بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأبعاد الخمسة للذكاء الوجداني :
ربما لم يجد جولمان تعريفاً لغوياً أو اصطلاحياً محدداً وموجزاً للذكاء الوجداني في هذه المرحلة ، لذلك تحدث عن أبعاد خمسة لذلك النوع من الذكاء نوردها بإيجاز فيما يلي :
1- الوعي بالذات (Self – awareness) :
الوعي بالذات هو أساس الثقة بالنفس وحسن إدارتها ، فنحن في حاجة دائماً لمعرفة مواطن القوة ومواطن الضعف لدينا بشكل موضوعي ، ونتخذ من هذه المعرفة أساساً لقدراتنا . كما أننا بحاجة لأن نتعلم منذ الصغر التعرف على مشاعرنا وتسميتها التسمية الصحيحة فلا نخلط بين القلق والاكتئاب والغضب والشعور بالوحدة والشعور بالجوع .. الخ . فهذا الوعي الموضوعي بالذات يجعلنا أكثر كفاءة في إدارتها ويجعل قراراتنا أقرب للصواب .
2- التعاطي مع الجوانب الوجدانية بشكل عام : (Handling emotions generally )
نحن نحتاج أن نعرف كيف نعالج ونتناول المشاعر التي تؤذينا وتزعجنا وتلك التي تسعدنا . وهذا المران المستمر في المعرفة والمعالجة والتناول يزيدنا خبرة يوماً بعد يوم في إدارة جهازنا الوجداني لنستفيد من مميزاته الهائلة ونتجنب مخاطره الضارة .
3- الدافعية (Motivation) :
إن وجود دوافع قوية تحثنا على التقدم والسعي نحو أهدافنا هو العنصر الثالث للذكاء الوجداني . ويعتبر الأمل مكون أساسي في الدافعية ، أن يكون لدينا هدف وأن نعرف خطواتنا خطوة خطوة نحو تحقيقه ، أن يكون لدينا الحماس والمثابرة لاستمرار السعي .
4- التعاطف العقلي ( التفهم ) .. ( Empathy ) :
التعاطف العقلي ( التفهم ) هو المكون الرابع في الذكاء الوجداني ويعني : قراءة مشاعر الآخرين من صوتهم أو تعبيرات وجههم وليس بالضرورة مما يقولون . إن معرفة مشاعر الغير قدرة إنسانية أساسية نراها حتى لدى الأطفال . يقول جولمان أن الطفل في الثالثة من عمره والذي يعيش في أسرة محبة يسعى لتهدئة غيره من الأطفال أو التعاطف معهم إذا بكوا ، على حين أن الأطفال الذين يسئ آباؤهم معاملتهم أو يهملونهم فإنهم يصرخون في وجه الطفل الذي يبكي وأحياناً يضربونه .
ويؤكد جولمان أن الذكاء الوجداني متعلم ، وأن التعلم يبدأ منذ السنوات الأولى في الحياة ويستمر .
ويذكر جولمان حالة قاتل ارتكب سبعة جرائم قتل وفي إحدى المقابلات الإكلينيكية أجاب على السؤال : هل كنت تشعر بأي شفقة نحو الضحايا؟ أجاب : لا أبداً ، ولو كنت شعرت بشفقة لما استطعت فعل ما فعلت . ونستخلص من ذلك أن التعاطف هو الذي يكبح قسوة الإنسان ، وهو يحافظ على تحضر الإنسان وأن الذكاء الوجداني لا يرتبط بنسبة الذكاء العقلي المعروفة .
5- المهارات الاجتماعية ( Social Skills ) :
كلما كان الإنسان مزوداً بمهارات اجتماعية مناسبة وكافية كلما كانت قدرته على التعامل مع المواقف والأزمات أفضل . أما أولئك الذين يفتقرون للمهارات الاجتماعية فإنهم يتخبطون ويعانون من اضطرابات سوء التوافق.
أهمية الذكاء الوجداني :
1- يلعب الذكاء الوجداني دوراً هاماً في توافق الطفل مع والديه وإخوته وأقرانه وبيئته بحيث ينمو سوياً ومنسجماً مع الحياة ، كما أنه يؤدي إلى تحسين ورفع كفاءة التحصيل الدراسي .
2- يساعد الذكاء الوجداني على تجاوز أزمة المراهقة وسائر الأزمات بعد ذلك مثل أزمة منتصف العمر بسلام .
3- يعتبر الذكاء الوجداني عاملاً مهماً في استقرار الحياة الزوجية فالتعبير الجيد عن المشاعر وتفهم مشاعر الطرف الآخر ورعايتها بشكل ناضج ، كل ذلك يضمن توافقاً زواجياً رائعاً .
4- والذكاء الوجداني وراء النجاح في العمل والحياة ، فالأكثر ذكاءاً وجدانياً محبوبون ومثابرون وتوكيديون ، ومتألقون وقادرون على التواصل والقيادة ومصرون على النجاح .
ونظراً لتلك الأهمية البالغة للذكاء الوجداني ، فقد أوصى علماء النفس بتنميته من خلال دروس تعليمية ودورات تدريبية وورش عمل بهدف الوصول إلى درجات عالية من الذكاء الوجداني ، وهو ما نطلق عليه النضج الوجداني ، وسوف نتحدث عنه الآن بشيء من التفصيل نظراً لأهميته .
المقاييس المختلفة للعمر :
حين نسأل شخصاً ما : ما عمرك ؟ يجيبنا على الفور : خمسون سنة ( مثلاً) . هذه الإجابة قاصرة جداً لأنه هنا ذكر عمره الزمني فقط ، وهذا العمر الزمني لا يفيدنا كثيراً في معرفة أبعاد شخصية من سألناه لأن هناك مقاييس وأبعاد أخرى للعمر ( أحياناً تكون منسجمة مع العمر الزمني وأحياناً أخرى لا تنسجم ) ، نذكرها فيما يلي :
1- العمر الزمني ( Choronological age ) :
هو عدد السنوات التي عاشها الإنسان في الحياة .
2- العمرالعقلي ( Intellectual age ) :
وهو يشير إلى ما إذا كان ذكاء هذا الشخص أقل أو أكثر أو مساوي لعمره الزمني ( أي الذكاء بالنسبة للعمر الزمني ) .
3- العمر الاجتماعي ( Social age ) :
وهو يقارن النمو الاجتماعي للشخص بعمره الزمني ، بمعنى : " هل هذا الشخص يتعامل مع الناس اجتماعياً كما يتوقع لمن هم في مثل عمره الزمني ؟ "
4- العمر الوجداني ( Emotional age ) :
وهو يقارن النضج الوجداني للشخص بعمره العقلي ، بمعنى : " هل هذا الشخص يتعامل مع مشاعره كما يفعل من هم في مثل عمره الزمني ؟ "
وهذه الأنواع المختلفة من الأعمار لا تسير متوازية ومتساوية في أغلب الأحوال ، فنجد بعضها يسبق الآخر ، وكلما كانت المسافة كبيرة بينها كلما أدى ذلك إلى اضطراب التوافق فنجد مثلاً رجلاً قد بلغ الستين من العمر ولكن علاقاته الاجتماعية تشبه إلى حد كبير علاقات المراهقين ، كما أن نضجه الوجداني لا يتعدى نضج الأطفال .
ونحن ليست لنا سيطرة أو تحكم في عمرنا الزمني ، وبالكاد لنا سيطرة ضعيفة على عمرنا العقلي ، أما عمرنا الاجتماعي وعمرنا الوجداني فيمكننا تنميتهما وتحسينهما بدرجة كبيرة وصولاً إلى النضج الاجتماعي والنضج الوجداني .
ولكي نفهم أنفسنا أكثر ونعرف أين نحن من مراحل النضج الوجداني فسوف نستعرض خصائص تأخر النضج ثم خصائص النضج (6)
النضج الوجدانى
دكتور / محمد المهدي
يتبع ان شاء الله تعالى
تحياتي
منقوووول