بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وألعن أعداءعم أجمعين من الأولين والآخرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله ربي جل علاه : إِنَّ إِبْرهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْركِينَ(120)شَاكِراً لأَِنْعُمِهِ اجْتَبـهُ وَهَدَاهُ إِلى صِراط مُّسْتَقِيم(121) وءَاتَيْنـهُ فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِى الأَْخِرَةِ لَمِنَ الصَّـلِحِينَ(122) ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(123) إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبِّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَومَ الْقِيـمَةِ فِيَما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(124) من سورة النحل
(إِن إِبراهيم كان أُمّة)
وقد ذكر المفسّرون أسباباً كثيرة للتعبير عن إِبراهيم(عليه السلام) بأنّه «أُمّة» وأهمها أربع:
الأوّل: كان لإِبراهيم شخصية متكاملة جعلته أن يكون أُمّة بذاته، وشعاع شخصية الإِنسان في بعض الأحيان يزداد حتى ليتعدى الفرد والفردين والمجموعة فتصبح شخصيته تعادل شخصية أُمّة بكاملها.
الثّاني: كان إِبراهيم(عليه السلام) قائداً وقدوة حسنة ومعلماً كبيراً للإِنسانية، ولذلك أطلق عليه (أُمّة) لأنّ «أُمّة» اسم مفعول يطلق على الذي تقتدي به الناس وتنصاع له.
وثمّة إرتباط معنوي خاص بين المعنيين الأوّل والثاني، حيث أنّ الذي يكون بمرتبة إِمام صدق واستقامة لأُمّة ما، يكون شريكاً لهم في أعمالهم وكأنّه نفس تلك الأُمّة.
الثّالث: كان إِبراهيم(عليه السلام) موحداً في محيط خال من أيِّ موحد، فالجميع كانوا يخوضون في وحل الشرك وعبادة الأصنام، فهو والحال هذه «أُمّة» في قبال أمّة المشركين (الذين حوله).
الرّابع: كان إِبراهيم(عليه السلام) منبعاً لوجود أُمّة، ولهذا أطلق القرآن عليه كلمة «أُمّة».
ولا مانع من أنْ تحمل هذه الكلمة القصيرة الموجزة كل ما ذكر ما معان كبيرة..
نعم فقد كان إِبراهيم أمّة وكان إِماماً عظيماً، وكان رجلا صانع أُمّة، وكان منادياً بالتوحيد وسط بيئة إِجتماعية خالية من أيّ موحد(1).
وقال الشاعر:
ليس على اللّه بـمستـنـكـر أنْ يـجمع العالـم في واحـد
------------------------------------------
1 ـ وفي الرّوايات عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) أن عبد المطلب: «يُبعث يوم القيامة أُمّة وحده، عليه بهاء الملوك وسيماء الأنبياء» لأنّه كان مدافعاً عن التوحيد في بيئة الشرك وعبادة الأصنام. (سفينة البحار، ج 2، ص 139).
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل الجزء الثامن
نسألكم الدعاء
أختكم الفاطمية
زينب قدوتي