في سلامة من ديني ؟؟
قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام:
لقد خبرني حبيب الله وخيرته من خلقه، وهو الصادق المصدوق عن يومي هذا، وعهد إلي فيه فقال:
(يا علي كيف بك إذا بقيت في حثالة من الناس تدعو فلا تجاب وتنصح عن الدين فلا تعان. وقد مال أصحابك، وشنف لك نصحاؤك، وكان الذي معك أشد عليك من عدوك، إذا استنهضتهم صدوا معرضين. وإن استحثثتهم أدبروا نافرين يتمنون فقدك لما يرون من قيامك بأمر الله عز وجل، وصرفك إياهم عن الدنيا فمنهم من قد حسمت طمعه فهو كاظم على غيظه، ومنهم من قتلت أسرته فهو ثائر متربص بك ريب المنون........ حتى يقتلوك مكرا، أو يرهقوك شرا وسيسمونك بأسماء قد سموني بها، فقالوا:
كاهن، وقالوا ساحر، وقالوا كذاب مفتر، فاصبر فإن لك في أسوة.)
(قال الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام:
(كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض طرق المدينة، فأتينا على حديقة، فقلت:
يا رسول الله ما أحسنها من حديقة.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها.
ثم أتينا على حديقة أخرى فقلت: يا رسول الله ما أحسنها من حديقة.
قال صلى الله عليه وآله وسلم: ما أحسنها، ولك في الجنة أحسن منها.
حتى أتينا على سبع حدائق، أقول: يا رسول الله ما أحسنها، ويقول: لك في الجنة أحسن منها، فلما خلى له الطريق اعتنقني ثم أجهش باكيا، وقال:
بأبي الوحيد الشهيد.
فقلت: يا رسول الله ما يبكيك؟
فقال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك إلا من بعدي، أحقاد بدر، وتراث أحد.
فقلت: في سلامة من ديني؟
قال: في سلامة من دينك، فأبشر يا علي، فان حياتك وموتك معي، وأنت أخي، وأنت وصيي، وأنت صفيي، ووزيري، ووارثي، والمؤدي عني، وأنت تقضي ديني، وتنجز عداتي عني، وأنت تبرئ ذمتي، وتؤدي أمانتي، وتقاتل على سنتي الناكثين من أمتي، والقاسطين والمارقين، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى، و لك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك، وتظاهرهم عليك فإنك بمنزلة هارون من موسى ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه، وإن موسى أمر هارون حين استخلفه عليهم إن ضلوا فوجد أعوانا أن يجاهدهم بهم، وإن لم يجد أعوانا أنت يكف يده، ويحقن دمه، ولا يفرق بينهم. يا علي، ما بعث الله رسولا إلا وأسلم معه قوم طوعا وقوم آخرون كرها، فسلط الله الذين أسلموا كرها على الذين أسلموا طوعا فقتلوهم ليكون أعظم لأجورهم. يا علي وانه ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها، وإن الله قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة ولو شاء الله لجعلهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من خلقه، ولا يتنازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول ذا الفضل فضله، ولو شاء عجل النقمة، فكان منه التغيير حتى يكذب الظالم، ويعلم الحق أين مصيره. ولكن جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
فقلت: الحمد لله شكرا على نعمائه، وصبرا على بلائه، وتسليما ورضا بقضائه)
|