عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-2008, 11:52 PM   #16
ريحانة المصطفى
♠ فاطمية مبتدئة ♠
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 69
معدل تقييم المستوى: 17
ريحانة المصطفى is on a distinguished road
افتراضي

عصمتها (عليها السلام)

قد دللنا على عصمتها عليها السلام في ضمن أبحاث المتقدمة استطرادا، ونتكلم عليها في هذا الفصل خصوصا، فنقول:

1 ـ قال الشارح المعتزلي نقلا عن علم الهدى السيد المرتضى (ره): أما الذي
يدل على ما ذكرناه فهو أنها كانت معصومة من الغلط، مأمونا منها فعل
القبيح، ومن هذه صفته لا يحتاج فيما يدعيه إلى شهادة وبينة. فإن قيل:
دللوا على الأمرين، قلنا: بيان الأول قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)(61). والآية تتناول جماعة منهم
فاطمة عليها السلام، بما تواترت الأخبار في ذلك، والإرادة ههنا دلالة على
وقوع الفعل المراد. وأيضا فيدل على ذلك قوله عليه السلام: (فاطمة بضعة
مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل)، وهذا يدل على
عصمتها لأنها لو كانت ممن تقارف الذنوب لم يكن من يؤذيها مؤذيا له صلى
الله عليه وآله وسلم على كل حال، بل كان من فعل المستحق من ذمها وإقامة
الحد ـإن كان الفعل يقتضيهـ سارا له صلى الله عليه وآله وسلم(62).



2 ـ قال العلامة الأميني (ره): لا يسعنا أن في الدفاع عن الخليفة بما قال
ابن كثير في تاريخه5، صلى الله عليه وآله وسلم249 من أن فاطمة حصل لها
ـوهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمةـ عتب وتغضب، ولم تكلم الصديق حتى
ماتت. وقال في ص289:وهي امرأة من بنات آدم، تأسف كما يأسفون، وليست بواجبة
العصمة… أنى لنا السرف والمجازفة في القول بمثل هذا تجاه آية التطهير في
كتاب الله العزيز النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها؟ أنى لنا بذلك
وبين يدينا هتاف النبي الأقدس صلى الله عليه وآله وسلم: (فاطمة بضعة مني،
فمن أغضبها أغضبني)؟ وفي لفظ: (فاطمة بضعة

مني، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها)(63). أقول: ومزيد التحقيق في
كتابنا هذا، فصل فضائلها المشتركة سلام الله عليها في عنوان اشتراكها في
الحرب والسلم.



3 ـ قال العلامة السيد عبد الرزاق المقرم (ره) بعد نقل آية التطهير الدالة
على عصمتها عليها السلام: ولو أعرضنا عن البرهنة العلمية فإنا لا ننسى
مهما ننسى شيئا أنها صلوات الله عليها مشتقة من نور النبي صلى الله عليه
وآله المنتجب من الشعاع الإلهي، فهي شظية من الحقيقة المحمدية، المصنوعة
من عنصر القداسة… فمن المستحيل ـوالحالة هذهـ أن يتطرق الإثم إلى أفعالها،
أو أن توصم بشيء من شية العار، فلا يهولنك ما يقرع سمعك من الطنين أخذا من
الميول والأهواء المردية بأن العصمة الثابتة لمن شاركها في الكساء لأجل
تحملهم الحجية من رسالة أو إمامة، وقد تخلت الحوراء عنهما، فلا تجب
عصمتها؛ فإنا لم نقل بتحقق العصمة فيهم عليهم السلام لأجل تبليغ الأحكام
حتى يقال بعدم عصمة الصديقة لعدم توقف التبليغ عليها، وإنما تمسكنا
لعصمتهم بعد نص الكتاب العزيز باقتضاء الطبيعة المتكونة من النور الإلهي
المستحيل فيمن اشتق منه مقارفة إثم، أو تلوث بما لا يلائم ذلك النور
الأرفع حتى في مثل ترك الأولى. وهذه القدسية كما أوجبت عدم تمثل الشيطان
في المنام على ما أنبأت عنه الأخبار الصحيحة أوجبت نزاهة الزهراء عليهما
السلام يعتري النساء عند العادة والولادة تفضيلا لها ولمن ارتكض في بطنها
من طاهرين مطهرين. ومما يؤكد العصمة فيها المتواتر من قول الرسول صلى الله
عليه وآله وسلم: (فاطمة بضعة مني، يغضبني من أغضبها، ويسرني من سرها، وإن
الله يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها)، فإن هذا كاشف عن إناطة رضاها بما فيه
مرضاة الرب جل شأنه وغضبه بغضبها، حتى أنها لو غضبت أو رضيت على أمر مباح
لابد من أن يكون له جهة شرعية تدخله في

الراجحات، ولم تكن حالة الرضا والغضب فيها منبعثة عن جهة نفسانية؛ وهذا
معنى العصمة الثابتة لها سلام الله عليها...(64) أقول: إن آية التطهير تدل
دلالة واضحة على أنها عليها السلام مطهرة طهارة حقيقة عن كل نقص وعيب
ووصمة وشين، لا من جهة الذنوب والمعاصي فحسب، بل عن الخواطر النفسانية
التي لا تنافي العصمة التي ثابتة في الأنبياء وهي واجبة لهم، إذ كل ما
يتنفر عنه العقل والطبع فهو داخل في الرجس، وهي عليها السلام قد طهرت عنه
تحقيقا لدلالة الآية الشريفة؛ وقد حققنا المسألة في كتابنا (الإمام علي
عليه السلام) بما لا مزيد عليه.



الهوامش

55 ـ (حلية الأولياء) ج2، ص41. وراجع أيضاً مثله في (أعيان الشيعة) ج1، ص308 نقلاً عن (الاستيعاب).

56 ـ المصدر السابق.

57 ـ (حلية الأولياء) ج2، ص41 ـ42.

58 ـ (المناقب لابن شهر آشوب) ج3، ص341.

59 ـ المصدر السابق.

60 ـ (البحار) ج43، ص91 ـ92.

61 ـ الأحزاب، 33.

62 ـ (شرح النهج) ج16،ن ص272.

63 ـ (الغدير) ج7، ص231.

64 ـ (وفاة الصديقة الزهراء عليها السلام) ص54 ـ55.
ريحانة المصطفى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس