الجزء الخامس
تزوج ياسر وكان حفل زفافه فخم جدا فيه الكثير من البزخ والترف ... وسكنا مع والدتهما في جناح خاص أثث بغاية الاتقان واشرف على تصميمه أشهر مهندسي الديكور في البلد وهبة تأكلها الحسرة وتنهش المرارة في جسدها وهي تتأمل جناح العروسين
ونسرين بكل صدق تخبرها : بس الحقيقة انا اتمنى اسكن في بيت منفصل مثلك انت وثائر اما هي لم تعلق فلا تدري ماذا تقول لها .. هل تخبرها حقيقة انها تتمنى لو تسكن في هذا الجناح مكانها ام ماذا ؟ ومن ثم سألتها
أين صور زفافك أريد رؤيتهم ..
اسرعت نسرين واحضرت البوما كبيرا ابيض مزين بحبات من الكريستال واعطته لهبة وجلستا تتأملان الصور وتولت نسرين التعليق وهي بقيت صامته ..
وعندما انتهتا من مشاهدة الصور أخذت تحدثها عن شهر العسل وكم كانت فرنسا جميلة مع أنها كانت تود الذهاب الى إيطاليا ولكن ياسر اصر على زيارة باريس باعتبارها مدينة العشاق ..
وهبة تتظاهر بالسعادة والانشراح
تنتهي الزيارة وتعود هبة الى منزلها ويكون زوجها في انتظارها يرحب بها بحرارة ويسألها
فيرتفع صوتها كمن كان مكتوم على نفسه ووجد فسحة ليتنفس
وكانت تكاد ان تنفجر من الغيظ
اي استمتاع هذا وانا اناظر بعيني كل شي اتمناه تملكه هي وانا ما املك شي ..
انا كل ما اطلب منك طلب تقول مافي فلوس ما في فلوس
يقوم ثائر من مكانه يقترب منها وبصوت مليئ بالغضب و بنظرات تكاد تقطع هبة لشدة حدتها
" اخفضي صوتك عندما تتكلمين معي .. وإلا "
ويحرك اصبعه امام وجهها فترتعب وترتجف اوصالها وخاصة عندما تسمع صوت انفاسه
"سامحني .. سامحني .. هذا الكلام ما ابي اسمعه منك مرة ثانية فاهمة .. انت لا تملكين القناعة لذلك لن تشعري بالفرح مهما ملكتي .. " وهو لا زال يتكلم وشرارات الغضب تقدح من عينيه ووجه يكاد ينفجر ..
" خلاص .. ارجوك اغفر لي اعتذر انا غلطانة "
انت لست طفلة تقولين كلاما ثم بثواني تعتذرين عنه
وانا مشاعري شنو يوم تقولين ما املك شي ؟ بس تبين ترفعين ضغطي .. ؟
شوفي نفسك .. صلاتك شلون صايرة كنقر الغراب .. هذا كتاب الله من متى مافتحتيه .. كم مرة قلت لك لا تهملي مستحبات الحمل .. عباءتك كم مرة نبهتك لا تلبسينها ملفته .. خلاص انا تعبت .. وانا اشوف زوجتي ام عيالي .. متعلقة حتى النخاع في هذه الدنيا ..
تجهيزات ولادتي ابيها افضل الماركات " وهو يقلد صوتها "
انا بشتري ثيابي من المحل لنسرين اشترت منه ..
نسرين وياسر لبسو .. سافروا .. اكلو نامو .. تكلمو ..
ما تعبتي من المقارنة ما تعبتي من مراقبتهم .. اخاف تموتين من الهم ..
وتخسرين الدنيا والآخرة ..
وكان هنالك الكثير من الكلام الذي اراد ان يقوله لها .. ولكن اعصابه لم تعد تتحمل وهو يراها تترجاه ..اشمأز من منظرها .. فما الذي يدفعها لأن تجلس عند قدميه
هو يريدها عزيزة .. كرامتها فوق اي شيئ ..
أبعدها عنه .. أخذ هاتفه وصفع الباب بقوة وذهب
جلست على الأرض تبكي وتنتحب وتلوم نفسها
تتصل به ولا يرد
مضت ساعتين وهي لازالت في مكانها
عاد ثائر واحزنه ما رأى فاقترب منها وساعدها على النهوض ورافقها الى السرير
مددها عليه ورفع الغطاء وغطاها اطفأ النور واراد ان يخرج من الغرفة فنادته بصوت متعب يرتجف .. انا اتألم يمكن طلق..
ماذا أفعل
" وبدأالخوف يسري في عروقه ولكنه لم يظهره لها "
لا أعلم سأراقب الألم إذا كان منتظم ومتتالي نذهب الى المستشفى ..
كما تشائين ارتاحي الآن وانا سأجلس في الصالة .
ازداد الألم وكان بالفعل منتظم كل عشر دقائق .. مغص قوي يصيب أسفل بطنها
قامت استحمت وحضرت حقيبتها وبعض الأغراض للمولود وثائر في الصالة نائم ..
لبست عباءتها وذهبت إليه ايقظته بهدوء ..
وبسرعة استيقظ نظر إليها بحنان وكأنه قد نسي كل ما حصل قبل ساعات
أمسك يدها ومسح على رأسها .. وسألها
" نعم بس لو نتصل على امي وعمتي "
ولدت هبة وجابت محمد مهدي .. وكان ثائر سعيدا وهو يحمل هذا الكائن الصغير بين يديه ..
يتأمله ويقول في سره .. هذا ولدي هذا من صلبي ..
الحمد لله على هذه النعمة .. سبحانك ما اكرمك حين وهبتنا ذرية طيبة ولم تحرمنا ..
وعندما سئل عن سبب تسميته محمد .. هل على اسم أخيه
فأجاب قطعا لا .. لو اردت ان اسمي على اسم احد من العائلة لاخترت ان اسمي على اسم والدي
ولكنني سميته محمدا تيمنا بنبينا نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه . وجعلته اسم مركب ليكون ايضًا
على اسم مولانا حجة الله صاحب الزمان
علّه يكون من الممهدين لظهوره
والموالين لجده علي عليه السلام
والمجاهدين تحت راية الحق .. الصفراء
ذهبت هبة الى منزل والدتها لتجلس فترة نفاسها .. وجاءت نسرين لزيارتها وكانت ايضًا ربى ومريم وعبير مجتمعين في غرفة هبة ..
وربى كالعادة كلامهافاضي ما في إلا الثرثة والفضول .. تسأل :
ها خبرينا .. ماذا أهداك ثائر بمناسبة الولادة ؟
بدأت امارات الخجل على وجه هبة فباغتها السؤال فزوجها ربما لم يفكر في الامر من الاصل وحتى وضعهم المادي لا يتحمل مثل هكذا هدايا فهزت رأسها بالنفي وقالت : يوم صرت ام لطفل من صلبه هذه اجمل هدية " ولكنها لم تكن مقتنعة بكلامها ولم تساعدها ربى على الاقتناع به "
ربى : شلون يعني ما جاب شي .. المفروض يجيب لك لو خاتم صغير
هبة لا تعليق .. حملت طفلها بين يديها وصارت تهزه برفق كي تخفي توترها
اما عبير فلاحظت ما الم بهبة فتولت الرد على ابنة عمها
: ثائر ما فيه مثله اثنين .. هو أثمن من الذهب والألماس والياقوت والمرجان .. وحولت نظراتها باتجاه نسرين وكانها توجه الحديث لها ..
" من يوم كنا صغار وهو مثال الأخلاق الحسنة .. ما اذكر يوم كنا في طلعة في البر او في اي مكان وصار وقت الصلاة الا وهو اول واحد يصلي ..
الأغاني بعمره ما سمعها حتى ايام المراهقة ..
اسألي عمتي إذا في يوم قال لها كلمة تجرحها هي او اي احد .. ولما اختار ان ينضم لصفوف المقاومة وكان في الصفوف الأمامية الكل عارض ولكنه اصر على موقفه وبثابته وتوكله على الله واخلاقه الحلوة دفع الجميع للموافقة واحترام خياره .. زوجك يا اختي وهنا تنظر الى هبة .. يساوي وزنه ذهب "
فيوافق الجميع على كلامه ..
اما نسرين فترد على كلام عبير : " انا لاحظت هذا الشيئ .. ما يوم كلمني الا ونظره في الارض او في شيئ آخرالمهم ما ينظر الي رغم اني زوجة اخيه .. الكل يشهد له بأخلاقه .. وحاسدينك عليه يا هبة .. وتغمز لها . فتبتسم هبة وترتاح ..
أنهت هبة نفاسها وعادت الى منزلها وسرعان ما استرجعت حياتها فقد كانت منظمة جدًا .. وضعت جدولا للطفل فنظمت له وجباته واوقات نومه .. وخصصت وقت للإهتمام بمنزلها فهي تكره الفوضى وتعشق الترتيب
اخذت تسيطر على الأمور وبدأت تجد الوقت للقيام بتمارين شد البطن نظمت اكلها وحتى نومها كانت تحاول ان تأخذ قسطا من النوم في النهار وما هي الى أشهر قليلة حتى استعادة وزنها السابق ورونقها
كان ثائر سعيدا بزوجته وطفله .. فبعد ولادتها انشغلت كثيرا فلم تعد تلتقي بعائلة أخيه ألا نادرا مما جنبهما الكثير من الخلافات
ملأ البيت ضحكا ولعبا .. ما ان يعود والده من العمل حتى يتعلق بعنقه ويجلس في حضنه .. ويستلم ثائر الاهتمام بشؤونه ليريح هبة .. فقد كان يرق قلبه حين يرى آثار التعب عليها .. فمحمد شقي جدًا
وهبة تحاول إصلاح نفسها يوم تنتصر على الشيطان ويوم آخر يغلبها
.. بدأ محمد المشي و اصبح يستطيع نطق بعض الكلمات والعائلة بأكملها متعلقة به وخاصة ياسر وزوجته والتي شاء الله ان لا تحمل الى الآن ..