلَهِ عَلَى الاَْدْنَيْنَ مُقْتَرِبٌ أَمَلُوا
قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا
أُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
يا مولاي شقي من خالفكم و سعد من أطاعكم فاشهد
على ما أشهدتك عليه و أنا ولي لك بريء من عدوك
فالحق ما رضيتموه و الباطل ما سخطتموه و المعروف
ما أمرتم به و المنكر ما نهيتم عنه فنفسي مؤمنة
بالله وحده لا شريك له و برسوله و بأمير المؤمنين
و بكم يا مولاي أولكم و آخركم و نصرتي معدة
لكم و مودتي خالصة لكم آمين آمين .
اللهم وفقنا لنصرته وصبر قلوبنا بالتقوى في إنتظاره
وأكرمنا منزلة الشهادة بين يديه
الشريفتين.
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
وصلّ الله على محمد وآل محمد
اللهمّ صلِّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم
الْلَّهُم صَل عَلَى الْصِّدِّيقَة الْطَّاهِرَة فَاطِمَة وَأَبِيْهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيْهَا وَالْسِر الْمُسْتَوْدَع فِيْهَا
عَدَد مَا أَحَاط بِه عِلْمُك وَأَحْصَاه كِتَابُك ..
السلام عليكم أخواتي الفاطميات المؤمنات....
ورحمة الله وبركاته
عجلّ الله تعالى فرج إمامنا وسيدنا الشريف وسهل
مخرجه وقيامه المبارك
وجعلنا وإياكم من الطائعين والمخلصين له ومن
المستشهدين بين يديه الشريفة الكريمة

ينبغي أن نشير هنا إلى خريطة مسيره
المبارك في قيامه الأغرّ الذي يمكن تخطيطه بالأحاديث الشريفة من البدء إلى استقرار دولته الكريمة ، في المراحل الثلاثة التالية:
1 ـ اصلاحاته في مكّة المكرّمة.
2 ـ التوجّه إلى المدينة المنوّرة.
3 ـ الكوفة عاصمته المباركة.
المرحلة الأولى: مكّة المكرّمة
المستفاد من بعض الأحاديث، أن مكّة تستسلم
له (عليه السلام) ويسيطر الامام
على البلدة بكاملها.
ويستفاد هذا من قوله (عليه السلام)
في النص الذي عبّر بالاطاعة بعد سؤال
الراوي: فما يصنع بأهل مكّة ؟
قال:« يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة
فيطيعونه، ويستخلف فيهم رجلاً من
أهل بيته » (1).
ويدل الحديث الصادقي على أنه (عليه السلام) يردّ المسجد الحرام إلى أساسه
الذي حدّه النبي ابراهيم (عليه السلام)،
وهو الحزْوَرَة (2).
ويردّ المقام إلى الموضع الذي كان
فيه بجوار الكعبة
(3).
كما ينادي مناديه أن يسلّم صاحب النافلة لصاحب الفريضة الحجر الأسود والطواف
كما في الحديث الشريف (4).
فيفسح صاحب الطواف المستحب المجال
لصاحب الطواف الواجب، ويتقدّم ذلك لطوافه واستلام الحجر في سبيل راحة الطواف،
وعدم الازدحام، وسهولة إنجاز مناسك
الحج.ثم بعد انجازاته الموفّقة في مكة
المكرّمة
ونصب وال من قبله هناك يتوجّه إلى
مدينة جدّه الرسول
الأكرم (صلى الله عليه وآله) (5).

المرحلة الثانية: المدينة المنوّرة
للامام المهدي (عليه السلام) شأن عظيم في المدينة المنورة ، نشير إليه بحديث المفضّل
الجعفي عن الامام الصادق (عليه السلام)
الذي يبيّن سرور المؤمنين، وخزي الكافرين،
وأخذ الثأر من الظالمين، في مُقامه
(عليه السلام) هناك.
جاء فيه:
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ
إِلَى أَيْنَ ؟ قَالَ (عليه السلام) :
« إِلَى مَدِينَةِ جَدِّي رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله) فَإِذَا وَرَدَهَا كَانَ
لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ،
وَ خِزْيُ الْكَافِرِينَ.
قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي مَا هُوَ ذَاكَ ؟
قَالَ يَرِدُ إِلَى قَبْرِ جَدِّهِ (صلى الله عليه وآله) فَيَقُولُ :
يَامَعَاشِرَ الْخَلاَئِقِ ! هَذَا قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله) ؟
فَيَقُولُونَ: نَعَمْ ، يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد.
فَيَقُولُ: وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ ؟
فَيَقُولُونَ : صَاحِبَاهُ وَ ضَجِيعَاهُ أَبُو
بَكْر وَ عُمَرُ.
فَيَقُولُ ـ وَ هُوَ (عليه السلام) أَعْلَمُ بِهِمَا
وَ الْخَلاَئِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ ـ :
مَنْ أَبُو بَكْر وَ عُمَرُ، وَ كَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْنِ
الْخَلْقِ مَعَ جَدِّي رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
وَ عَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا.
فَيَقُولُ النَّاسُ:
يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)
مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ
لاَِنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه
وآله وسلم وَ أَبَوَا زَوْجَتَيْهِ.
فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلاَث: أَخْرِجُوهُمَا
مِنْ قَبْرَيْهِمَا.
فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا
وَ لَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا.
فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُهُمَا ؟
فَيَقُولُونَ : نَعْرِفُهُمَا بِالصِّفَةِ، وَ لَيْسَ ضَجِيعَا
جَدِّكَ غَيْرَهُمَا
فَيَقُولُ : هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أَوْ يَشُكُّ فِيهِمَا ؟
فَيَقُولُونَ: لاَ.
فَيُؤَخِّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلاَثَةَ أَيَّام ثُمَّ.
يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي النَّاسِ وَ يَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ
وَ يَكْشِفُ الْجُدْرَانَ عَنِ الْقَبْرَيْنِ، وَ يَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ: ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَ انْبُشُوهُمَا.
فَيَبْحَثُونَ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا
فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشِفُ
عَنْهُمَا أَكْفَانَهُمَا وَ يَأْمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَة
يَابِسَة نَخِرَة فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ
وَ تُورِقُ وَ يَطُولُ فَرْعُهَا.
فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أَهْلِ وَلاَيَتِهِمَا:
هَذَا وَ اللهِ الشَّرَفُ حَقّاً، وَ لَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا
وَ وَلاَيَتِهِمَا.
وَ يُخْبِرُ مَنْ أَخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ
مِقْيَاسُ حَبَّة مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَ وَلاَيَتِهِمَا
فَيَحْضُرُونَهُمَا وَ يَرَوْنَهُمَا وَ يُفْتَنُونَ بِهِمَا.
وَ يُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيِّ (عليه السلام)
كُلُّ مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) وَ ضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَرِدْ جَانِباً فَتَتَجَزَّأُ
الْخَلْقُ جُزْءَيْنِ أَحَدُهُمَا مُوَال وَ الآْخَرُ
مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمَا.
فَيَعْرِضُ الْمَهْدِيُّ عليه السلام عَلَى أَوْلِيَائِهِمَا
الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا.
فَيَقُولُونَ يَا مَهْدِيَّ آلِ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأْ مِنْهُمَا، وَ لَسْنَا نَعْلَمُ
أَنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَ عِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ
وَ هَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا، أَ نَتَبَرَّأُ السَّاعَةَ
مِنْهُمَا وَ قَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأَيْنَا فِي
هَذَا الْوَقْتِ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَ غَضَاضَتِهِمَا
وَ حَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا ؟ بَلْ وَ اللهِ نَتَبَرَّأُ مِنْكَ،
وَ مِمَّنْ آمَنَ بِكَ، وَ مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهِمَا،
وَ مَنْ صَلَبَهُمَا وَ أَخْرَجَهُمَا وَ فَعَلَ بِهِمَا
مَا فَعَلَ فَيَأْمُرُ الْمَهْدِيُّ (عليه السلام)
رِيحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ
كَأَعْجَازِ نَخْل خَاوِيَة.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلاَنِ إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا
بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى وَ يَأْمُرُ الْخَلاَئِقَ بِالاِجْتِمَاعِ.
ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُلِّ كُور
وَ دُور.
وَ إِشْعَالَ النَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ
وَ فَاطِمَةَ وَ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ (عليهم السلام) لاِِحْرَاقِهِمْ بِهَا.
وَ ضَرْبَ يَدِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ،
وَ رَفْسَ بَطْنِهَا، وَ إِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً.
وَ سَمَّ الْحَسَنِ (عليه السلام) وَ قَتْلَ الْحُسَيْنِ (عليه السلام) وَ ذَبْحَ أَطْفَالِهِ وَ بَنِي عَمِّهِ
وَ أَنْصَارِهِ وَ سَبْيَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله).
وَ إِرَاقَةَ دِمَاءِ آلِ مُحَمَّد (صلى الله عليه وآله)
وَ كُلِّ دَم سُفِكَ، وَ كُلَّ فَرْج نُكِحَ حَرَاماً،
وَ كُلَّ رَيْن وَ خُبْث وَ فَاحِشَة وَ إِثْم وَ ظُلْم
وَ جَوْر وَ غَشْم.
كُلُّ ذَلِكَ يُعَدِّدُهُ (عليه السلام) عَلَيْهِمَا
وَ يُلْزِمُهُمَا إِيَّاهُ فَيَعْتَرِفَانِ بِهِ.
ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِمَا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي
ذَلِكَ الْوَقْتِ بِمَظَالِمِ مَنْ حَضَرَ.
ثُمَّ يَصْلُبُهُمَا عَلَى الشَّجَرَةِ وَ يَأْمُرُ نَاراً
تَخْرُجُ مِنَ الاَْرْضِ فَتُحْرِقُهُمَا وَ الشَّجَرَةَ،
ثُمَّ يَأْمُرُ رِيحاً فَتَنْسِفُهُمَا فِي الْيَمِّ نَسْفاً.
ثمّ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ ـ يَا مُفَضَّلُ ـ إِلَيْنَا مَعَاشِرَ
الاَْئِمَّةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) نَشْكُو إِلَيْهِ مَا نَزَلَ بِنَا مِنَ الاُْمَّةِ بَعْدَهُ
وَ مَا نَالَنَا مِنَ التَّكْذِيبِ وَ الرَّدِّ عَلَيْنَا وَ سَبْيِنَا
وَ لَعْنِنَا وَ تَخْوِيفِنَا بِالْقَتْلِ وَ قَصْدِ طَوَاغِيَتِهِمُ
الْوُلاَةِ لاُِمُورِهِمْ مِنْ دُونِ الاُْمَّةِ
بِتَرْحِيلِنَا عَنِ الْحُرْمَةِ إِلَى دَارِ مُلْكِهِمْ
وَ قَتْلِهِمْ إِيَّانَا بِالسَّمِّ وَ الْحَبْسِ فَيَبْكِي
رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
وَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ مَا نَزَلَ بِكُمْ إِلاَّ مَا نَزَلَ
بِجِدِّكُمْ قَبْلَكُمْ.
ثُمَّ تَبْتَدِئُ فَاطِمَةُ (عليها السلام) وَ تَشْكُو مَا نَالَهَا مِنْ أَبِي بَكْر وَ عُمَرَ، وَ أَخْذِ فَدَكَ مِنْهَا، وَ مَشْيِهَا إِلَيْهِ
فِي مَجْمَع مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ الاَْنْصَارِ،
وَ خِطَابِهَا لَهُ فِي أَمْرِ فَدَكَ وَ مَا رَدَّ عَلَيْهَا
مِنْ قَوْلِهِ:
إِنَّ الاَْنْبِيَاءَ لاَ تُورَثُ ، وَ احْتِجَاجِهَا بِقَوْلِ
زَكَرِيَّا وَ يَحْيَى (عليهما السلام) وَ قِصَّةِ دَاوُدَ
وَ سُلَيْمَانَ (عليهما السلام) .
وَ قَوْلِ عُمَرَ هَاتِي صَحِيفَتَكِ الَّتِي ذَكَرْتِ
أَنَّ أَبَاكِ كَتَبَهَا لَكِ وَ إِخْرَاجِهَا الصَّحِيفَةَ،
وَ أَخْذِهِ إِيَّاهَا مِنْهَا، وَ نَشْرِهِ لَهَا عَلَى
رُءُوسِ الاَْشْهَادِ مِنْ قُرَيْش وَ الْمُهَاجِرِينَ
وَ الاَْنْصَارِ وَ سَائِرِ الْعَرَبِ، وَ تَفْلِهِ فِيهَا،
وَ تَمْزِيقِهِ إِيَّاهَا، وَ بُكَائِهَا وَ رُجُوعِهَا
إِلَى قَبْرِ أَبِيهَا رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله)
بَاكِيَةً حَزِينَةً تَمْشِي عَلَى الرَّمْضَاءِ قَدْ أَقْلَقَتْهَا،
وَ اسْتِغَاثَتِهَا بِاللهِ وَ بِأَبِيهَا رَسُولِ اللهِ
(صلى الله عليه وآله)،
وَ تَمَثُّلِهَا بِقَوْلِ رُقَيْقَةَ بِنْتِ صَيْفِيّ:
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَ هَنْبَثَةٌ إِنَّا
لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ يَكْبُرِ الْخَطْبُ
فَقَدْنَاكَ فَقْدَ الاَْرْضِ وَابِلَهَا أَبْدَتْ
وَ اخْتَلَّ أَهْلُكَ فَاشْهَدْهُمْ فَقَدْ لَعِبُوا
رِجَالٌ لَنَا فَحْوَى صُدُورِهِمْ لِكُلِّ
لَمَّا نَأَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْحُجُبُ
قَوْم لَهُمْ قُرْبٌ وَ مَنْزِلَةٌ يَا لَيْتَ
عِنْدَ الاِْلَهِ عَلَى الاَْدْنَيْنَ مُقْتَرِبٌ أَمَلُوا
قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ حَلَّ بِنَا
أُنَاسٌ فَفَازُوا بِالَّذِي طَلَبُوا
يا مولاي شقي من خالفكم و سعد من أطاعكم فاشهد
على ما أشهدتك عليه و أنا ولي لك بريء من عدوك
فالحق ما رضيتموه و الباطل ما سخطتموه و المعروف
ما أمرتم به و المنكر ما نهيتم عنه فنفسي مؤمنة
بالله وحده لا شريك له و برسوله و بأمير المؤمنين
و بكم يا مولاي أولكم و آخركم و نصرتي معدة
لكم و مودتي خالصة لكم آمين آمين .
اللهم وفقنا لنصرته وصبر قلوبنا بالتقوى في إنتظاره
وأكرمنا منزلة الشهادة بين يديه
الشريفتين.
وفقنّا الله تعالى لحسن مرضاته ولجميع طاعته
يُتبع في المرة القادمة....أن شاء الله
وصلّ الله على محمد وآل محمد