وقفت هبة امام جثمانه تبكي بصمت ..
ومحمد واقف الى جانبها يبكي ويصرخ
بابا بابا اصحى ليش نايم .. بابا رد علي
اما والدة الشهيد البطل .. كانت جالسة امام ولدها الملفوف بكفنه الأبيض
تنظر إليه غير مصدقة ..
تكلمه بدورها
ثائر يا ثمرة فؤادي ..
ربيتك بدمع العين .. واطعمتك حبات قلبي
رأيتك تكبر امام ناظري .. وتصبح كالبدر ليلة تمامه
ثائر يا شمعة عمري لماذا اطفئت باكرا ..
ثائر يا نور عيوني .. لا تتركني ..
ثائر .. زفيتك لهبة .. وتمنيت ان ارى اولادك ..
وتحققت امنيتي وجاء محمد أغلى من روحي ..
تمنيت ايضًا ان تمسك يدي وتساندني .. يوم نقف في عرس ابنك
انا يا ولدي .. ربيتك على حب الوطن .. ربيتك على الإيمان
والإسلام ..وعلى نهج سيد الشهداء الامام الحسين
عليه السلام
بارك الله فيك يا حبيبي .. بيضت وجهي .. امام مولاتي فاطمة .. امام مولاتي الحوراء زينب ام المصائب ..
يا ثائر يا مهجة الفؤاد ..
رحلت باكرا من حضن امك .. الى حضن الثورة
فعشقت فلسطين قضية كبرى .. وذبت في هوى الأقصى ..
فهل يا ترى يكون لك ما تتمنى ..
وان نصلي خلف مولانا
هناك حيث الارض المقدسة
يا رب انصرنا على الظالمين .. يا رب يارب يارب يارب
بعد عدة أيام ..
زارهم بعض الشباب من اصدقاء ثائر ..
يعزون .. بل يهنون ..
فكيف لا نهني اهلا .. قد من الله عليهم اذا اختار واحدا من ابنائهم شهيدا
وقد قدم احد الشباب ظرف اخبرهم انه وصية من ثائر لهم ..
ولكل واحد فيهم ورقة لا يقرؤها الا صاحبها ..
فتح ياسر الظرف ووزع الاوراق ..
كان له ورقة ولنسرين ايضًا واحدة ..
ولوالدته ووالده ولمحمد واحمد التوأم
ولهبة ورقة جميلة كان لونها مختلف وفيها عطر
اما محمد الصغير فقد ترك له تسجيل "فيديو "
ركضت هبة الى غرفتها ..
وجلست على سريرها وأخذت تقرأ كلماته وكأنها رسالة من
حبيبها ..
وليست وصيته
زوجتي العزيزة .. في اليوم الذي اصبحت فيه حلالي .. سكنت قلبي وتربعت كالملكة عليه .. احببتك بل عشقتك حتى النخاع ..
هبة ايتها الغالية .. يا اطهر انسانة .. احمد لله عز وجل اذ اختارك لي زوجة وجعلك انيسة لروحي ..
منذ بداية علاقتنا كنت على يقين ان اختياري كان صائبا .. وكنت اعلم ايضًا
انك الزوجة التي ستقف قوية يوم أعود اليها جثة هامدة فتقف امام نعشي بثبات
لا تصرخ ولا تجزع .. وتحتسب الأجر عند الله
وتتخذ من مولاتها الحوراء قدوة
ومن نساء الامام الحسين عليه السلام
في يوم عاشوراء أسوة
الحياة امامك فاستغليها على اكمل وجه فها انا الآن في قبري لاحول لي ولا قوة ..
اتمنى لو اعود الى الدنيا ليكون زاد آخرتي اكبر..
فأعدي العدة واحسني الزاد .. ولا تنسيني من صالح دعائك واعمالك
هبة وصيتي اليك نفسك ..
فلا تتركيها ابدا ..اسيرة لشهوة او غريزة
ووصيتي ايضًا والتي هي قطعة مني .. محمد
انهم يا هبى احتلواوارضنا
وظلمونا ولكننا الحقنا بهم الهزيمة وسننتصر
ولكنهم سيحاولون من جديد غزونا ولكن من خلال احتلالهم لعقول ابنائنا ..
فيبعدونهم عن دينهم .. ويسعون لتبديل قيمهم ..
فينسون ذكر الله ..والخشية منه ..
هذا الغزو اشد إيلاما واكثر فعالية
لانه يقتحم كل بيت .. فيخربه .. ويجعله دمارا ..
انتبهي له واحسني تربيته وانا كلي ثقة انك ستنجحين ..
ارجوك لا تضربيه .. فهو اليوم يتيما لا اب له .. فامسحي على رأسه دائما وتذكريني ..
ياسر بدوره قرأ وصيته .... دخل بعدها عدة ايام الى المشفى نتيجة انهيار عصبي حاد
لا يترك الصلاة في المسجد مهما حصل .. ولا يتهاون في معصية ..
دقيق في امور الحلال والحرام ..
ولدت نسرين .. وانجبت طفلا اسموه ثائرا
محمد يكبر في منزل جده محاطا بالكثير من الحب ..
في هذا اليوم سيدخل محمد عامه الدراسي الأول
ألبسته امه الزيّ المدرسي ..
حمل حقيبته ..
قبل جدته
واصطحبه عمه ياسر ..بسيارته
اما هبة فقد وقفت تتأمل المشهد
ودموع تتدحرج على وجنتيها
فتذكرته كم كان يتمنى رؤية طفله يكبر ويدخل المدرسة ويكمل تعليمه ويتفوق ..
فيخدم بعلمه خط الإسلام ونهجه ..
ولكن اليوم ثائر .. غير موجود
أتمنى ان تنال اعجابكم وتصل اهدافي اليكم
فيكون لنا في الوقت الذي امضيناه نكتب ونقرأ
ويكون في كلماتها .. عظة وعبرة ومنفعة