عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2008, 11:53 PM   #17
ريحانة المصطفى
♠ فاطمية مبتدئة ♠
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 69
معدل تقييم المستوى: 17
ريحانة المصطفى is on a distinguished road
افتراضي

شهادة فاطمة الزهراء ( عليها السلام )

بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) اشتدَّ عليها الحزن والأسى ،
ونزل بها المرض لِمَا لاقَتْهُ من هجوم أَزْلامِ الزُمرة الحاكمة آنذاك
على دارها ، وَعَصْرِهَا بَين الحَائطِ والبَابِ ، وَسُقُوطِ جَنِينِها
المُحسِن ( عليه السلام ) ، وَكَسْرِ ضِلعِها ، وَغَصبِ أَرضِهَا ( فَدَك
) .

فتوالت الأمراض على وديعة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وفَتك الحزن
جِسمَها النحيلَ المُعذَّبَ حتى انهارت قواها ( عليه السلام ) .

فقد مشى إليها الموت سريعاً وهي ( عليها السلام ) في شبابها الغَض ، وقد
حان موعد اللقاء القريب بينها ( عليها السلام ) وبين أبيها ( صلى الله
عليه وآله ) الذي غاب عنها ، وغابت معه عواطفه الفَيَّاضة .

وَلَمَّا بدت لها طلائع الرحيل عن هذه الحياة طَلَبتْ حضورَ أمير المؤمنين
علي ( عليه السلام ) ، فَعَهدتْ إليهِ بِوَصِيَّتِها ، ومضمون الوصية :

أن يُوارِي ( عليه السلام ) جثمانها ( عليها السلام ) المقدس في غَلس
اللَّيل البهيم ، وأن لا يُشَيِّعُها أحد من الذين هَضَمُوهَا ، لأنهم
أَعداؤها ( عليها السلام ) وأعداء أبيها ( صلى الله عليه وآله ) - على
حَدِّ تعبيرها - .

كَما عَهدت إليه أن يتزوَّج من بعدها بابنة أختها أمَامَة ، لأنَّها تقوم
بِرِعَايَة ولديها الحسن والحسين ( عليهما السلام ) اللَّذَين هما أعزُّ
عندها من الحياة .

وعهدت إليه أن يعفي موضع قبرها ، ليكون رمزاً لِغَضَبِهَا غير قابلٍ للتأويل على مَمَرِّ الأجيال الصاعدة .

وضمن لها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) جميع ما عَهدَت إليه ، وانصرف عنها ( عليها السلام ) وهو غارق في الأسى والشجون .

وفي آخر يوم من حياتها ( عليها السلام ) ظهر بعض التحسّن على صحتها ،
وكانت بادية الفرح والسرور ، فقد علمت ( عليها السلام ) أنها في يومها
تلحق بأبيها ( صلى الله عليه وآله ) .

وعمدت ( عليها السلام ) إلى ولديها ( عليهما السلام ) فَغَسَلت لهما ،
وصنعت لهما من الطعام ما يكفيهم يومهم ، وأمرت ولديها بالخروج لزيارة قبر
جدّهما ، وهي تلقي عليهما نظرة الوداع ، وقلبها يذوب من اللوعة والوجد .

فخرج الحسنان ( عليهما السلام ) وقد هاما في تيار من الهواجس ، وأَحسَّا
ببوادر مخيفة أغرقتهما بالهموم والأحزان ، والتفت وديعة النبي ( صلى الله
عليه وآله ) إلى أسماء بنت عميس ، وكانت تتولى تمريضها وخدمتها فقالت (
عليها السلام ) لها : يا أُمَّاه .
ريحانة المصطفى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس