عرض مشاركة واحدة
قديم 30-12-2010, 04:02 PM   #3
حورية إنسية
~ نائبة سابقة ~ ••وماتوفيقي الا بالله ••
 
الصورة الرمزية حورية إنسية
 
تاريخ التسجيل: May 2010
المشاركات: 279
معدل تقييم المستوى: 802
حورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond reputeحورية إنسية has a reputation beyond repute
افتراضي رد: ذكرى استشهاد الامام السجاد سلام الله عليه /25محرم~مأجورين



الإمام
زين العابدين((عليه السلام)) بعد ملحمة عاشوراء :

ذكر المؤرّخون عن شاهد عيان أنّه قال:
قدمت الكوفة في المحرّم من سنة احدى وستّين، منصرف عليّ بن الحسين((عليه السلام)) بالنسوة من كربلاء ومعه الأجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر اليهم، فلمّا اُقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين، ويلتدِمنَ..
(التدمت المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل : ضربت وجهها في المآتم
فسمعت عليّ بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلّة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه:
«إنّ هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا؟!»( الأمالي للطوسي: 91).
وعندما أدخلوا الإمام السجاد((عليه السلام)) على ابن زياد سأله من أنت؟
فقال:«أنا عليّ بن الحسين»،
فقال له: أليس قد قتل الله عليّ بن الحسين؟
فقال علي((عليه السلام)):
«قد كان لي أخ يسمّى عليّاً قتله الناس،
فقال ابن زياد: بل الله قتله،
فقال عليّ بن الحسين((عليه السلام)):
(الله يتوفّى الأنفس حين موتها)،
فغضب ابن زياد وقال: وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للردّ عليّ ؟! اذهبوا به فاضربوا عنقه
(الإرشاد للمفيد: 244، ووقعة الطف : 262، 263).



فتعلّقت به عمّته زينب وقالت: ياابن زياد، حسبك من دمائنا، واعتنقته وقالت: لا والله لا اُفارقه فإن قتلته فاقتلني معه،
فقال لها علىّ((عليه السلام)): اسكتي يا عمّة حتى اُكلّمه، ثمّ أقبل عليه فقال: أبالقتل تهدّدني ياابن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟
ثمّ أمر ابن زياد بعلي بن الحسين((عليه السلام)) وأهل بيته فحملوا إلى دار بجنب المسجد الأعظم، ولمّا أصبح ابن زياد أمر برأس الحسين((عليه السلام)) فطيف به في سكك الكوفة كلّها وقبائلها، ولمّا فرغ القوم من الطواف به في الكوفة ردّوه إلى باب القصر(1).
ثمّ إنّ ابن زياد نصب الرؤوس كلّها بالكوفة على الخشب، كما أنّه كان قد نصب رأس مسلم بن عقيل من قبل بالكوفة.
وكتب ابن زياد إلى يزيد يخبره بقتل الحسين((عليه السلام)) وخبر أهل بيته(2).
كما بعث إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة ـ وهو من بني اُمية ـ يخبره بقتل الحسين((عليه السلام)).
ولمّا وصل كتاب ابن زياد إلى الشام أمره يزيد بحمل رأس الحسين((عليه السلام)) ورؤوس من قتل معه إليه، فأمر ابن زياد بنساء الحسين((عليه السلام)) وصبيانه فجُهِّزوا،
وأمر بعليّ بن الحسين((عليهما السلام)) فغُلّ بغِلٍّ إلى عنقه، ثمّ سرّح بهم في أثر الرؤوس مع مجفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن، وحملهم على الأقتاب، وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار، فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس، فلم يكلّم عليّ بن الحسين((عليه السلام)) أحداً منهم في الطريق بكلمة حتى بلغوا الشام(3).
(1) مقتل الخوارزمي : 2/43 مرسلاً، واللهوف على قتلى الطفوف : 145.
(2) الكامل في التاريخ للجزري : 4/83، وإنّ أوّل رأس حمل في الإسلام هو رأس عمر بن الحِمق الخزاعي الى معاوية.
(3) عن طبقات ابن سعد في ذيل تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين((عليه السلام)) : 131، وأنساب الأشراف: 214، والطبري : 5/460 و 463 ، والإرشاد : 2/119 واللفظ للأخير.



سبايا آل البيت((عليهم السلام)) في دمشق :


خضعت الشام منذ فتحها بأيدي المسلمين لحكّام مثل خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان، فلم يشاهد الشاميّون النبىّ((صلى الله عليه وآله)) ولم يسمعوا حديثه الشريف منه مباشرةً، ولم يطّلعوا على سيرة أصحابه عن كثب ، أمّا النفر القليل من صحابة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) الذين انتقلوا إلى الشام وأقاموا فيها فلم يكن لهم أثر في الناس، فكانت النتيجة أنّ أهل الشام اعتبروا سلوك معاوية بن أبي سفيان وأصحابه سنّة للمسلمين، ولمّا كانت الشام خاضعة للإمبراطورية الرومية قروناً طويلة، فقد كانت حكومات العصر الإسلاميّ أفضل من سابقاتها بالنسبة للشاميّين.


ومن هنا ليس أمراً عجيباً أن نقرأ في كتب التأريخ أنّ


شيخاً شامياً دنا من الإمام السجاد((عليه السلام)) عند دخول سبايا آل محمّد((صلى الله عليه وآله)) الشام وقال له:الحمد الله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم.


فقال له الإمام((عليه السلام)): يا شيخ أقرأت القرآن ؟


فقال الشيخ: بلى.


فقال له الإمام((عليه السلام)): أقرأت (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى)؟


فقال الشيخ : بلى.


فقال له الإمام((عليه السلام)): فنحن القربى، يا شيخ!


ثمّ قال له: فهل قرأت (وآتِ ذا القربى حقّه)؟


قال: قد قرأت ذلك.


قال((عليه السلام)): فنحن القربى يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية: (واعلموا أنّما غنمتم من شيء فإنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى)؟

قال: نعم.
قال الإمام((عليه السلام)): نحن القربى.
يا شيخ! هل قرأت (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)؟
قال الشيخ: بلى.
قال له الإمام((عليه السلام)): نحن أهل البيت الذين اختصّنا الله بآية الطهارة.
قال الشيخ: بالله إنّكم هم؟!
قال الإمام((عليه السلام)): تالله إنّا لنحن هم من غير شكٍّ وحقِّ جدِّنا رسول الله((صلى الله عليه وآله))إنّا لنحن هم.
فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهمّ إنّي أبرأ اليك من عدوّ آل محمّد
( مقتل الخوارزمي 2: 61 ، واللهوف على قتلى الطفوف : 100، ومقتل المقرم : 449 عن تفسير ابن كثير والآلوسي).
وذكر المؤرّخون
أنّه لمّا قدم عليّ بن الحسين((عليه السلام)) وقد قُتل الحسين بن علىّ((عليه السلام)) استقبله ابراهيم بن طلحة بن عبيد الله وقال:
يا عليّ بن الحسين، من غلب؟ وهو مغطٍّ رأسه وهو في المحمل،
فقال له عليّ بن الحسين: إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذّن ثمّ أقم (أمالي الطوسي: 677).
لقد كان جواب عليّ بن الحسين((عليه السلام)) أنّ الصراع إنّما هو على الأذان وتكبير الله تعالى والإقرار بوحدانيّته وليس على رئاسة بني هاشم، وأنّ استشهاد الحسين والصفوة من أهل بيته وأصحابه هو سبب بقاء الإسلام المحمّدي وثباته أمام جاهلية بني اُميّة ومن حذا حذوهم ممّن لم يذوقوا حلاوة الإيمان والإسلام.




الإمام ((عليه السلام)) في مجلس يزيد:
اُدخل رأس الحسين((عليه السلام)) ونساؤه ومن تخلّف من أهله على يزيد وهم مقرّنون في الحبال وزين العابدين((عليه السلام)) مغلول، فلمّا وقفوا بين يديه على تلك الحال تمثّل يزيد بشعر حصين بن حمام المرّي قائلاً:

نفلِّقُ هاماً من رجال أعزّة***علينا وهم كانوا أعقَّ وأظلما


(الارشاد: 2/119 و 120، ووقعة الطف لأبي مخنف : 168 و 271، والعقد الفريد : 5 / 124)

فردّ عليه الإمام عليّ بن الحسين((عليه السلام)) بقوله تعالى:
(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلاّ في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحبّ كلَّ مختال فخور)
(الحديد (57) : 22 ـ 23).
وتميّز يزيد غضباً، فتلا قوله تعالى:
(ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير)
( الشورى (42) : 30).
وينقل المؤرّخون عن فاطمة بنت الحسين((عليه السلام)) قولها:
فلمّا جلسنا بين يدي يزيد رقّ لنا فقام إليه رجل من أهل الشام أحمر، فقال : يا أمير المؤمنين، هب لي هذه الجارية ـ يعنيني ـ فأرعدت وظننت أنّ ذلك جائز لهم فأخذت بثياب عمّتي زينب وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون.
فقالت عمّتي للشامي: كذبت والله ولؤمت والله، ما ذاك لك ولا له!
فغضب يزيد وقال: كذبت إنّ ذلك لي ولو شئت أن أفعل لفعلت!
قالت : كلاّ والله ما جعل الله لك ذلك إلاّ أن تخرج من ملتنا وتدين بغيرها،
فاستطار يزيد غضباً، وقال: إيّاي تستقبلين بهذا؟
إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك!
قالت: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّك وأبوك إن كُنت مسلماً،
قال: كذبتِ يا عدوّة الله!
قالت: أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك، فكأنّه استحيى وسكت.
فعاد الشاميّ فقال: هب لي هذه الجارية،
فقال يزيد: اعزب، وهب الله لك حتفاً قاضياً
(الإرشاد : 2/121 ، ووقعة الطف لأبي مخنف: 271 ، 272)
ويبدو أنّ اعتماد يزيد لهجة أقلّ قسوة وشراسة من لهجة ابن زياد في الكوفة يعود إلى أنّ الأخير كان يريد أن يدلّل على إخلاصه لسيّده،بينما لا يحتاج يزيد ذلك، ولعلّ يزيد أدرك أنّه قد ارتكب خطأً كبيراً فيقتله الحسين((عليه السلام)) وسبيه أهل بيت النبوّة، من هنا فإنّه أراد تخفيف مشاعر السخط تجاهه.
وفي تلك الأيام أوعز يزيد إلى خطيب دمشق أن يصعد المنبر ويبالغ في ذمّ الحسين وأبيه((عليهما السلام)) فانبرى اليه الإمام زين العابدين((عليه السلام)) فصاح به:
«ويلك أيّها الخاطب، إشتريت رضاء المخلوق بسخط الخالق فتبوّأ مقعدكمن النار».
واتّجه الإمام نحو يزيد فقال له:
«أتأذن لي أن أصعد هذه الأعواد فأتكلّم بكلمات فيهنّ لله رضىً، ولهؤلاء الجالسين أجرٌ وثواب...».
وبهت الحاضرون وعجبوا من هذا الفتى العليل الذي ردّ على الخطيب والأمير وهو أسير، فرفض يزيد إجابته، وألحّ عليه الجالسون بالسماح له فلم يجد بُدّاً من إجابتهم فسمح له، واعتلى الإمام أعواد المنبر،

وكان من جملة ما قاله:


«أيّها الناس، اُعطينا ستاً، وفُضِّلنا بسبع: اُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبّة في قلوب المؤمنين، وفُضِّلنا بأن منّا النبيّ المختار محمّداً((صلى الله عليه وآله)) ومنّا الصِّدِّيق ومنّا الطيّار ومنّا أسد الله وأسد الرسول((صلى الله عليه وآله)) ومنّا سيّدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومنّا سبطا هذه الاُمّة وسيّدا شباب أهل الجنّة».




وبعد هذه المقدّمة التعريفية لاُسرته أخذ((عليه السلام)) في بيان فضائلهم، قائلاً:


«فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي.أنا ابن مكّة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حجّ ولبّى، أنا ابن من حُمل على البراق في الهواء، أنا ابن من اُسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان من أسرى، أنا ابن من بلغ به جبرئيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى اليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمّد المصطفى، أنا ابن علىّ المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق


حتى قالوا: لا إله إلاّ الله.


أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله((صلى الله عليه وآله)) بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحُنين، ولم يكفر بالله طرفة عين.


أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيّين، وقاطع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكّائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من آل ياسين ورسول ربّ العالمين.


أنا ابن المؤيّد بجبرئيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأوّل من أجاب واستجاب لله من المؤمنين، وأقدم السابقين، وقاصم

المعتدين، ومبير المشركين، وسهم من مرامي الله، وبستان حكمة الله، ... ذاك جدّي عليّ بن أبي طالب.
أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيّدة النساء، أنا ابن الطهر البتول، أنا ابن بضعة الرسول((صلى الله عليه وآله))، أنا ابن المرمّل بالدماء، أنا ابن ذبيح كربلاء، أنا ابن من بكى عليه الجنّ في الظلماء، وناحت عليه الطير في الهواء».
ولم يزل الإمام يقول:أنا أنا حتى ضجّ الناس بالبكاء،
وخشي يزيد من وقوع الفتنة وحدوث ما لا تحمد عقباه، فقد أوجد خطاب الإمام انقلاباً فكرياً إذ عرّف الإمام نفسه لأهل الشام وأحاطهم علماً بما كانوا يجهلون.
فأوعز يزيد إلى المؤذّن أن يؤذّن ليقطع على الإمام كلامه،
فصاح المؤذن «الله أكبر» فالتفت إليه الامام فقال له:
«كبّرت كبيراً لا يقاس، ولا يدرك بالحواس، لا شيء أكبر من الله»،
فلمّا قال المؤذّن: أشهد أن لا إله إلاّ الله
قال الإمام((عليه السلام)):
«شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظمي»،
ولمّاقال المؤذّن: أشهد أنّ محمداً رسول الله التفت الإمام إلى يزيد فقال له:
«يا يزيد! محمّد هذا جدّي أم جدّك؟ فإن زعمت أنـّه جدّك فقد كذبت، وإن قلت: أنـّه جدّي فلمَ قتلت عترته »؟!
(المصدر:نفس المهموم : 448 ـ 452 ط قم عن مناقب آل أبي طالب : 4/181 عن كتاب الأحمر عن الأوزاعي: الخطبة بدون المقدمة. والمقدمة عن الكامل للبهائي : 2/299 ـ 302، وانظر حياة الإمام زين العابدين للقرشي: 175 ـ 177).



ووجم يزيد ولم يجر جواباً، فإنّ الرسول العظيم((صلى الله عليه وآله)) هو جدّ سيّد العابدين، وأمّا جدّ يزيد فهوأبو سفيان العدوّ الأوّل للنبىّ((صلى الله عليه وآله))، وتبيّن لأهل الشام أنّهم غارقون في الإثم، وأنّ الحكم الاُمويّ قد جهد في إغوائهم وإضلالهم،
وتبيّن بوضوح أنّ الحقد الشخصيّ وغياب النضج السياسيّ هما السببان لعدم إدراك يزيد عمق ثورة الإمام الحسين((عليه السلام)) ممّا أدّى إلى توهّمه بأنّها لن تؤدّيَ إلى نتائج خطيرة على حكمه.
ولعلّ أكبر شاهد على هذا التوهّم هو رسالة يزيد في بدايات تسلّمه الحكم لواليه على المدينة والتي أمره فيها بأخذ البيعة من الحسين((عليه السلام)) أو قتله وبعث رأسه إلى دمشق إن رفض البيعة.
وفي سياق الحديث عن حسابات يزيد الخاطئة نُشير أيضاً إلى عملية نقل أسرى أهل البيت((عليهم السلام)) إلى الكوفة، ومن ثمّ إلى الشام، وما تخلّل ذلك من ممارسات إرهابية عكست نزعته الإجرامية، ولم يلتفت يزيد إلى خطورة الجريمة التي ارتكبها إلاّ بعد أن تدفّقت عليه التقارير التي تتحدّث عن ردود الفعل والاحتجاجات على قتله ريحانة رسول الله((صلى الله عليه وآله))،
ولذلك حاول أن يلقي مسؤولية الجريمة البشعة على ابن مرجانة، قائلاً للإمام السجاد((عليه السلام)): لعن الله ابن مرجانة، أما والله لو أنّي صاحب أبيك ما سألني خصلة أبداً إلاّ أعطيته إيّاها، ولدفعت الحتف عنه بكلّ ما استطعت، ولكن الله قضى الله ما رأيت، كاتبني من المدينة وأنْهِ كلًّ حاجة تكون لك
(تاريخ الطبري : 5 / 462 ، والارشاد : 2/122).





والتقى الإمام السجاد((عليه السلام)) خلال وجوده في الشام بالمنهال بن عمرو، فبادره قائلاً:كيف أمسيت يا ابن رسول الله؟
فرمقه الإمام بطرفه وقال له:«أمسينا كمَثَل بني إسرائيل في آل فرعون، يذبّحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، أمست العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّداً منها، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأنّ محمّداً منها، وأمسينا أهل بيته مقتولين مشرّدين، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون».
( اللهوف في قتلى الطفوف: 85 مرسلاً ورواه ابن سعد في الطبقات مسنداً عن المنهال بن عمرو الكوفي في الكوفة وليس الشام، والخبر أكثر من هذا وإنّما هذا مختصر الخبر)
وعهد يزيد إلى النعمان بن بشير أن يصاحب ودائع رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وعقائل الرسالة فيردَّهنّ إلى يثرب(1) وأمر بإخراجهنّ ليلاً خوفاً من الفتنة واضطراب الأوضاع(2).
(1) الطبري : 5/462 ، والارشاد : 2/122 وعنهما في وقعة الطف لأبي مخنف : 272.
(2) عن تفسير المطالب في أمالي أبي طالب: 93، والحدائق الوردية : 1 / 133.





الإمام زين العابدين((عليه السلام)) في المدينة

بدأت ردود الفعل على مقتل الإمام الحسين((عليه السلام)) بالظهور مع دخول سبايا أهل البيت((عليهم السلام)) إلى الكوفة. فبالرغم من القمع والإرهاب اللذين مارسهما ابن زياد مع كلّ من كان يبدي أدنى معارضة ليزيد، فإنّ أصواتاً بدأت ترتفع محتجّةً على الظلم السائد.
فعندما صعد ابن زياد المنبر وأثنى على يزيد وحزبه وأساء إلى الحسين((عليه السلام)) وأهل بيت الرسالة
«قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي وقال له:يا عدوّ الله إنّ الكذّاب أنت وأبوك والذي ولاّك وأبوه يابن مرجانة، تقتل أولاد النبيّين وتقوم على المنبر مقام الصدّيقين؟!
فقال ابن زياد: عليّ به، فأخذته الجلاوزة
فنادى بشعار الأزد، فاجتمع منهم سبعمائة فانتزعوه من الجلاوزة، فلمّا كان الليل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه وصلبه»
(الإرشاد: 2/117 وعنه في وقعة الطف لأبي مخنف: 265، 266)،
ومع أنّ هذه المواجهة انتهت لصالح ابن زياد لكنّها كانت مقدّمة لاعتراضات اُخرى.
وظهرت في الشام أيضاً بوادر السخط والاستياء، الأمر الذي جعل يزيد ينحو باللائمة في قتل الحسين((عليه السلام)) على ابن زياد، إلاّ أنّ أشدّ ردود الفعل كانت تلك التي برزت في الحجاز، فقد انتقل عبد الله بن الزبير إلى مكة في الأيّام الاُولى من حكومة يزيد، واتّخذها قاعدة لمعارضته للشام، وقام بتوظيف

فاجعة كربلاء للتنديد بنظام يزيد، وألقى خطاباً وصف فيه العراقيّين بعدم الوفاء، وأثنى على الحسين بن علىّ((عليه السلام)) ووصفه بالتقوى والعبادة.


وفي المدينة ألقى الإمام زين العابدين((عليه السلام)) خطاباً في أهلها لدى عودته من الشام والعراق،


يقول المؤرّخون:


إنّ الإمام((عليه السلام)) جمع الناس خارج المدينة قبل دخوله اليها، وخطب فيهم قائلاً:


«الحمد لله ربّ العالمين مالك يوم الدين بارئ الخلائق أجمعين، الذي بَعُد فارتفع في السماوات العُلى، وقَرُب فشهد النجوى، نحمده على عظائم الاُمور، وفجائع الدهور، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظّة الفادحة الجائحة.


أيّها القوم، إنّ الله ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة، قُتل أبو عبد الله الحسين((عليه السلام)) وسُبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة.


أيّها الناس، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله ؟! أم أيّ فؤاد لا يحزن مِن أجله؟! أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انْهمالِها؟! فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان ولجج البحار والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون.


يا أيّها الناس، أيّ قلب لا ينصدع لقتله؟! أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه؟! أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلمت في الإسلام ولا يصمّ؟!


أيّها الناس، أصبحنا مطرودين مشرّدين مذودين وشاسعين عن الأمصار، كأ نّا أولاد ترك وكابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، إنْ هذا إلاّ اختلاق.


والله، لو أنّ النبيّ تقدّم اليهم في قتالنا كما تقدم اليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظّها

وأفظعها وأمرّها وأفدحها! فعند الله نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا، فإنّه عزيز ذو انتقام»
(اللهوف: 116، بحار الأنوار : 45 / 148 ـ 149).





لقد جسّد هذا الخطاب ـ على قصره ـ واقعة كربلاء على حقيقتها مركّزاً على المظلومية التي لحقت بأهل البيت((عليهم السلام)) في قتل الحسين بن علىّ((عليه السلام)) من جانب، وأسرِ أهل بيته من جانب آخر، بالإضافة إلى المظلومية التي لحقتهم بعد واقعة الطفّ، إذ حملت رؤوس الشهداء بما فيهم سيّدهم الحسين((عليه السلام)) فوق الأسنّة من بلد إلى بلد.
وعقّب الإمام زين العابدين((عليه السلام)) ـ بلمحة سريعة ومعبّرة ومؤثّرة ـ واصفاً ما لقيه آل البيت من السبي والتشريد والتعامل السيّء والمهين، وهم أهل بيت الوحي ومعدن الرسالة، وهم قادة أهل الإيمان وأبواب الخير والرحمة والهداية.
وأنهى الإمام خطابه بوصف في منتهى الدقّة عن عظمة الجرائم التي ارتكبها جيش السلطة الاُموية في حقّ أهل البيت((عليهم السلام))،
فإن الرسول((صلى الله عليه وآله)) لو كان يأمر هؤلاء بالتمثيل بأهل البيت وتعذيبهم; لما كانوا يزيدون على ما فعلوا، فكيف بهم وقد نهاهم عن التمثيل حتى بالكلب العقور؟!
وكيف يمكن توجيه كلّ ما فعلوه وقد أوصاهم النبيّ((صلى الله عليه وآله)) بحفظه في عترته، ولم يطالبهم بأجر للرسالة سوى المودّة في قرباه؟!
فالإمام زين العابدين((عليه السلام)) حاول في خطابه هذا تكريس مظلومية أهل البيت لاستنهاض الروح الثورية في أهل المدينة، وتحريك الوعي النهضوي ضدّ الظلم والجبروت الاُموي والطغيان السفياني.
ولم تكن الأوضاع هادئة في المدينة في هذه السنة التي كانت تحت إدارة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان،
وأوضح شاهد على اضطراب الأوضاع في المدينة هو استبدال ثلاثة ولاة خلال عامين،
واستبدل يزيد الوليد بن عتبة بعثمان بن محمد بن أبي سفيان
(تأريخ الطبري : 5 / 479، 480).
وأرادعثمان أن يدلّل على كفاءته في إدارة المدينة ويكسب رضا وجوهها عن يزيد وعنه فأرسل وفداً من أبناء المهاجرين والأنصار إلى دمشق، ليشاهدوا الخليفة الشابّ عن كثب وينالوا نصيبهم من هداياه، إلاّ أن الوفد رأى في سلوك يزيد ما يشين ويقبح.
ولما رجعوا إلى المدينة أظهروا شتم يزيد وعيبه، وقالوا:
قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويضرب بالطنابير، وتعزف عنده القِيان، ويلعب بالكلاب، ويسمر عنده الحراب ـ وهم اللصوص ـ وإنّا نشهدكم أنّا قد خلعناه.
وقال عبد الله بن حنظلة:
لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم، وقد أعطاني وأكرمني وما قبلت عطاءه إلاّ لأتقوّى به.
فخلعه الناس وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل على خلع يزيد وولّوه عليهم
( الطبري : 5 / 480 وعنه في الكامل في التأريخ : 4 / 103).



قرحت جفونك من قذى وسهاد ... إن لم تفض لمصيبة السجاد
فأسل فؤادك من جفونك أدمعا ... وأقدح حشاك من الأسى بزناد
واندب إماما طاهرا هو سيد ... للساجدين وزينة العباد


ثورة أهل المدينة :
إنّ نقد الوفد المدني ليزيد لم يكن هو الدليل الوحيد عند أهل المدينة على انحراف يزيد وتنكّره للإسلام وجوره وطغيانه، بل إنّهم كانوا قد لمسوا جور يزيد وعمّاله على البلدان الإسلامية وفسقهم وشدّة بطشهم واستهتارهم بالحرمات الإلهية التي لا مجال لتأويلها،
إذ كيف يمكن تأويل ما ارتكبه من القتل الفظيع في حقّ الحسين بن علي بن أبي طالب((عليه السلام)) ريحانة الرسول وسيّد شباب أهل الجنة وما اقترفه من السبي لأهله وحُرَمه؟
وكيف يمكن تأويل ما أظهره من شربه للخمور التي حرّمها الله بالنصّ الصريح؟!
هذا، فضلاً عن حقد الاُمويين على الأنصار، والذي لم يتردّد الاُمويّون في إظهاره لهم، ومن هنا لم يتلكّأ أهل المدينة في اخراج عامل يزيد عليها، فحاصروا بني اُمية وأتباعهم، وكلّم مروان بن الحكم ـ وهو العدوّ اللدود لآل الرسول ((صلى الله عليه وآله)) ـ الإمام زين العابدين((عليه السلام)) في منح الأمان له، فاستجاب الإمام ((عليه السلام)) لهذا الطلب تكرّماً(تأريخ الطبري : 4 /485 ، والكامل في التأريخ : 4 / 113)
وإغضاءً عن كلّ ما ارتكبه هذا العدوّ في حقّ أهل البيت((عليهم السلام))، في دفن الإمام الحسن((عليه السلام)) وفي الضغط على الإمام الحسين((عليه السلام)) من أجل أخذ البيعة ليزيد.
ولمّا بلغ أمر الثورة إلى مسامع يزيد أرسل مسلم بن عقبة ليقضي على ثورة أهل المدينة ـ وهي مدينة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) ومهبط وحي الله ـ وزوّده بتعليمات خاصّة تجاههم قائلاً له:
اُدع القوم ثلاثاً فإن أجابوك وإلاّ فقاتلهم، فإذا ظهرتَ عليهم فأبحها ـ أي المدينة ـ ثلاثاً، فما فيها من مال أو دابّة أو سلاح أو طعام فهو للجند
(الطبري : 5 / 484 وعنه في الكامل).
وأمرهُ أن يُجهِز على جريحهم ويقتل مدبرهم
(التنبيه والاشراف: 263 ط. القاهرة).
وصل جيش يزيد إلى المدينة، وبعد قتال عنيف مع أهلها استبسل فيه الثائرون دفاعاً عن دينهم، واستشهد أغلب المدافعين بمن فيهم عبد الله بن حنظلة ومجموعة من صحابة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) ونفّذ قائد الجيش أوامر سيّده يزيد، وأوعز إلى جنوده باستباحة المدينة، فهجم الجند على البيوت وقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ، كما أسروا آخرين.
قال المؤرّخ ابن كثير:
أباح مسلم بن عقبة ـ الذي يقول فيه السلف (مسرف بن عقبة) قبّحه الله من شيخ سوء ما أجهله ـ المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد ـ لا جزاه الله خيراً ـ وقتل خلقاً من أشرافها وقرّائها، وانتهب أموالاً كثيرة منها... وجاءته امرأة فقالت: أنا مولاتك وابني في الاُسارى،
فقال: عجّلوه لها، فضرب عنقه،
وقال: اُعطوها رأسه،
ووقعوا على النساء حتى قيل: إنّه حبلت ألف أمرأة في تلك الأيام من غير زوج.
قال المدائني، عن هشام بن حسان:
ولدت ألف امرأة من أهل المدينة بعد وقعة الحرّة من غير زوج.
وروي عن الزهري أنّه قال:
كان القتلى يوم الحرّة سبعمائة من وجوه الناس من المهاجرين والأنصار، ووجوه الموالي ممّن لا أعرف من حرٍّ وعبد وغيرهم عشرة آلاف
(البداية والنهاية : 8 / 220 ، وتأريخ الخلفاء: 233. أمّا الطبري فلم يذكر إلاّ إباحة القتال والأموال ثلاثة أيام: 5/491 وترك ذكر الفروج وتبعه الجزري في الكامل).
وحدث مرةً أن دخلت الجيوش الشامية أحد البيوت، فلمّا لم يجدوا فيه إلاّ امرأة وطفلاً سألوها إن كان في البيت شيء ينهبونه،
فقالت: إنّه ليس لديها مال، فأخذوا طفلها وضربوا رأسه بالحائط فقتلوه بعد أن انتثر دماغه من أثر الضرب بالحائط
(تاريخ ابن عساكر : 10 / 13، المحاسن والمساوئ: 1 / 104).
ثمّ نصب كرسيّ لمسلم بن عقبة،
وجيء بالاُسارى من أهل المدينة فكان يطلب من كلّ واحد منهم أن يبايع ويقول: إنّني عبد مملوك ليزيد بن معاوية يتحكّم فيّ وفي دمي وفي مالي وفي أهلي ما يشاء(1).
وكلّ من كان يمتنع ولم يبايع بالعبودية ليزيد وكان يصرّ على القول بأنّه عبدٌ لله ـ سبحانه وتعالى ـ كان مصيره القتل(2).
وجيء له بيزيد بن عبد الله ـ وجدّته اُمّ سلمة زوج رسول الله((صلى الله عليه وآله)) ـمع محمد بن حذيفة العدوي، فطلب اليهما أن يبايعا، فقالا: نحن نبايع على كتاب الله وسنّة نبيّه،
فقال مسلم: لا والله لا اُقيلكم هذا أبداً،فقدّمهما فضرب أعناقهما.
فقال مروان بن الحكم ـ وكان حاضراً ـ :
سبحان الله! أتقتل رجلين من قريش أتيا ليؤمنا فضربت أعناقهما؟! فنخس مسلم مروان بالقضيب في خاصرته،
ثمّ قال له: وأنت والله لو قلت بمقالتهما ما رأيت السماء إلاّ برقة. (أي لقُتِلْتَ)(3).
ثمّ جيء بآخر فقال : إنّي اُبايع على سنّة عمر،
فقال: اقتلوه، فقتل(4).
واُتي بزين العابدين((عليه السلام)) إلى مسلم بن عقبة، وهو مغتاظ عليه فتبرّأ منه ومن آبائه. فلمّا رآه وقد أشرف عليه ارتعد وقام له، وأقعده إلى جانبه، وقال له: سلني حوائجك، فلم يسأله في أحد ممّن قدّم إلى السيف إلاّ شفّعه فيه، ثمّ انصرف عنه.
فقيل لعليّ بن الحسين((عليه السلام)): رأيناك تحرّك شفتيك، فما الذي قلت؟
قال:«قلت: اللهمّ ربّ السماوات السبع وما أظللن، والأرضين السبع وما أقللن، ربّ العرش العظيم، ربّ محمّد وآله الطاهرين، أعوذ بك من شرّه، وأدرأ بك في نحره، أسألك أن تؤتيني خيره، وتكفيني شرّه».
قيل لمسلم: رأيناك تسبّ هذا الغلام وسلفه، فلمّا اُتي به إليك رفعت منزلته؟فقال:
ما كان ذلك لرأي منّي، لقد مُلئ قلبي منه رعباً، ولم يبايع الإمام((عليه السلام)) ليزيد كما لم يبايع عليّ بن عبد الله بن العباس، حيث امتنع بأخواله من كندة، فالحصين بن نمير نائب مسلم بن عقبة قال: لا يبايع ابن اختنا إلاّ كبيعة علي بن الحسين
(( النظرية السياسية لدى الإمام زين العابدين، محمود البغدادي: 273. المجمع العالمي لأهل البيت((عليهم السلام)) ـ الطبعة الاولى سنة 1415هـ )
(1) تاريخ الطبري 5/493 و 495 وعنه في الكامل في التاريخ: 4/118 وفي مروج الذهب 3: 70، الكامل في التاريخ 4: 118، والبداية والنهاية 8 : 222.
وقد جاء في تاريخ اليعقوبي 2: 251: كان الرجل من قريش يؤتى به فيقال: بايع على أنّك عبد قنّ ليزيد، فيقول: لا. فيضرب عنقه.
(2) الكامل في التأريخ : 4 / 118، مروج الذهب : 3 / 70.
(3) تأريخ الطبري : 5 / 492 وعنه في الكامل في التاريخ : 4 / 118.
(4) تأريخ الطبري : 5 / 493، الاخبار الطوال: 265.




وذكر المؤرّخون :
أنّ الإمام زين العابدين((عليه السلام)) كفل في واقعة الحرّة أربعمئة امرأة من عبد مناف، وظلّ ينفق عليهنّ حتى خروج جيش مسلم من المدينة
(كشف الغمة : 2/319 عن نثر الدرر للآبي (ق4 هـ ) عن ابن الأعرابي).
وجاء الحديث من غير وجه: أنّ مسرف بن عقبة لمّا قدم المدينة أرسل إلى عليّ بن الحسين((عليهما السلام)) فأتاه،
فلما صار إليه قرّبه وأكرمه وقال له: أوصاني أمير المؤمنين ببرّك وتمييزك من غيرك...( الإرشاد: 2/152 ).
وواضح أنّ البيعة إذا ما عرضت بشرطها الاستعبادي على الإمام((عليه السلام)) فإنّه سيستمرّ على نهجه الرافض، وأنّ معنى الرفض هنا إنّه يتضرّج بدمائه الزكية، وهذا يعني دخول صورة من صور النقمة العارمة ضد الممارسات الاُموية القمعية التي سوف تزلزل أعمدة الكيان الحاكم.
وبعد انتهاء الأيام الدامية على مدينة الرسول((صلى الله عليه وآله)) قال مسلم بن عقبة:
اللّهمّ إنّي لم أعمل عملاً قط بعد شهادة لا إله إلاّ الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله أحبّ إليّ من قتل أهل المدينة، ولا أرجى عندي في الآخرة(1).
كان مسلم في تلك الأيام قد تجاوز التسعين من عمره، أي انّه كان قريباً جداً من حتفه وقد هلك بُعيد وقعة الحرّة وقبل أن يصل إلى مكة، وكان من الذين لم يحملوا من الإسلام إلاّ اسمه، ووظّفوا ظاهر القرآن والحديث لتسويغ جرائمهم، فقد كان من المخلصين لمعاوية بن أبي سفيان، وفي صفّين كان يقود معسكر معاوية بن أبي سفيان ضد الخليفة الشرعي للمسلمين، ألا وهو الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين((عليه السلام))(2) .
ولعلّه لم يسمع حديث الرسول((صلى الله عليه وآله)) الذي جاء فيه:
«من أخاف أهل المدينة أخافه الله، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»(3).
ولعلّه قد سمع هذا الحديث، لكنّه لمّا وجد من يعتبر نفسه خليفة للنبىّ((صلى الله عليه وآله)) قد تجرّأ على قتل ابن بنت النبىّ((صلى الله عليه وآله)) وسبي بناته من مدينةإلى اُخرى، دون أن يعترض عليه أحد، فمِمّ يخشى هو إن اعتدى على مدينة النبىّ((صلى الله عليه وآله))؟!
وبعد أن قمع بوحشيّة ثورة أهل المدينة وأجهض انتفاضتهم; توجّه مسلم إلى مكة التي أعلن فيها عبد الله بن الزبير ثورته على الحكم الاُموي،
لكنّه لقي حتفه في الطريق، فتسلّم الحصين بن نمير قيادة الجيش الاُموي بناءً على أوامر يزيد، وعندما وصل أطراف مكة فرض حصاراً عليها وضرب الكعبة بالمنجنيق وأحرقها
(تأريخ الطبري : 5 / 498 وعنه في الكامل في التأريخ : 4 / 24 عن الكلبي عن عوانة بن الحكم، ثم روى أخباراً عن ابن عمر تحاول نسبة الحرق إلى أصحاب ابن الزبير خطأً، في محاولة لتبرير يزيد الشّرير).
وفي الوقت الذي كانت فيه مكّة تحت حصار الجيش الاُموي لقي يزيد حتفه، فعقد قائد الجيش الاُموي ـ الذي لم يكن وقتذاك يعرف زعيمه الذي يقاتل معه ـ مفاوضات مع ابن الزبير أعرب له فيها عن استعداده لقبول بيعته شريطة أن يرافقه إلى الشام، إلاّ أنّ ابن الزبير رفض الشرط، فعاد الحصين وجيشه إلى الشام.
(1) تأريخ الطبري : 5 / 497 وعنه في الكامل في التاريخ: 4/123 .
(2) وقعة صفين : 206 و 213 وفي الإصابة : 3 / 493 ـ 494.
(3) البداية والنهاية : 8 / 223، رواه عن النسائي، وروى مثله عن أحمد بن حنبل. اُنظر أحاديث اُخرى عن هذا الموضوع في كنز العمال، كتاب الفضائل الحديث 34886، ووفاء الوفاء: 90، وسفينة البحار: 8/38 ، 39 عن دعائم الإسلام.





انشقاق البيت الاُموي :
مات يزيد في ربيع الأول من سنة ( 64 هـ ) وهو في سنّ الثامنة والثلاثين من عمره في حُوّارين، وكانت صحيفة أعماله في مدّة حكمه ـ الذي استمر ثلاث سنوات وبضعة أشهر ـ مُسودّة بقتل ابن بنت النبيّ وأسر أهل بيت الوحي وحرائرالرسالة إلى جانب القتل الجماعي لأهل المدينة وهدم الكعبة المشرّفة.
وبعد موت يزيد بايع أهل الشام ولده معاوية، إلاّ أنّ حكمه لم يستمر أكثر من أربعين يوماً، إذ أعلن تنازله عن العرش، ومات بعدها في ظروف غامضة، فانشقّت القيادات المؤيّدة لبني اُمية على نفسها إلى كتلتين: كتلة أيّدت زعامة مروان بن الحكم، وقد مثّل هذا الاتجاه القبائل اليمانية بقيادة حسّان الكلبي، بينما أيّدت قوى القيسيّين بقيادة الضحّاك بن قيس الفهري، عبد الله بن الزبير.
وإبّان خلافة يزيد القصيرة امتدّت; أيدي الكلبييّن تدريجياً إلى مراكز السلطة، فمارسوا ضغوطاً شديدة على القيسييّن،الأمر الذي أزعج الضحّاك كثيراً فانتهز الفرصة بعد موت يزيد ليبايع ابن الزبير ـ وهو من العرب العدنانية ـ واشتبك الكلبيّون والقيسيّون في «مرج راهط»( منطقة في شرق دمشق) في معركة أسفرت عن انتصار الكلبيّين، فأصبح مروان بن الحكم خليفة، واستقرّت الأوضاع المضطربة في الشام نسبيّاً.



تزايد المعارضة للحكم الاُموي :
صعّد عبد الله بن الزبير معارضته للشام التي بدأها بعد موت معاوية، حيث كان قد دعا الحجازييّن لمبايعته كخليفة للمسلمين، فاستجابت له الأكثرية الساحقة منهم، وشهد العراق من جديد تحرّكات ضد الحكم الاُموي.
ويبدو أنّ الذين دعو الإمام الحسين((عليه السلام)) إلى العراق عبر الرسائل المتوالية ورحّبوا بممثّله اليهم ثمّ تخلّوا عنه وعن الحسين((عليه السلام)) بتلك الصورة المخزية ندموا على موقفهم المُذلّ ذاك،
لكن هل الذين تحرّكوا ضدّ الشام كانوا نادمين جميعاً؟
الجواب :كلاّ، فليس جميع الذين تحركوا بعد موت يزيد كانوا يحملون همّ الإسلام، فقد كان هناك من يريد إخضاع الشام للعراق وإعادة عاصمة الخلافة إلى العراق.
وعلى أيّ حال، فقد أعلن المتديّنون والسياسيّون معارضتهم ضد حكم الشام، لكنّهم لم يحققوا شيئاً يذكرعلى صعيد إسقاط الحكم على المدى القريب،
فقتل سليمان بن صرد قائد التوّابين، ورجع من بقي من جيشه إلى الكوفة، وفي تلك الغضون أظهر المختار بن أبي عبيدة الثقفي دعوته حاملاً شعار يا لثارات الحسين ((عليه السلام)).
بدأ المختار بإعداد الشيعة للثورة بعد فشل ثورة التوّابين، وكان يعرف جيداً أنّ أيّ تحرّك شيعي يقتضي زعامة من أهل بيت الرسالة((عليهما السلام))، وأنّ الانطلاق ينبغي أن يتمّ باسمهم ومَن أفضل من عليّ بن الحسين((عليه السلام))؟
وإن رفض الإمام الاستجابة لذلك فليس أمامه غير محمد بن علي بن أبي طالب وهو عمّ الإمام السجاد((عليه السلام)).
من هنا كاتب المختار الإمام زين العابدين((عليه السلام)) وعمّه معاً، أمّا الإمام((عليه السلام)) ـ فلم يعلن عن تأييده الصريح له، لكنّه((عليه السلام)) أمضى عمله عندما ثأر من قتلة أبيه الحسين((عليه السلام)).
أمّا عمه محمد بن الحنفيّة فقد أجاب على سؤال الوفد الذي جاء من الكوفة ليستفسر عن مدى شرعية الانضواء تحت راية المختارقائلاً: أما ما ذكرتم من دعاء مَن دعاكم الى الطلب بدمائنا فوالله لوددت أنّ الله انتصر لنا من عدوّنا بمن شاء من خلقه
(تاريخ الطبري : 6/12 ـ 14 برواية أبي مخنف . وابن نما الحلّي في كتابه: شرح الثأر روى عن والده : أنّه قال لهم: قوموا بنا إلى إمامي وإمامكم علي بن الحسين، فلمّا دخلوا عليه وأخبروه خبرهم الذي جاؤوا لأجله قال لعمّه محمّد : يا عمّ، لو أن عبداً زنجيّاً تعصّب لنا أهل البيت لوجب على الناس مؤازرته، وقد وليّتك هذا الأمر فاصنع ما شئت. فخرجوا وهم يقولون : قد أذن لنا زين العابدين ومحمّد بن الحنفية، كما روى عنه في بحار الأنوار : 45/365).
وفهم الوفد تأييد ابن الحنفية لحركة المختار وهكذا استطاع المختار أن يستقطب كبار الشيعة مثل ابراهيم بن مالك الأشتر وغيره.
وأرسل المختار رأسَيْ عبيد الله بن زياد وعمر بن سعد إلى الإمام فسجد((عليه السلام)) شكراً لله تعالى وقال:
«الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي وجزى الله المختار خيراً»
(رجال الكشي: 127 ح 203 وعنه في. المختار الثقفي: 124).
وقال اليعقوبي:
ووجّه المختار بالرأس الخبيث (أي: رأس ابن زياد) إلى الإمام عليّ بن الحسين، وعهد إلى رسوله بأن يضع الرأس بين يدي الإمام وقت ما يوضع الطعام على الخوان بعد الفراغ من صلاة الظهر، وجاء الرسول إلى باب الإمام، وقد دخل الناس لتناول الطعام، فرفع الرجل عقيرته ونادى: يا أهل بيت النبوّة! ومعدن الرسالة،ومهبط الملائكة، ومنزل الوحي!
أنا رسول المختار بن أبي عبيدة الثقفي ومعي رأس عبيد الله بن زياد... ولم تبق علوية في دور بني هاشم إلاّ صرخت(2)،
ويقول المؤرّخون:
إنّ الامام زين العابدين((عليه السلام)) لم يُرَ ضاحكاً منذ أن استشهد أبوه إلاّ في اليوم الذي رأى فيه رأس ابن مرجانة(3).
وعن بعض المؤرّخين:
أنّه لمّا رأى الإمام رأس الطاغية قال:
«سبحان الله، ما اغتّر بالدنيا إلاّ من ليس لله في عنقه نعمة، لقد اُدخل رأس أبي عبد الله على ابن زياد وهو يتغدّى»(4).

(2) تأريخ اليعقوبي : 2/259 ط بيروت.
(3) المصدر السابق .
(4) العقد الفريد :5 / 143.



سنوات المحن والاضطرابات :
كانت الفترة الممتدّة بين عامي ( 66 و 75 هـ ) بالنسبة للشام والحجاز والعراق فترة محن واضطرابات، فلم يتحقّق في هذه المناطق الهدوء والأمن. وشهد الحجاز هجوم قوات عبد الملك على مكة ومقتل عبد الله بن الزبير، إلاّ أنّ نصيب العراق من الاضطرابات كان أكبر من المنطقتين السابقتين. ويمكن القول بجرأة أنّ ما لحق بأهل العراق كان هو النتيجة الطبيعية لدعاء سبط الرسول الأعظم ((صلى الله عليه وآله)) عليهم، إذ رفع الإمام الحسين((عليه السلام)) يده بالدّعاء في كربلاء وقال :
«اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف وسلّط عليهم غلام ثقيف فيسومهم كأساً مصبَّرة فإنّهم كذّبونا وخذلونا ...»
( تاريخ الطبري : 5/451 وعنه في وقعة الطف: 254 وقريباً منه في الإرشاد : 2/110، 111. وليس فيه: سنين كسنيّ يوسف ، ولا غلام ثقيف ).
وانتقم الله تعالى من أهل العراق الذين كذّبوا الحسين بن عليّ ((عليه السلام)) وخذلوه بواسطة رجل ارهابي مستبد هو الحجاج بن يوسف الثقفي الذي كان «لا يصبر عن سفك الدماء، وارتكاب امور لا يقدر عليها غيره»( حياة الحيوان : 167 ).
واتّخذ الحجّاج سجوناً لا تقي من حرٍّ ولا برد، وكان يعذّب المساجين بأقسى ألوان العذاب وأشدّه، فكان يشدّ على يد السجين القصب الفارسي المشقوق، ويجر عليه حتى يسيل دمه.
يقول المؤرّخون:
إنّه مات في حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة منهنّ ستّ عشرة ألف مجرّدات، وكان يحبس الرجال والنساء في موضع واحد(حياة الحيوان : 1 / 170) واُحصي في سجنه ثلاثة وثلاثون ألف سجين لم يحبسوافي دَين ولا تبعة(معجم البلدان : 5 / 349) ،
وكان يمرّ على أهل السجن فيقول لهم: إخسأوا فيها ولا تكلِّمون(1).
وقد كان يسخر من المسلمين الذين يزورون قبر النبىّ((صلى الله عليه وآله)) ويقول:
تباً لهم، إنّما يطوفون بأعواد و رمّة بالية، هلاّ طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله(2)؟!
وعهد عبد الملك بن مروان بالملك من بعده إلى ولده الوليد، وأوصاه بالإرهابي الحجّاج خيراً، وقال له:
وانظر الحجاج فأكرمه، فإنّه هو الذي وطّأ لكم المنابر وهو سيفك يا وليد ويدك على من ناواك، فلا تسمعنّ فيه قول أحد وأنت إليه أحوج منه إليك، وادع الناسَ إذا متُّ إلى البيعة، فمن قال برأسه هكذا فقل بسيفك هكذا...(3).
ومثّلت هذه الوصية اندفاعاته نحو الشرّ حتى الساعات الأخيرة من حياته، إذ لم يبق بعدها إلاّ لحظات حتى وافته المنيّة، وكانت وفاته في شوال سنة ( 86 هـ )(4)
وقد سئل عنه الحسن البصري فقال: ما أقول في رجل كان الحجاج سيئة من سيئاته(5).
(1) تهذيب التهذيب : 2 / 212.
(2) شرح النهج : 15 / 242 عن كتاب: افتراق هاشم وعبد شمس للدبّاس. وقد ورد الخبر قبله في الكامل للمبرّد : 1/222. وفي سنن أبي داود: 4/209 والبداية والنهاية : 9/131 والنصائح الكافية لابن عقيل: 11 عن الجاحظ ، وفي رسائل الجاحظ : 2/16.
(3) تاريخ الخلفاء: 220.
(4) البداية والنهاية : 9 / 68.
(5) مروج الذهب : 3 / 96.

__________________
<TABLE width="100%"><TBODY><TR><TD width="20%"></TD><TD>إذا جَادَتِ الدُّنيا عَلَيْكَ فَجُدْ بها -على الناس طراً إنها تتقلب

فَلاَ الجُودُ يُفْنِيْهَا إذا هِيَ أَقْبَلَتْ-ولا البُخْلُ يُبْقِيْها إذا هِيَ تَذْهَبُ
امير المؤمنين الامام علي عليه السلام
</TD></TR></TBODY></TABLE>
روي عن رسول الله () : يا سلمان !.. مَن أحبّ فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ، ومَن أبغضها فهو في النار . يا سلمان !.. حبّ فاطمة ينفع في مائة موطن ، أيسر تلك المواطن: الموت والقبر والميزان والمحشر والصراط والمحاسبة ، فمَن رضيتْ عنه ابنتي فاطمة رضيت عنه ، ومَن رضيت عنه رضي الله عنه ، ومَن غضبتْ عليه فاطمة غضبت عليه ، ومَن غضبتُ عليه غضبَ الله عليه . يا سلمان !.. ويلٌ لمن يظلمها ويظلم ذريتها وشيعتها ..ّ

نسألكم الدعاء
شكرا للقلوب التي احتوتني
حورية إنسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس