عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-2011, 09:42 PM   #17
عشقي حسيني
♣ مشرفة سابقة ♣ محرومة من تربة المظلوم
 
الصورة الرمزية عشقي حسيني
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: في قلب فاطمة الزهراء عليها السلام
العمر: 29
المشاركات: 634
معدل تقييم المستوى: 676
عشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond repute
افتراضي رد: وكانت صديقة (تابعينا ) ^_^

سكوتُها رضاها



نسيم عليلكان يداعب سعفات النخيل، يحرّكها برفق، وظلال وارفة تنتشر تطرّز أرض رجل من « الأنصار » كان عليّ ما يزال منهمكاً بإرواء نخلات باسقات، يحمل المياه على بعير لهبأجر.. وقد تصبّب عَرَقاً..
جلس الفتى الذي بلغ من العمر خمسةً وعشرين سنة.. جلسيلتقط أنفاسه.. أسند جذعه إلى جذع نخلةٍ مَيساء.. وطافت أمامه آيات منالقرآن...
ـ « ربِّ إني لِما أنزلتَ إليّ مِن خيرٍ فقيرٌ ».
من بعيد لاح لهرجلان قادمان كانا يحثّان الخطى... سرعان ما عرفهما. عرف أوّلاً عمر، يُعرَف طريقتهفي المشي، ثمّ تعرّف « أبا بكر » لأنه طالما شاهدهما معاً.. فهناك ما يشبه الصداقةبينهما...
تمتم أبو عائشة:
ـ يا أبا الحسن.. لم تبق خصلة من خصال الخير إلاّولك فيها سابقة وفضل.. وأنت من رسول الله بالمكان الذي قد عُرِفتَ من القرابةوالصحبة والسابقة... فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله وتخطبها منه ؟
قال عمر دونمقدمات:
ـ وقد خطبها الأشراف من قريش فردّهم... وأظنّه قد حبسها منأجلك.
أمسك « أبو بكر » بخيط الحديث:
ـ ما الذي يمنعك يا علي أنتذكرها!!
تمتم عليّ وقد لاحت في عينيه غيوم ممطرة:
ـ والله إن فاطمة لَمَوضعُرغبة.
وأردف وهو يقلّب يديه:
ـ ولكن يمنعني قلّة ذات اليد.. أنا لا أملك منحطام الدنيا سوى سيف ودرع وهذا البعير.
قال أبو بكر متأثّراً:
ـ إن الدنيالدى رسول الله كهباء منثور.
وقال عمر وهو يحثّه:
ـ اخطبها يا علي تَزْدَدْفضلاً إلى فضلك.
سكت عليّ وطافت في عينيه أحلام جميلة.
نهض عليّ إلى ساقيةٍقريبة وراح يتوضّأ، أشاعت برودة الماء السّلام في روحه؛ وأدرك الشيخان أن « عليّاً » قد حزم أمره، فغادرا المكان وقَفَلا عائدَين.
كان « النبيّ » جالساً في حجرةأمّ سلَمَة، وكان عبير الوحي يطوف في سماء المكان.
ارتفعت طرقاتٌ على الباب.. وهتفت أمّ سلمة:
ـ مَن الطارق ؟
قال النبي وقد عرفه:
ـ افتحي له.. هذا رجليحبّه الله ورسوله.
فتحت أمّ سلمة الباب... وتريّث « الطارق » ريثما تعود « أمّالمؤمنين » إلى خِدرها:
ـ السلام على رسول الله.
ـ وعليك السلام يا أباالحسن.
جلس ربيبُ النبيّ مطرقاً.. تلألأت حبّات عرق فوق جبينه الواسع.. كلماتتطوف في أعماقه.. وقد انتصب الحياء سدّاً كصخرة صمّاء تقطع تَدفُّقالساقية.
أدرك النبيّ ما يموج في أعماق عليّ، فقال والبسمة تطفح فوق وجهه:
ـياعلي، كأنّك أتيت لحاجة.. فقل حاجتك.
انفتحت أمام الفتى كوّة من أمل، ووجد نفسهيقول:
ـ يا رسول الله.. إن الله هداني بك وعلى يديك، وقد أحببت أن يكون لي بيتوزوجة أسكن إليها، وقد أتيتك خاطباً ابنتك فاطمة.
كانت أمّ سلمة تنظر إلى وجهالنبيّ، فرأت بسمةً تطوف في محيّاه. قال النبيّ:
ـ يا عليّ، إنه قد ذكرها قبلكرجال فذكرت ذلك لها، فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رَسلِك حتّى أدخلعليها.
نهض النبيّ، ونهض عليّ إجلالاً له.
ـ يا فاطمة.
ـ لبيك يا رسولالله.
إنّ عليّ بن أبي طالب مَن قد عَرَفتِ قرابتَه وفضله وإسلامه.. وإني قدسألتُ ربّي أن يزوّجكِ خير خلقه وأحبّهم إليه؛ وقد ذكر من أمركِ شيئاً.. فما ترين؟
أطرقت فاطمة وكانت علامة رضا تطوف فوق وجهها تغالب مسحةَ حياء صبغت وجنتيهابحمرة خفيفة كشمسِ صباحٍ باسم.
هتف النبيّ مستبشراً:
ـ الله أكبر، سكوتُهارضاها.

تدفّق ينبوع فرح في بيت أمّ سَلَمة. طاف الخبر السعيد منازلَ المدينةكفراشة تدور، تحطّ هنا وترفرف هناك، وحلّقت في الأفق أحلام العذارى، وشمّ بعض أهل « الصُّفّة » رائحة وليمة عرس.
قال النبيّ وهو يتطلّع إلى صهره:
ـ هل معك شيءأُزوّجك به ؟
عَرَض الفتى بضاعته:
ـ سيفي ودرعي وناضحي.
ـ أمّا سيفكفالإسلام يحتاج إليه، وأمّا ناضحك فتنضح به على نخلك وتحمل عليه رَحلك، ولكنيرَضِيتُ بدرعك.
وانطلق عليّ عارضاً درعه على من يشتريه، وسرعان ما وجد لهمبتاعاً.. اشتراها منه « عثمان » وأقبل الفتى يحثّ خطاه إلى منزل النبيّ، فصبّالدراهم بين يديه وكانت أربعمئة درهم.
انطلق عليّ يهيئ منزله الجديد، وصورةفاطمة بربيعها الخامس عشر ما تزال تطوف في عينيه، وشعر بأن نبعاً من مياه باردةيتدفّق في قلبه..
نَشَر أرضَ الحجرة برملٍ ليّن، وراح يمسح عليه بكفّه، فبداكبلاطة ناعمة، وثبّت خشبة بين الجدارين في أقصى الحجرة لتكون مشجباً للثياب.. وبسطفوق زاوية من الرمل جلد كبش، زيّنها بوسادة من الليف... وهكذا تمّ بيت فاطمة بنتمحمّد.
أجال علي بصره في الحجرة.. لا شيء يشدّ قلب المرأة.. لا حرير ولا فراشوثير.. ولكنه يعرفها جيّداً، يعرف بنت النبيّ. إنّها ليست سوى نفسه الكريمة التيتأبى سوى حياة البساطة والحياة الخالية من بهارج الدنيا الزائلة
__________________


كون حسين محبوبك ... أبشر طاحت أذنوبك
لو غـطـاك الــــتراب ... يوكفلك بالحســاب
وبيده يمضي مكتوبك
عشقي حسيني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس