الجزء الرابع
مضت أيام الزواج الأولى جميلة .. مليئة بالحنان والحب
, كما أخبرنها صديقاتها وقريباتها ..
لم تكن تختلف روايتها عن النسخة الأصلية التي سمعتها .
عاد جعفر إلى عمله فاجازته قد انتهت ..
ودعته مريم في الصباح .. والحزن باد على محياها فكانت تريده ان يبقى الى جانبها ..
مريم : انتهت الاجازة سريعة .. ابقى يومين آخرين في المنزل
جعفر :علي العودة الى العمل .. كما انني مللت البقاء في البيت
فانا لم اتغيب عن الدوام يوما منذ ان توظفت ..
فالعمل مهم جدًا بالنسبة لي انه مستقبلي .. وطموحي واحلامي .. ومنه سنأكل ونعيش ..
بمناسبة الأكل ماذا سيكون الغداء اليوم ؟
ابتسمت مريم ابتسامة باهتة فكانت غارقة في تفسير كلامه عن الملل ..
" سأحضر لك طعاما لذيذًا "
اقترب منها قبلها وبسرعة حمل مفاتيح سيارته .. وأغلق الباب خلفه دون ان ينظر وراءه .. كان مستعجلًا جدًا .
جلست مريم في غرفتها مهمومة ..
فلم تكن تتوقع من حبيبها هذا الكلام ..
" مل من البيت .. مل من البيت .. مل من البيت "
هذا يعني انه ملّ مني ..
هل انا زوجة مملة ..
آه منك يا جعفر كم انت قاسي
وظلت طوال اليوم تكرر هذا الكلام بينها وبين نفسها
حتى اقتنعت هي ايضًا انها زوجة مملة وزوجها مل منها ..
فلم تعي حقًا انه قد مل من الجلوس فالبيت والروتين ..
هو رجل يحب العمل ويتحمل مسؤولية ..
اشتاق لزملائه ومكتبه وانجازاته ..
وهذا جزء من حياته ..
الرغبة في العودة اليه لا يعني انه يريد ترك الجزء الأهم وهو زوجته ..
يل هو يريد التوفيق بينهما لأنه كلاهما ضروري بالنسبة له .
ولكن مريم كانت شخصيتها ضعيفة نوعا ما وسرعان ما اهتزت ثقتها بنفسها .. ومن كثيرة حديثها السلبي مع الذات .. اقنعت عقلها الباطني بأنها فعلا زوجة مملة ..
عاد جعفر من العمل بعد يوم شاق ..
فهو مهندس
ويضطر بعد الأوقات الى مغادرة مكتبه والذهاب الى المواقع الميدنية لمراقبة بعض انشاءات الشركة التي يعمل بها ..
تناولا الغداء وقد كان لذيذًا
أعجب جعفر وطلب منها ان تسكب له المزيد ولكنه لم يثني عليه ..
وهذا ما زعج العروس الحالمة ايضًا .
رفعت مريم الأطباق
وجهزت الشاي ..
ومن ثم جلسا في الصالة ..
جعفر يتابع نشرات الأخبار .. ومريم تناظره .
تريد ان تندس في حضنه ..
ان يحيطها بيديه .. ان يحتويها بحبه و عطفه
ولكن حبيبها لم يفعل اي شيئ مما حلمت به وخططت له ..
بل استأذن منها وذهب لينام فيريح جسده المنهك ..
بعد قليل من الوقت ذهبت وراءه ..
فوجدته نائما
قالت في سرها بهذه السرعة ينام ..
تمددت الى جانبه وحاولت ان تغفو قليلا
ولكنها كانت تحلل وتفسر وتفصل كل كلمة وموقف صدر منه .
بعد ساعة تقريبًا استيقظ جعفر
ابتسم لها ومسح على رأسها ولكنها كانت جافة جدا في التعاطي معه
فهي تعيش دور المظلومة التي اقنعت نفسها به .
ولكن جعفر لم يلاحظ بل تصرف بشكل طبيعي فهو لم يفعل ايامر قد يزعج محبوبته ..
مع الأيام كبرت عقدة المظلومية عند بطلتنا .. قكانت دائما ما تفتعل المشاكل
وتبكي لأتفه الأسباب وتتهم زوجها بأنه جاف ولا يهتم بأمرها ..
وجعفر يلوذ بالصمت ..
مستغربا من كلامها ..مستنكرا تصرفاتها
فهو من منظاره الشخصي يجد نفسه غير مقصر في حقها ودائما ما يحاول استيعاب نوبات غضبها ..
هو يعلم انه لا يجيد الكلام المعسول ..
وليس لديه أفكار رومنسية ..
ولكنه في حقيقة الامر يحبها جدًا
وردة 19
ويكفي ان يحترمها .. ولا يرفض لها طلبًا ..
لا يكلمها بأي كلمة غير لائقة ..
يعمل جاهدًا لتوفير مستلزماتها ومستلزمات المنزل ..
يحب اهلها ودائما ما يزورهم وإذا ما جاءوا لزيارته في منزله فأنه لا يقصر في ضيافتهم بل ويبالغ في إكرامهم ..
ولكنه بدأ يشعر ان زوجته لا تقدر ما يفعله من أجلها
فهو حقًا يتألم عندما يرى دموعها
ولكن لا يعلم ماذا عليه ان يعمل .. وكيف يتصرف
يتبع ...