توفيق وتحقيق
قال الشيخ البهائي ـضاعف الله بهاءهـ في (مفتاح الفلاح): اعلم أن المشهور استحباب تسبيح الزهراء في وقتين: أحدهما بعد الصلاة، والآخر
عند النوم. وظاهر الرواية الواردة به عند النوم يقتضي تقديم التسبيح على
التحميد، وظاهر الرواية الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء عليها السلام
على الإطلاق يقتضي تأخيره عنه. (وقال (ره) بعد كلام) قلت: لأني لم أجد
قائلا بالفرق بين تسبيح الزهراء عليها السلام في الحالتين، بل الذي يظهر
بعد التتبع أن كلا من الفريقين القائلين بتقديم التحميد وتأخيره قائل به
مطلقا سواء وقع بعد الصلاة أو قبل النوم، فالقول بالتفصيل إحداث قول ثالث
في مقابل الإجماع المركب(26). وقال صاحب (الجواهر) (ره): وربما بينهما
بالفرق بين النوم والتعقيب، فيقدم التسبيح على التحميد في الأول دون
الثاني. وفيه مع أنه لم يقل به أحد بل الظاهر أو المقطوع به اتحاد كيفية
تسبيح الزهراء عليها السلام، ضرورة كون المأمور به في التعقيب تسبيح
الزهراء عليها السلام الذي أمرها به أبوها في النوم(27). وقال صاحب
الوسائل:عن أبي عبد الله عليه السلام (في حديث نافلة شهر رمضان) قال: سبح
تسبيح فاطمة عليها السلام، وهو (الله أكبر) أربعا وثلاثين مرة، و(سبحان
الله) ثلاثا وثلاثين مرة و(الحمد لله) ثلاثا وثلاثين مرة. فوالله لو كان
شئ أفضل منه لعلمه صلى الله عليه وآله وسلم إياها. أقول: الواو لمطلق
الجمع كما تقرر، فيجب حمله هنا على تقديم التسبيح كما مر، وعليه عمل
الطائفة. وفي (العلل) عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكري،
عن الحكم بن أسلم، عن ابن علية، عن الحريري، عن أبي الورد بن تمامة، عن
علي عليه السلام مثله، إلا أنه قال: إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثا
وثلاثين، فسبحا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين. أقول: هذا غير صريح
في منافاة ما سبق لما عرفت، ولاحتماله للنسخ
لتقدمه، وللتخصيص بوقت النوم، وللتقية في الرواية28. قال في (الجواهر):
وأما كيفيته فالمشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة بل في (الوسائل) عليه عمل
الطائفة أربع وثلاثون تكبيرة، ثم ثلاث وثلاثون تحميدة، ثم ثلاث وثلاثون
تسبيحة، بل لا خلاف في الفتاوى والنصوص عدا خبر (العلل) الذي ستسمعه، وقيل
إن رجاله أكثرهم من العامة(29). وأيضا عنه في أفضلية تسبيح الزهراء عليها
السلام:الذي ما عبد الله بشيء من التحميد أفضل منه، ولو كان شئ أفضل منه
لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(30). وهو في كل يوم في دبر كل
صلاة أحب إلى الصادق عليه السلام من صلاة ألف ركعة في كل يوم، ولم يلزمه
عبد فشقي، ولذا يؤمر الصبيان به كما يؤمرون بالصلاة إذ هو وإن كان مائة
باللسان إلا أنه ألف في الميزان، وطارد للشيطان،ومرضى الرحمن، ويدفع الثقل
الذي الآذان، وما قاله عبد قبل أن يثني رجله من المكتوبة إلا غفر له الله،
وأوجب الله له الجنة، خصوصا الغداة، وخصوصا إذا أتبعه بلا إله إلا الله،
واستغفر بعده، وبه يندرج العبد في الذاكرين الله كثيرا، ويستحق ذكر الله
تعالى له كما وعد بقوله تعالى (فاذكروني أذكركم)(31). وحكي لي عن (مكارم
الأخلاق)أنه روي فيه كون تسبيح الزهراء عليها السلام إحدى العلامات الخمس
للمؤمن… أفضله بمستفيض النقل تسبيحة الزهراء ذات الفضل. وعن البهائي: إن
ذلك (أفضلية التسبيح) يوجب تخصيص حديث (أفضل الأعمال أحمزها)، اللهم أن
يفسر بأن أفضل كل نوع من أنواع
الأعمال ذلك النوع(32).
|