بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم وارحمنا بهم ياكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنّ الجماعة تعدّ ضاغطاً اجتماعياً كبيراً .
وبالطبع يكون مردود الضغط سلبياً بشكل خاص عندما تكون الجماعة ضالّة مضلّة ،
أي التي تسخّر جهدك وطاقتك ومواهبك في خدمة مآربها السيِّئة وأغراضها الدنيئة .
فلقد اعتبر (العقل الجمعي) وهو انصياع الفرد لما تردده الجماعة حتى ولو لم
يكن على قناعة تامّة به ، عقلاً سلبياً في مردوده على الفرد ،
وإن كان إيجابياً في مردوده على الجماعة .
ففي بعض الدراسات الجماهيرية يعبّر عن جمهور العقل الجمعيّ بـ
(الجمهور النفسي) وهو كائن مؤقت منصاع للغرائز ، وقد يعبّر عن الشعور
بالقوّة ، لكن صفات الجماعة هي التي تنعكس فيه ،وليس صفات الفرد .
اُنظر إلى نفسك ـ مثلاً ـ وأنت تشارك في تظاهرة ، سترى أ نّك لا تتصرّف
كشخصية مستقلة وإنّما كجزء من جمع .
ولهذا السبب نفهم لماذا طالب الله سبحانه وتعالى المتهمين رسوله الكريم محمداً
(صلى الله عليه وآله وسلم) بالجنون أن ينفضّوا عن الجماعة ،
ويتحاور كلّ إثنين مع بعضهم البعض ، أو كلّ فرد يخلو إلى نفسه فيحاورها ،
ليروا مدى صحّة هذا الاتهام أو بطلانه :
( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ ) سبأ , 46
فالعقل الجمعي لا يعطي الفرصة في استقلالية التفكير ، وتكوين القناعة الشخصية
، فحتى لو كانت الجماعة صالحة ، فلا بدّ من أن يخلو الانسان مع نفسه
للتبصر في قراراتها وأدائها ومسيرتها ،
وهذا هو معنى (الاعتكاف) في الاسلام ، فليس هو مجرد انقطاع عن الناس
لأجلّ التعبّد ، وإنّما هو خلوة مع النفس لمراجعة حساباتها .
وعلى هذا أيضاً ، فإنّ تنمية الثقة بالنفس والقدرة على صنع القرار واتخاذ
الاختيار المناسب ، تعدّ عاملاً مهماً من عوامل مواجهة الضغوط ،
فحتى لو هتف الناس بأ نّك ضعيف ، وأنت تشعر بالقوّة من خلال امتلاكك
لامكاناتها ، فيجب أن يطغى شعورك بالقوة على هتافهم بضعفك ،
فقد قيل أ نّه لو كان بيدك (جوزة) وقال الناس عنها أنّها (لؤلؤة)
فلا يجعلك ذلك تصدّق إدعاءهم أنّها (لؤلؤة) ,
، فلا يقلل ذلك من قيمتها في نظرك فتنخدع بما يقولون .
إنّ معرفتك بقدر نفسك تساعدك كثيراً في عدم الاهتزاز أمام الضغوط التي تمارس ضدّك .
منقووووول