عن سعيد بن عثمان الخزاز
قال: سمعت أبا سعيد المدائني يقول:
" كلا إن كتاب الابرار لفي عليين وما أدريك ما عليون
كتاب مرقوم " بالخير،
مرقوم بحب محمد وآل محمد عليهم السلام .
ثم قال " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين
وما أدريك ما سجين كتاب مرقوم
" (بالشر مرقوم ببغض محمد وآل محمد صلى
الله عليه وآله ومعنى سجين
موضع في جهنم، وإنما سمي به الكتاب
مجازا تسمية الشئ باسم مجاوره ومحله،
أي كتاب أعمالهم في سجين.
وروي عن البراء بن عازب أنه قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله
" سجين " أسفل سبع أرضين .
وروي أن عبد الله بن العباس جاء إلى كعب الاحبار
وقال له: أخبرني عن قول الله عزوجل
(كلا إن كتاب الفجار لفي سجين).
فقال له: إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء
فتأبى السماء أن تقبلها، فيهبط بها إلى الارض
فتأبى الارض أن تقبلها، فتنزل [ إلى ] سبع
أرضين حتى ينتهي بها إلى سجين،
وهو موضع جنود إبليس اللعين .
فعليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
وأما معنى عليين: فانه مراتب عالية محفوفة
بالجلالة، وقيل: هي في السماء
السابعة وفيها أرواح المؤمنين، وقيل:
هي في سدرة المنتهى، وهي التي ينتهى إليها
كل شئ من أمر الله تعالى، وقيل " عليون "
الجنة، وقيل: هي لوح من زبرجدة خضراء معلق
تحت العرش، أعمالهم - مكتوبة مرقومة -
فيه طاعاتهم وما تقر به أعينهم ويوجب سرورهم
بضد كتاب الفجار.
ومما ورد أن في عليين منزل النبي
صلى الله عليه وآله والائمة صلوات الله عليهم
ومنزل شيعتهم - هو ما رواه أبو طاهر المقلد بن غالب (رحمه الله)،
عن رجاله، باسناد متصل إلى
(علي بن شعبة الوالبي عن الحارث الهمداني قال: دخلت على
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
وهو ساجد يبكى حتى علا نحيبه وارتفع صوته بالبكاء،
فقلنا: يا أمير المؤمنين لقد أمرضنا
بكاؤك وأمضنا وأشجانا، وما رأيناك قد فعلت مثل
هذا الفعل قط ! فقال: كنت ساجدا أدعو ربي
بدعاء الخيرة في سجدتي، فغلبتني عيني فرأيت
رؤيا هالتني وأفظعتني،
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله قائما
وهو يقول: يا أبا الحسن طالت غيبتك عني،
وقد اشتقت إلى رؤيتك، وقد أنجز لي ربي ما وعدني فيك.
فقلت: يا رسول الله وما الذي أنجز لك في ؟
قال: أنجز لي فيك وفي زوجتك وابنيك وذريتك
في الدرجات العلى في عليين.
فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله فشيعتنا ؟
قال: شيعتنا معنا وقصورهم بحذاء قصورنا،
ومنازلهم مقابل منازلنا. فقلت: يا رسول الله فما لشيعتنا
في الدنيا ؟ قال: الامن والعافية. قلت: فما لهم عند الموت ؟
قال: يحكم الرجل في نفسه، ويؤمر ملك الموت بطاعته
(وأي ميتة شاء ماتها، وإن شيعتنا ليموتون
على قدر حبهم لنا) . قلت: فما لذلك حد يعرف به ؟
قال: بلى إن أشد شيعتنا لنا حبا يكون
خروج نفسه كشرب أحدكم في اليوم
الصائف الماء البارد الذي ينتفع منه القلب،
وإن سائرهم ليموت كما يغط أحدكم على فراشه
كأقر ما كانت عينه بموته .