عرض مشاركة واحدة
قديم 29-05-2011, 03:21 PM   #1
عشقي حسيني
♣ مشرفة سابقة ♣ محرومة من تربة المظلوم
 
الصورة الرمزية عشقي حسيني
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: في قلب فاطمة الزهراء عليها السلام
العمر: 29
المشاركات: 634
معدل تقييم المستوى: 676
عشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond reputeعشقي حسيني has a reputation beyond repute
Icon17 وكانت صديقة (تابعينا ) ^_^















اللهم صلي على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها



























ولي عودة بتكمله أجزاء الرواية




الشروط :

* لا أسمح بتعليق على الموضوع الا بعد تكملة جميع الأجزاء وذلك لكي تكون الرواية متسلسة وسهلة على الأعضاء في القراءة

* سيكون عدد الأجزاء 39 جزءا

* سوف أقوم كل يوم بوضع جزء ... اذ أتيحت لي الفرصة ^_^

* وأخيرا أطلب من مشرفتنا الغالية وحبيبتي انتظار النور ... تثبيت الموضوع





( 1 ) شجرة المستقبل


استيقظت « خديجة » وشعورٌ غريب بالفرحة والأمل ينبعث في نفسها انبعاث النور في الظلام.. وربّما فكّرت في سبب ما لهذه الموجة الهانئة من الفرح.. لم تكن تدري سبباً واضحاً لذلك، فقد كان كلُّ ما يحيطها يفجّر كوامن الحزن بل ويبعث على المرارة واليأس.. ها هي تشهد كيف تصبّ قريش العذاب على زوجها. تضطهده.. تسخر منه.. وتكذّبه وهو الصادق الأمين.
تساءلت في نفسها: لعلّه الحمل الجديد والشجرة المثمرة عندما تحمل يعني الربيع والأمل والحياة. ولكن كيف وقد أخذ الله « عبدالله والقاسم » من قبل. وتركا في قلبها حزناً عميقاً كجرح لا يندمل، ولكن لا.. لا إنها تشعر بالأمل.. يكبر في أعماقها.. ينمو ويتفتّح كوردة في الربيع.
وحملها هذه المرّة عجيب خفيف تكاد تطير به.. تشعر بالسَّكِينة تترقرق في قلبها كنبع بارد. كما لاحظت شيئاً آخر.. مسحة من نور شفّاف تطوف فوق وجهها.. وشيئاً آخر أيضاً: انّها لم تَعُد تشتهي طعاماً سوى الرُّطَب والعِنَب.
أكملت خديجة ارتداء حلّة الخروج.. فزوجها ينتظر، و « عليّ » الفتى الذي يتبع ابن عمه.. يلازمه كظله، هو الآخر ينتظر.
انطلق الثلاثة.. أخذوا سَمْتَهم نحو الكعبة مهوى الأفئدة والبيت الذي بناه إبراهيم لربّه.
الكعبة تنشر ظلالها الوارفة فوق الأرض.. والسكينة تغمر المكان ما خلا حوار هادئ لرجال جالسين حول « زمزم ». كان أحدهم يراقب مشهداً بدا له عجيباً.. كان يرنو إلى باب « الصَّفا ». وقد طلع رجل بين الأربعين والخمسين من عمره.. أقنى الأنف.. أدعج العينين كأنه قمر يمشي على الأرض، وإلى يمينه فتى يشبه شِبلاً، وخلفهما امرأة قد سترت محاسنها.
قصد الثلاثة « الحجر الأسود » فاستلموه، ثمّ طافوا البيت سبع مرّات، بعدها وقف الرجل ووقف الفتى إلى يمينه، والمرأة خلفهما.
هتف الرجل الأدعج العينين: « الله أكبر »، فردّد الفتى وراءه: « الله أكبر »، وكذا المرأة خلفهما.. ركع الرجل الأزهر الوجه ثم سجد، والمرأة والفتى يُتعابعانِه.
وحول « زمزم » تساءل رجل قَدِم مكة حديثاً:
هذا دين لم نعرفه من قبل!
أجاب رجل هاشمي:
ـ هذا ابن أخي محمّد بن عبدالله وامرأته خديجة، وهذا الفتى عليّ بن أبي طالب، وما على وجه الأرض من يعبد الله بهذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة.
ساد الوجومُ وجوه الرجال وهم يراقبون موكباً صغيراً يغادر الكعبة حتى توارى خلف جدران البيوت.
وتمرّ الأيام وتمرّ الشهور.. ويكبر الحمل.. ويتألّق وجه خديجة بالنور.. يشتدّ سطوعاً.. وتبدأ آلام المخاض.
وبين صخور « حِراء » كان محمّد يتأمل مكة، يفكر في مصير العالم وطريق الانسان.
بدا وجهه حزيناً كسماء مزدحمة بالغيوم.. يفكّر في قومه.. يحزن من أجلهم.. يريد أن يفتح عيونهم على النور الذي اكتشفه، لكنّهم صدّوا عنه... اعتادوا حياة الخفافيش في الظلام.. أعرضوا عن ملكوت السماوات.. فسقطوا في حضيض الأرض.. ضاعوا بين عناصر التراب والطين.
لم يَدَعوا شيئاً إلاّ وفعلوه.. آذَوه.. سَخِروا منه.. عَيّروه. قالوا: إنه ساحر كذّاب.. أبتر سيموت ويموت ذِكرُه.. فليس له ولد!
شعر بسكّين حادّة تغوص في قلبه وهو يتذكّر سخريتهم منه.. ينادونه بالأبتر! النبي يفكّر في قومه حزيناً حزن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم. آخر الأنبياء يفكّر غير ملتفت لما يجري حوله.
تَكهرَب الفضاء.. غلالة شفافة كالضباب تملأ المكان.. وقد غمر الصمتُ جميع الأشياء.. اختفت الأصوات.. تلاشت ولم يعد « محمد » يسمع شيئاً سوى كلمات.. تنفذ في أعماقه نفوذ النور في المياه الرائقة..
كلمات مؤثّرة عميقة جفّ لها ريقه.. تصبّب لها جبينه.. فبدا كحبّات لؤلؤ منثور.. الكلمات تضيء في أعماقه كالنجوم:
ـ إنّا أعطيناك الكوثر. فصَلِّ لربِّكَ وانحَرْ. إنّ شانئكَ هو الأبتر.
وانقلب الرسول إلى بيته فَرِحاً.. ولمّا دخل على زوجته وجدها هي الأَخرى فَرِحة.. تنظر إليه بعينين تفيضان حبّاً. هتفت بصوت يشوبه اعتذار:
ـ إني وضعتها أُنثى، وليس الذكر كالأُنثى!
تمتم النبي وهو يحتضن هدية السماء بحبّ:
ـ إنّا أعطيناكَ الكوثر.. أُسمّيها فاطمة.. ليفطمها الله من الشرور.
كلؤلؤة في حنايا صدفة بدت فاطمة بفمها الدقيق.. بعينيها الواسعتين كنافذتين تطلاّن على عالم واسع.. عالم يموج بالصفاء والسلام.
أضاء الأمل منزلاً صغيراً من منازل مكة.. وتفتّحت فاطمة للحياة كما تتفتح الورود والرياحين، ونَمَت في أحضانٍ دافئة تَنعُم بقلبين ينبضان حبّاً لها، وبنظرات تغمرها حناناً ورأفة.
وكَبُرت فاطمة.. نَمَت. تنظر إلى أمّها يغمرها الحزن.. وربّما شعرت بمرارة تعتصر قلب أبيها.. تهفو نحو أمها.. تُقبّل أباها.. فتعود البسمة إلى الوجهين الحزينين.. وتشرق الفرحة من جديد كما تشرق الشمس من بين الغيوم لتغمر الأرض بالدفء والنور والأمل.
وتمرّ الأيام.. وتنمو فاطمة.. ويعصف القدر بقسوة.. وتجد الطفلة نفسها بين ذراعَي والدتها في وادٍ غيرِ ذي زرع.. حيث أيامُ الجوع والخوف والحرمان..
تُصغي إلى أنّات المظلومين.. وتتأمّل سيوفاً مسلولة في الظلام. كبرت فاطمة في الشِّعب. فُطمت من اللبن ودرجت فوق الرمال. ومرّ عام.
ومرّ بعده عامان آخران.. فجأة اختطف القدر أمّها.. فقَدَت نبعاً ثرّاً من الحبّ..
فاطمة تبحث عن أمّها. تسأل أباها الحزين:
ـ أبه.. أين أمي ؟
ويجيب الأب المقهور وهو يحتضن ذكراه الغالية:
ـ أمّك في بيت من قصب، لا تعب فيه ولا نصب.
تلوذ بالصمت.. تفكّر في أمّها. عيناها تبحثان عن نبع سماوي.
كبرت فاطمة في زمن الحرمان.. في زمن الحصار.. في زمن اليتم.. في زمن القهر.. لهذا نشأت الطفلة نحيلة القوام كغصن كسير.. رسم القهر في عينيها الواسعتين لوحة حزينة.. منظراً ساكناً يغمره الصمت.. تفكّر.. تنطوي على نفسها في استغراق يشبه صلاة الأنبياء. نشأت فاطمة في زمن الجدب.. فغدا عُودها صُلباً ضارباً في الأرض جذوراً بعيدة الغور.. فبدت أكبر من سنّها ونهضت تملأ فراغاً هائلاً أحدثه رحيل والدتها.. نهضت سيّدة صغيرة.. أمّاً رؤوماً لوالدها الذي أضحى وحيداً.
وتمرّ الأيّام.. وذات مساء خرج المحاصَرون في « الشِّعب » إلى مكّة.
عادوا إلى ضجيج الحياة.. لتبدأ فصول أخرى من تاريخٍ مثير يزخر بالأحداث.. منذ الساعة التي التقت فيها السماء بالأرض في غار حراء.





مع تمنياتي لكم بقراءة طيبة ... تابعينا أختي الفاطمية


وردة 8








__________________


كون حسين محبوبك ... أبشر طاحت أذنوبك
لو غـطـاك الــــتراب ... يوكفلك بالحســاب
وبيده يمضي مكتوبك
عشقي حسيني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس