انتصر على خصمك ولا تحفزه ضدك
الْحَيَاة لَا تَجْمَعُك فَقَط بِمَن تُحِبُّهُم وَمَن يُحِبُّوْنَك وَمَن تَحْتَرِمْهُم وَمَن يَحْتَرِمُوْنَك، فَهُنَاك أَصْنَاف أُخْرَى تَأْخُذ دَوْر الْخُصُوْمَة مَعَك، أَو تَحْقِد عَلَيْك، أَو لَا يَكُوْن هُنَاك -عَلَى أَحْسَن الْأَحْوَال- اسْتِلْطَاف بَيْنَك وَبَيْنَهُم.. فَكَيْف تَتَعَامَل مَع أَخْطَاء هَؤُلَاء وَتُصَوِّبُهَا؟ وَكَيْف تَخْرُج مُنْتَصِرَا فِي حِوَار مَا أَو مُوَاجَهَة مَعَهُم؟
هَل يَجِب أَن تَنْتَهِي دَائِمَا الْمَسْأَلَة كَالنِهَايَات الْحَرْبِيَّة الَّتِي يَجِب أَن يَخْسَر فِيْهَا أَحَد الْأَطْرَاف، وَيُفْقَد كُل عَلَاقَة -وَلَو سَطْحِيَّة- مَع الْأَطْرَاف الْأُخْرَى؟
يُمْكِنُك الْآَن مِن خِلَال هَذِه الْخُطُوَات أَن تَنْتَصِر فِي مَعْرَكَة كَلَامِيَّة أَو مُوَاجَهَة مَع أَحَد الْخُصُوْم، دُوْن أَن تَفْقَد احْتِرَامِه لَك، أَو تُفْقَد أَعْصُابِك فِي مُوَاجَهَتِه أَو تُحَفِّزُه ضِدَّك:
1- دَعْه يَحْتَفِظ بِمَاء وَجْهَه
فِي حَالَة أَن تُفْحِم خَصْمِك بِالْحُجَّة الْدَّامِغَة وَالْبَرَاهِيْن وَالْأَدِلَّة، لَا تَتَمَاد فِي كَسْر نَفْسِه وَإِرَاقَة مَاء وَجْهِه؛ فَيَكْفِي الْحَاضِرِيْن أَن يَعْرِفُوْا الْحَقِيقَة، وَأَن يُدْرِك هُو أَنَّك قَد فُزْت بِالجُوْلّة، لَكِنَّك مُنَافِس شَرِيْف، لَا تَتَشَفَّى وَلَا تُذِل خَصْمِك؛ فَهَذَا أُدْعَى لِأَن يَحْتَرِمْك، وَأَلَا تَخْلُق عَدَاوَة لَا تَزُوْل.. وَتَذْكُر أَن القِطَّة عَلَى ضُعْفِهَا، إِن ضَيَّقْت عَلَيْهَا الْخِنَاق سَتَنْقَض عَلَيْك لِتُدَافِع عَن نَفْسِهَا حَتَّى آَخِر رَمَق.
2- كُن آَخَر الْمُتَكَلِّمِيْن
فِي مُوَاجَهَة كَلَامِيَّة، لَا تَتَعَجَّل بِبَدْء الْحِوَار وَإِيْضَاح الْحُجَج؛ إِلَا لَو طُلِب مِنْك الْحَدِيْث؛ فَتَكَلَّم بِاقْتِضَاب، وَاعْرِض نُقْطَة وَاحِدَة فَقَط، ثُم انْتَظِر حَتَّى يَنْتَهِي مَن أَمَامَك مِن دِفَاعَه أَو هُجُوْمَه ثُم تَكَلَّم أَنْت؛ لِأَنَّك بِتأَخَّرّك عَنْه فِي الْحَدِيْث تَمْلِك رَصِيْدَا أَكْثَر مِنْه فِي تَفْكِيْرِك وَاسْتِجْمَاع نِقَاط حَدِيْثُك، وَرُبَّمَا زَل هُو بِكَلِمَة أَو كِلْمَتَيْن فِي عَجَلَتِه؛ فَكَانَت لَه لَا عَلَيْه.
وَاحْرِص عَلَى عَدَم مُقَاطَعَة مُحادثُك؛ حَتَّى إِذَا تَكَلَّمَت كَان لَك الْحَق فِي أَن تَطْلُب مِن الْجَمِيْع عَدَم مُقَاطَعَتِك حَتَّى تَنْتَهِي.
3- هَدَف وَاحِد يُسَهَّل صَيْدَه
رَكَّز فِي هُجُوْمِك أَو كَلَامُك عَلَى نُقْطَة وَاحِدَة فَقَط، وَلَا تَتَفَرَّع فِي الْحَدِيْث فَتَتَوَه أَدْلَتِك وَيَتَشَتَّت الْسَّامِعُوْن وَالْخُصُوْم، وَتُضَيَّع حُجَّتِك.. وَبَعْد أَن تَنْتَهِي مِن هَذِه الْنَّقْطَة انْتَقَل إِلَى غَيْرِهَا.
4- لَا تَجَادِل
إِذَا شَعَرْت أَنَّك تَدُوْر فِي حَلْقَة مُفْرَغَة مِن النَّقَّاش؛ بِحَيْث يَكُوْن كُل طَرَف يُجَادِل فَقَط لِإِثْبَات مَوْقِفِه؛ فَاصْمُت وَحَافِظ عَلَى ابْتِسّامْتَك أَو هُدُوُئَك، وَانْتَقَل لِنُقْطَة أُخْرَى دُوْن الْتَّعْقِيْب عَلَى شَيْء؛ فَهَذَا أَوَقِّع فِي نَفْس خَصْمِك.
4- "نَعَم" و"لَا"
حَاوَل أَثْنَاء اسْتِشْهَادِك بِحَادِثَة مَا أَو مَوْقَف، أَن تَكُوْن وَاضِحَة وُضُوْح الْشَّمْس، وَأَن تَكُوْن إِجَابَات الْشُهُوْد أَو خَصْمِك نَّفْسِه عَلَى سُؤَال تَسْأَلُه وَاضِحَة تَمَامَا كَالْإِجَابَة بـ"نَعَم" أَو "لَا"؛ فَهَذَا أَقْوَى حُجَّة وَأَكْثَر وُضَوْحَا وَلَا يَتْرُك مَجَالَا لِلَّبْس أَو الْتَّأْوِيْل.
5- عَفْوَا لَقَد أَخْطَأْت
اعْتِرَافِك بِخِطْئِك إِن كُنْت مُخْطِئَا، وَإِنْصَافُك لِخَصْمِك فِي حَالَة إِصَابَتَه، وَحِرْصُك عَلَى حَقِّه، يَرْفَع مِن قَدَرِك فِي عَيْنِك وَفِي عَيْن خَصْمِك وَفِي أَعْيُن الْنَّاس، وَيَجْعَل مَا فَعَلْت أَشْبَه بِالْجَمِيْل الَّذِي يُرَد إِلَيْك سَاعَة الْحَاجَة، إِذَا مَا كُنْت فِي مَوْقِف مُشَابِه.
6- مُذْنِب لَكِن قَلْبُه أَبْيَض
الشَّخْص الَّذِي يَبْدُو أَنَّه مُشَاكِس وَعَنِيَد يُمْكِنُك أَن تَسْتَقْطِب الَدَاوُفَع الْنَّبِيّلَة دَاخِلَه؛ بِمَعْنَى أَنّك يُمْكِن أَن تُهَاجِم؛ لَكِن أَن تَحْرِص عَلَى أَن تُخَلِّل كَلِمَاتِك بِأَوْصَاف تَحْتَرِمُهَا فِي هَذَا الْشَّخْص وَتُحِبُّهَا فِيْه؛ كَاعْتِرَافِه بِالْخَطَأ، أَو قَوْلُه الْحَق وَلَو عَلَى نَفْسِه، وَمَا شَابَه؛ فَهَذَا يَكْسِر حِدَّة الْخُصُوْمَة، وَيَجْعَل الْبَاب مَفْتُوْحَا لَأَيَة تَسْوِيَة أَو عِلَاقَة طَيِّبَة فِي الْمُسْتَقْبَل، وَقَد يَخْدُمُك كَثِيْرَا فِي مُوَاجَهَتَك تِلْك فِي بَعْض اللَّحَظَات حِيْنَمَا يُحَاوِل هُو رَد الْمُجَامَلَة بِمِثْلِهَا، أَو يُصَدِّق فِي حَدِيْثِه إِذَا مَا اسْتَشْهَدْت بِه.
منقووول