بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
وكان الإنسان عَجولاً
كان ( الحارث بن كلدة ) مِن مشاهير الأطبَّاء في القَرن الأوَّل الهجري ، وكانت له زوجة تُدعى ( فارعة ) ، دخل فجر أحد الأيَّام عليها غرفتها فوجدها تسوُّك أسنانها ، فاشمأزَّت منها نفسه ، فطلَّقها هادماً بذلك حياته العائليَّة الحميمة .
وعندما سألته فارعة عن السبب الذي دعاه لتطليقها ؟
قال لها : دخلت عليك فجراً فوجدتك تستاكين وكان هذا يعني أنَّك : إمَّا أنْ تكوني قد أكلت شيئاً لتوُّك ، وامرأة بهذا النعم لا تليق بي ، وإمَّا أنَّك بعد تناول طعامك في الليلة السابقة لم تستاكي فبقي شيء مِن الطعام بين أسنانك فأردت تنظيفها حينذاك ، وامرأة على هذا القدر مِن الإهمال للأمور الصحيَّة لا تليق بي أيضاً كزوجة .
فردَّت عليه فارعة بهدوء وبرود قائلة : إنَّ سواكي أسناني فجر ذلك اليوم لم يكن لأيٍّ مِن السببين اللذين ذكرتهما ، بلْ كنت أستخرج مِن بين أسناني ذرَّة مِن خيط السواك أحسست بها حينذاك .
لا شكَّ في أنَّ مقالة فارعة قد أخجلت زوجها أشدَّ الخَجل ، بعد أنْ أدرك الخطأ الذي ارتكبه ، فطلَّقها قبل أنْ يتثبَّت مِن حقيقة الأمر بتسرُّع وعَجلة ، حارماً نفسه مِن دِفء الحياة العائليَّة .
وقد ندم على ما فعل ، ولكنَّ القضاء كان قد حَلَّ أمام فارعة ، فقد تركت زوجها العجول قصير النظر دون أنْ تأسَّف له وتزوَّجت غيره ( 1 ) .
ـــــــــــــــــ
( 1 ) الأخلاق ، ج2 .
وردة 19 اسالكم صالح الدعاء