الموضوع
:
اسعد الله ايامنا وايامكم بميلاد ظامن الجنان علي بن موسى الرضا سلام الله عليه
عرض مشاركة واحدة
06-10-2011, 09:31 AM
#
4
خادمه الحوراء زينب (ع)
●• مشرفة سابقة •●
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: كويت
العمر: 48
المشاركات: 0
معدل تقييم المستوى:
0
رد: اسعد الله ايامنا وايامكم بميلاد ظامن الجنان علي بن موسى الرضا سلام الله عليه
إن حياة المعصومين الأربعة عشر كانت زاهرة بالحب والمعرفة والعبر والبصائر ، إلاّ أن ما بلغنا من ضياء بعضهم كان أكثر من البعض الآخر ، والإمام
الرضا
(ع) من أولئك الذين تسنَّت لنا فرصة الاهتداء إلى المزيد من فضائلهم ، ولأنهم عند الله نور واحد ، فليس علينا إلاّ الاستضاءة بسيرته (ع) لمعرفة سيرة سائر المعصومين من آبائه ( عليهم جميعا سلام الله )
في سنة مائة وثمان وأربعين من الهجرة في اليوم الحادي عشر من شهر ذي القعدة الحرام ولد الإمام (ع) ، وعمَّ بيت الرسالة سرور وبهجة
لقد أكثر الإمام موسى بن جعفر (ع) من بيان فضائل ابنه الرضا (ع) وأنه خليفته والإمام من بعده مما يثير السؤال عن حكمة ذلك ،وهو ان الظروف السياسية كانت قياسية جداً . حيث التقيّة في أشدها ، وأهل البيت مطاردون ، وهارون الرشيد كان يلاحق أصحاب وأنصار أهل البيت من بلد إلى بلد ،. والإمام موسى بن جعفر يتنقل بأمر الرشيد من سجن لآخر ، فكانت إمكانية تفرق كلمة الشيعة بعد وفاته تجعل من الحكمة التأكيد على ولاية الإمام الرضا
(ع )
كان الإمام الرضا (ع) بمثابة قرآن ناطق ، فخلقه من القرآن ، وعلمه ومكرماته من القرآن
لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها ، ورفض مغرياتها ، فرفع الله الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وهو حجاب سميك بين الإنسان وبين حقائق الخلق
وذلك عندما أقبلت الدنيا عليه فلم يقبلها ، وتزينت له فلم يغترّ بها . بل عندما كانت الخلافة العباسية في أوج عظمتها وبذخها وترفها وكان الإمام ولي عهد الخليفة في الظاهر يومئذ عاف الدنيا وشهواتها
أربعة من أئمة الهدى تسنى لهم نشر معارف الإسلام في الآفاق . أولهم الإمام أمير المؤمنين وآخرهم الإمام الرضا
والصادقان محمد بن علي وجعفر بن محمد ( عليهم جميعاً صلوات الله )
وبالرغم من أن جميع أئمة الهدى نشروا العلم ، إلاّ أن الظروف ساعدت هؤلاء الأربعة على ذلك أكثر من الآخرين
أن حياة الإمام الرضا (ع) كانت فاتحة مرحلة جديدة من حياة الشيعة حيث خرجت بصائرهم وأفكارهم من مرحلة الكتمان إلى الظهور والإعلان ، ولم يعد الشيعة من بعد ذلك العهد طائفة معارضة في مناطق خاصة ، بل أصبحوا ظاهرين في كل البلاد ، ولقب الرضا
الذي أطلق على الإمام علي بن موسى (ع) يدل على أنه كان إماماً رضي به الموافق والمخالف
ومن العوامل التي ساعدة الإمام في نشر المعارف الإسلامية انتقاله إلى حاضرة البلاد الإسلامية ، وقبوله لولاية العهد مما جعله في قلب الصراعات الفكرية
وهكذا كثرت حواراته مع سائر الملل والمذاهب ،وكانت كلماته تلقى قبولاً في كافة الأوساط الإسلامية
مما حدى بعلمائنا الكرام إفراد كتب حول ما روي عنه (ع) ، مثل ما فعل الصدوق ( رحمه الله ) في كتابه عيون أخبار الرضا
وهذا الشيء جعل المأمون يتقرب للإمام الرضا خصوصا في ظل الأوضاع السياسية في تلك الفترة التي جعلته يقدم على الخطوة الجريئة في عرض الخلافة على الإمام الرضا أو ولاية العهد وذلك لتقوية موقفه .وعندما استقرت الأوضاع السياسية اظهر المأمون ماكان يخفيه من بطانة تجاه الإمام الرضا فدسّ إليه السم فمضى شهيداً شأن سائر أئمة الهدى الذين جاء عنهم الحديث الشريف : " ما منا إلاّ مسموم أو مقتول "
نسأل الله أن ينفعنا به يوم القيامة ويجعل ذلك وسيلةً لإتباعنا له في الدنيا وشفاعته عند الله في الآخرة
في 11 ذي القعدة سنة 148 هجرية وُلد عليّ بن
الرضا
( عليه السلام ) في المدينة المنورة
أبوه
الإمام موسى بن جعفر ( عليه السلام ) ، وأمّه : إمرأة صالحة اسمها "نجمة"
أمضى طفولته مع أبيه الإمام ، وكان أبوه يوصي أصحابه ويشير إلى إمامة ابنه
قال علي بن يقطين : كنت عند " العبد الصالح " ، فدخل عليه ابنه علي
الرضا
،
فقال الإمام : يا علي بن يقطين هذا سيّد ولدي ، فقال هشام بن الحكم : لقد أخبرك أنّ الأمر له من بعده
كما سأله أحد أصحابه عن الإمام من بعده ، فأشار إلى ابنه
الرضا
وقال : هذا صاحبكم من بعدي
وكانت الظروف في عهده في غاية الخطورة ، فكان الإمام الكاظم يوصي أصحابه بالكتمان
الإمام ينصح أخاه
كان زيد أخو الإمام
الرضا
( عليه السلام ) ، ثار في مدينة البصرة وأحرق بيوت العباسيين ، فلُقِّب بزيد النار
أرسل إليه المأمون جيشاً كبيراً ، وبعد معارك طاحنة ، طلب زيدٌ الأمان فسلّم نفسه وأُخذ أسيراً
وعندما أصبح الإمام ولياً للعهد ، ارتأى المأمون أن يرسله إلى الإمام
كان الإمام غاضباً من عمل أخيه زيد لكثرة ما أحرق من البيوت وما صادره من أموال
قال الإمام لأخيه : ويحك يا زيد ما الذي غرّك حتى أرقت الدماء وقطعت السبيل ، أغرّك قول أهل الكوفة ، أن فاطمة أحصنت فرجها فحرم الله ذرّيتها على النار ! ويحك يا زيد إنّ
ذلك ليس لي ولا لك ، لقد عنى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بذلك حسناً وحسيناً ، والله ما نالا ذلك إلا بطاعة الله ، فإن كنت ترى أنك تعصي الله وتدخل الجنة فأنت إذن أكرم
على الله منهما ومن أبيك موسى بن جعفر
قال زيد : أنا أخوك
فقال الإمام : أنت أخي ما أطعت الله عز وجل ، وإنّ نوحاً قال : ربّ إنّ أبني من أهلي وإنّ وعدك الحق وأنت أرحم الراحمين . فقال له الله عز وجل : " يا نوح انه ليس من
أهلك انه عمل غير صالح "
في مجلس المأمون
جمع المأمون زعماء الأديان والمذاهب وأمرهم بمناظرة الإمام
الرضا
( عليه السلام)
كان المأمون يهدف إلى إحراج الإمام بأسئلتهم . وكان " النوفلي " من أصحاب
الرضا
( عليه السلام ) وقد سأله الإمام : أتدري لماذا جمع المأمون أهل الشرك ؟
فقال النوفلي : إنه يريد امتحانك
فقال الإمام : يا نوفلي أتحبّ أن تعلم متى يندم المأمون ؟
قال النوفلي : نعم
قال الإمام : إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم وعلى أهل الزبور بزبورهم ، وعلى الصابئين بعبرانيتهم
توضأ الإمام وانطلق مع أصحابه إلى قصر الخلافة ، وبدأ الحوار
قال الجاثليق : أنا لا أريد أن يحاججني رجل بالقرآن لأني أنكره ولا بالنبي ( صلى الله عليه وآله ) لأني لا أؤمن به
قال الإمام
الرضا
: فإن احتججت عليك بالإنجيل أتومن ؟
فقال الجاثليق : نعم و أقرّ به
قرأ الإمام الرضا
جزءاً من الإنجيل ، حيث بشّر عيسى بظهور نبي جديد ، كما أخبره بعدد الحواريين ، وقرأ عليه أيضاً كتاب أشعيا
قال الجاثليق مدهوشاً : وحق المسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك
والتفت الإمام إلى رأس الجالوت واحتجّ عليه بالتوراة والزبور
وكان " عمران الصابي " متكلماً ، فسأل الإمام عن وحدانية الله ومسائل كثيرة ، حتى حان وقت صلاة الظهر ، فنهض الإمام إلى الصلاة
وبعد الصلاة استأنف الإمام حواره مع " عمران " حتى انصاع لدين الله الحق ، فاتجه نحو القبلة وسجد لله معلناً إسلامه
السفر إلى مرو
لا أحد يعرف الأسباب الحقيقية التي دفعت المأمون إلى انتخاب الإمام الرضا
(عليه السلام ) لولاية العهد
كان الإمام الرضا ( عليه السلام ) في المدينة المنورة عندما جاء أمر الخليفة بالسفر إلى مرو
شدّ الإمام الرحال إلى خراسان ، فوصل البصرة ومنها توجه إلى بغداد ثم توقف في مدينة قم حيث استقبل استقبالاً حافلاً ، ودخل الإمام ضيفاً في أحد بيوتها ، هو اليوم يحمل اسم المدرسة الرضوية
في نيسابور
كانت نيسابور مدينة عامرة ، وكانت مركزاً من مراكز العلم ، ثم دُمّرت أيام الهجوم المغولي
استقبل أهل نيسابور موكب الإمام بفرح ، وكان في طليعتهم المئات من العلماء وطلاّب العلم
وتجمع العلماء والمحدثون حول موكب الإمام ؛ والأقلام بأيديهم ينتظرون من الإمام أن يحدّثهم بأحاديث جدّه النبي ( صلى الله عليه وآله )
وتعلّق بعضهم بلجام بغلة الإمام ، وأقسموا عليه قائلين : بحق آبائك الطاهرين إلاّ ما حدّثتنا بحديث نستفيده منك
فقال الإمام ( عليه السلام ) : سمعت أبي موسى بن جعفر يقول : سمعت أبي جعفر بن محمد يقول : سمعت أبي محمد بن علي يقول : سمعت أبي علي بن الحسين يقول : سمعت أبي الحسين بن علي يقول : سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : سمعت جبريل يقول : سمعت الله عزّ وجل يقول : لا إله إلاّ الله حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي
وقد اشتهر هذا الحديث باسم " حديث سلسلة الذهب " ، وقد بلغ عدد الذين كتبوا هذا الحديث عشرين ألفاً
غادر الإمام نيسابور صباحاً ، وفي الطريق حان وقت صلاة الظهر ، فطلب الإمام ماءً للوضوء فاعتذر مرافقوه
بحث الإمام في الأرض ، فنبع الماء فتوضأ وتوضأ من كان معه ، وما يزال أثره حتى اليوم
وصل الإمام مدينة " سنا آباد " وأسند ظهره إلى جبل هناك كان الناس ينحتون منه قدوراً للطبخ فدعا الله أن يبارك فيه وأمر أن ينحتوا قدورا له
ودخل الإمام دار حميد بن قحطبة الطائي ودخل القبّة التي فيها قبر هارون الرشيد ، ثم خط بيده إلى جانب القبر وقال
هذه تربتي وفيها أُدفن ، وسيجعل الله هذا المكان مزاراً لشيعتي ، والله ما يزورني منهم زائر إلاّ وجب له غفران الله ورحمته بشفاعتنا أهل البيت ( عليهم السلام ) .ثم صلى ركعات وسجد ثم صلى ركعات وسجد سجدة طويلة . . . سبّح الله فيها خمسمائة مرّة
عبادته عليه السلام
إنّ جوهر العـبادة هو الاخلاص لله سبحانه وتوجّه النفس إليه ، وفناء (الانا) وما فيها من رغبة وحب وشهوة ونوازع في ذات الله؛ فالمتعبِّد المخلص لا تنازعُهُ نفسُهُ في معصية، ولا تكون في موقف مواجه للارادة والمشيئة الالهيّة ، فهي اختيارٌ دائم لارادة الله ، وتطابُقٌ مُخلصٌ معها ، وشوقٌ مستمرٌّ للذوبان والفناء فيها ، وسعيٌ متواصل للقرب من الله سبحانه وفعل الخير المحبوب لديه
وأهل البيت بما مَنَّ الله عليهم من علم ومعرفة بالله سبحانه وبعظمته كانوا أكثر الناس بعد رسول الله (ص) حبّاً لله ، وشوقاً إليه ، وإخلاصاً له ، وسعياً لمرضاته ، تارة بالكفاح والتضحية والجهاد، واُخرى بأداء الفرائض والسنن والطاعات، وثالثة بالكفِّ والورع عن محارِم الله والشّبهاتِ الّتي قد تقودُ للوقوع في معصية
وهذا سليل أهل البيت (ع) وإمام المسلمين عليّ بن موسى الرضا (ع) يُحدِّثنا الرّواةُ عنه أنّه كان أعبدَ أهل زمانه وأكثرهم ورعاً وتقوىً ، حتّى أنّ خصومه ومناوئيه كانوا يعترفون له بذلك ولا يستطيعون إخفاءَ هذه الصفة العظيمة فيه ، فهذا المأمونُ العباسي يشهدُ بنصِّ ميثاق البيعة له : « ... محبّةً أنْ يلقَى اللهَ سبحانَهُ وتعالى مُناصِحاً له في دينِهِ وعبادِهِ ، ومختاراً لولايةِ عهدِهِ ورعايَةِ الاُمّة من بعدِهِ أفضلَ مَنْ يقدرُ عليه في دينه وورعِهِ وعلمِهِ ، وأرجاهم للقيام بأمر الله تعالى وحقِّهِ ، ... عليّ بن موسى الرضا
(ع) ، لِما رأى مِن فضلِهِ البارع وعلمهِ الذّائِع ، وورعِهِ الظّاهر الشّائع ، وزهدِهِ الخالص النافع وتخلّيه عن الدُّنيا ، وتفرّدِهِ عن
الناس ، وقد استبانَ له ما لم تزل الاخبار عليه مطبقة ، والالسن عليه متّفقة ، والكلمة فيه جامعة ، والاخبار واسعة ، ولِما لم نَزَلْ نعرفُهُ به مِنَ الفضلِ يافعاً وناشئاً وحدثاً وكهلاً ، فلذلك عقدَ له بالعهدِ والخلافةِ مِن بعدِه»
هذا الامام الرضا (ع) على لسان المأمون ، وحقّاً كان كذلك ، فقد كان مثالاً في العبادة وملازمة كتاب الله والتمسُّك به وتدبّر معانيه ، حتّى قيلَ فيه : كلامه وجوابه وتمثّله انتزاع مِنَ القرآن ، وكان يختمه في ثلاثة ويقول : «لو أردتُ أن أختِمُهُ في أقرب مِن ثلاثة لختمتُ ، ولكنِّي ما مررتُ بآية قطّ إلاّ فكّرتُ فيها ، وفي أيّ شيء اُنزِلَت ؟ وفي أيّ وقت ؟ فلذلك صرتُ أختمُ في كلِّ ثلاثةِ أيّام»
ووصفَ رجاءُ بن أبي الضحّاك ، الّذي رافقَ الامامَ طولَ سفره من المدينة إلى مَرْو ، عبادةَ الإمام
وتقواه فقال : «فكنتُ معه من المدينة إلى مرو ، فوَالله ما رأيتُ رجلاً كانَ أتقى للهِِ تعالى منه ، ولا أكثرَ ذكراً لله في جميع أوقاته منه ، ولا أشدَّ خوفاً للهِِ عزّ وجلّ منه ، وكان إذا أصبحَ صلّى الغداةَ ، فإذا سلّمَ جلسَ في مصلاّه يُسبِّح اللهَ ويَحمَدُهُ ويكبِّرُهُ ويهلِّلُهُ ويصلِّي على النّبيّ (ص) حتّى تطلع الشّمس ، ثمّ يسجد سجدة يبقى فيها حتّى يتعالى النهار، ثمّ أقبل على الناس يحدِّثهم ويَعِظُهم إلى قرب الزّوال»
والاخلاصُ في العبادةِ وتعبيدُ النّفس لله سبحانه وإشعارُها بالعبوديّة له وحده هي الغاية مِنَ العبادة ، لذلك نجد الإمام الرضا (ع) حريصاً على أنْ لا يُعينَهُ أحدٌ على تهيئةِ مستلزماتِ العبادةِ ، ليشعر نفسه بخالص العبودية لله سبحانه ، وليربِّي الآخرين عليها
روى الوشّاء ، فقال : « دخلتُ على عليّ بن موسى الرضا
(ع) وبين يديه إبريقٌ يريدُ أن يتهـيّأ منه للصّـلاة ، فدنوتُ منه لاصبّ عليه ، فأبى ذلك ، وقال : مَهْ يا حسن ! فقلت له : لِمَ تنهاني أنْ أصبَّ على يدك ، تكرهُ أنْ أؤجَرَ ؟ قال : تؤجر أنتَ وأؤزر أنا ، فقلتُ له : وكيفَ ذلك ؟ فقال : أما سمعتَ اللهَ عزّ وجلّ يقول : (فَمَن كانَ يَرجو لِقَاءَ رَبِّهِ فَليَعْمَل عَمَلاً صالِحاً ولا يُشْرِكْ بِعبادَةِ رَبِّهِ أحَداً ) ، وها أنا ذا أتوضَّأُ للصّلاة وهي العبادة ، فأكره أن يشركني فيها أحد »
أمّا اللّيلُ فكان محرابَهُ وسبحَهُ الطّويلَ، ومأوى مناجاته، ومجلسَ ذكره وضراعَتَهُ، لذا نجد الّذين عايشوهُ يصفون عبادتَهُ وتهجّدَهُ في جوفِ اللّيل ، وعند هجعةِ العيون ، وصمتِ الناطقين ، فكان يقومُ للهِِ في عبادِ الرّحمن الّذين يبيتون لربِّهم سُجّداً وقياماً
فقد ورد في وصف عبادته وارتباطه بالله سبحانه : «وكان يُكثرُ باللّيل في فراشه مِن تلاوةِ القرآن ، فإذا مرّ بآية فيها ذِكْرُ جنّة أو نار بكى ، وسأل الله الجنّة ، وتعوّذ به مِن النار»
وتحدّث راو آخرُ عاصر الإمام الرضا (ع) ، هو إبراهيم بن العباس الصولي قال واصفاً الإمام (ع) : «وكانَ قليلَ النومِ باللّيل ، كثيرَ السَّهَر ، يُحيي أكثرَ لياليه من أوّلها إلى الصّبح ، وكان كثيرَ الصِّـيام ، فلا يفوتُهُ صيامُ ثلاثة أيّام في الشهر ، ويقول : ذلك صوم الدّهر ، وكان كثيرَ المعروف والصّدقة في السِّرِّ وأكثر ذلك يكون منه في اللّيالي المظلمة ، فمن زعمَ أنّه رأى مثلَهُ في فضلِهِ فلا تُصدِّق»
ووصف في موارد اُخرى وهو يتضرّع في محراب العبادة، ويُناجي في هجعة العيون: «فإذا كان الثّلثُ الاخيرُ مِنَ اللّـيلِ قامَ مِن فراشه بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والاستغفار فاستاك ثمّ توضّأ ثمّ قام إلى صلاة اللّيل ، فصلّى ثماني ركعات ويسلِّم في كلِّ ركعتين ، يقرأ في الاوّليين منها في كلِّ ركعة الحمدَ مرّةً ، وقُلْ هو الله أحد ثلاثين مرّة ، ويصلِّي صلاة جعفر بن أبي طالب (ع) أربع ركعات ، يسلِّم في كلِّ ركعتين ويقنت في كلِّ ركعتين في الثانية قبل الرّكوع وبعد التسبيح ويحتسب بها من صلاة اللّيل ثمّ يصلِّي الركعتين الباقيتين يقرأُ في الاُولى الحمدَ وسورةَ الملك ، وفي الثانية الحمدَ وهل أتى على الانسان
ثمّ يقوم فيصلّي ركعتي الشفع يقرأُ في كلِّ ركعة منهما الحمد مرّة ، وقُلْ هو الله أحد ثلاث مرّات ، ويقنتُ في الثانية ثمّ يقوم فيصلِّي الوترَ ، ركعةً يقرأُ فيها الحمدَ وقُلْ هو الله أحد ثلاث مرّات وقُلْ أعوذ بربِّ الفلق مرّة واحدة ، وقُلْ أعوذ بربِّ الناس مرّة واحدة ، ويقنتُ فيها قبل الرّكـوع وبعد القراءة ، ويقول في قنـوته : اللّهمّ صلِّ على محمّد وآلِ محمّد ، اللّهمّ اهدِنا فيمَنْ هَدَيْتَ ، وعافِنا فيمَنْ عافَيْتَ ، وتولّنا فيمَنْ تولّيْتَ ، وبارِكْ لنا فيما أعطَيْتَ ، وقِنا شَرَّ ما قَضَيْتَ ، فإنّكَ تَقضي ولا يُقضى عليك ، إنّه لا يذلُّ مَنْ والَيْتَ ، ولا يعزُّ مَنْ عادَيْتَ ، تباركتَ ربّنا وتعالَيْت
ثمّ يقول : أستغفرُ اللهَ وأسألُهُ التوبةَ سبعين مرّة ، فإذا سلّم جلس في التعقيب ما شاء الله
فإذا قربَ مِنَ الفجر قام فصلّى ركعتي الفجر ، يقرأ في الاُولى الحمدَ وقُلْ يا أيُّها الكافرون ، وفي الثانية الحمدَ وقُلْ هوَ الله أحد ، فإذا طلعَ الفجر أذّن وأقام وصلّى الغداةَ ركعتين ، فإذا سلّم جلس في التعقيب حتّى تطلعَ الشّمس، ثمّ سجدَ سجدتي الشّكر حتّى يتعالى النهار»
وهكذا نجد الامام قدِّيساً مشوقاً لله سبحانه ربّانيّاً لا يفتَأُ بذكرِ الرّبِّ الرّحيم ، ويحكم علاقتَهُ به ، ويواصِلُ فناءَه في حبِّه ، ويشعُّ على مساحاتِ تاريخ الاجيال الموحِّدة ذلك الاشعاعَ الرّوحيَّ ويفيضُ عليها هذا العبقَ الرّبّانيّ ، فيشدّها إلى الله ، ويُحْكِمُ علاقَتَها بالرّبِّ الرّحيم ، فتجدُ سعادَتَها في قُربِهِ ، وتَستَشِفُّ قيمةَ وجودِها من خلالِ العلاقة به ، والسّيرِ في دربِ السّالكين إليه
السلام عليك يا سيدي يا مولاي
السلام عليك يا ضامن الجنان
كرامة غريب الغرباء
السلام عليك أيها السلطان يا أبا الحسن علي بن موسى الرضا
(عليه السلام )
السلام على شمس الشموس وأنيس النفوس المدفون بأرض طوس
في بداية ولاية العهد احتبس المطر، فجعل بعض حاشية المأمون والمبغضين للامام (عليه السلام) يقولون : انظروا لمّا جاءنا علي بن موسى وصار ولي عهدنا، حبس الله عنّا المطر، وسمع المأمون بذلك فاشتدّ عليه، وطلب من الإمام (عليه السلام) ان يدعو الله لكي يمطر الناس، فخرج (عليه السلام) الى الصحراء وخرج الناس ينظرون، فصعد المنبر، فحمد الله واثنى عليه، ثم قال : «اللهم يا رب أنت عظّمت حقنا أهل البيت، فتوسّلوا بنا كما أمرت وامّلوا فضلك ورحمتك وتوقّعوا احسانك ونعمتك، فاسقهم سقياً نافعاً عاماً غير رايث، ولا ضائر، وليكن ابتداء مطرهم بعد انصرافهم من مشهدهم هذا الى منازلهم ومقارّهم»
ويقول الإمام محمد الجواد (عليه السلام) راوي الخبر : «فو الذي بعث محمداً بالحق نبياً لقد نسجت الرياح في الهواء الغيوم وأرعدت وأبرقت وتحرك الناس كأنهم يريدون التنحي عن المطر»
وأخبرهم الإمام (عليه السلام) ان هذا السحاب هو للبلد الفلاني، وهكذا الى ان اقبلت سحابة حادية عشر، فقال (عليه السلام) : «ايها الناس هذه سحابة بعثها الله عزوجل لكم، فاشكروا الله على تفضله عليكم وقوموا الى مقاركم ومنازلكم فإنها مسامتة لكم ولرؤوسكم ممسكة عنكم الى أن تدخلوا الى مقاركم ثم يأتيكم من الخير ما يليق بكرم الله تعالى وجلاله»
فانصرف الناس ونزل المطر بكثافة فجعل الناس يقولون : هنيئاً لولد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كرامات الله عزّوجل
ثم برز اليهم الإمام (عليه السلام) بعد تجمعهم ثانية، واستثمر هذه الكرامة للوعظ والارشاد، لان الناس يتأثرون بمن له كرامة عند الله ويتقبلون ما يقوله، فقام فيهم خطيباً وقال : «ايها الناس اتقوا الله في نعم الله عليكم، فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، بل استديموها بطاعته وشكره على نعمه وأياديه، واعلموا انكم لا تشكرون الله تعالى بشيء بعد الايمان بالله وبعد الاعتراف بحقوق اولياء الله من آل محمد (صلى الله عليه وآله) أحب إليه من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لهم الى جنان ربهم، فإنّ من فعل ذلك كان من خاصة الله تبارك وتعالى
رزقنا الله في الدنيا زيارتك وبالآخرة شفاعتك
خادمه الحوراء زينب (ع)
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى خادمه الحوراء زينب (ع)
البحث عن المشاركات التي كتبها خادمه الحوراء زينب (ع)