5- نقل السبايا من الخربة إلى قصر يزيد لعنه الله
ولكي يمتص يزيد النقمة عليه، نقل السبايا وزين العابدين عليه السلام إلى بيته الخاص في قصر يزيد، فاستقبلتهم زوجته هند بنت عبد الله بن كريز وكانت خادمة في بيت الإمام علي عليه السلام وهيأت لهم كل أسباب الراحة، وسمح لهم يزيد أن يقيموا العزاء على الحسين عليه السلام ثلاثة أيام في قصره.
وإذا أردنا الوصول إلى هذا المشهد نصعد على درج المسجد من ناحية الشرق فنجد باباً ضخماً هو باب جيرون للمسجد، وله من اليمين باب صغير، ومن اليسار باب آخر. وتظل هذه الأبواب موصدة طول اليوم، لكن الباب الأيسر يفتح عند كل صلاة.
إذا دخلنا من هذا الباب إلى صحن المسجد وانعطفنا إلى اليمين نجد بابا كتب عليه ( مشهد رأس الحسين).
ونرى اليوم في قصر يزيد المكان الذي كان يصلي فيه زين العابدين عليه السلام والمكان الذي باب فيه رأس الحسين عليه السلام ليلة في قصر يزيد، وذلك من الناحية الشرقية من المسجد الجامع المسماة ( مشهد رأس الحسين).

هذا المكان يتألف من ثلاثة مشاهد:
الأول مشهد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وهو جزء من المسجد. فإذا دخلنا منه إلى الغرفة الثانية نكون قد دخلنا إلى قصر يزيد، وتسمى هذه الغرفة مشهد الإمام زين العابدين عليه السلام وفيها المكان الذي صلى فيه زين العابدين عليه السلام عندما نقل يزيد السبايا من الخربة إلى قصره، وهو عبارة عن غرفة زجاجية صغيرة فيها محراب. ونلاحظ بعد ذلك كوة في الجدار تفضي إلى المكان الذي وضع فيه رأس الحسين عليه السلام وبات ليلة في قصر يزيد.
فقامت هند زوجة يزيد واستنكرت من زوجها وضعه الرأس في بيتها، فنقله في الصباح وعلقه على باب القصر.
وحين سألت هند زوجة يزيد السبايا عن الظروف التي قتل فيها الحسين عليه السـلام والشهداء، وعلمت أنهم استشهدوا عطاشى أمرت بأن يقام في كل شارع من شوارع دمشق القديمة سبيل ماء لإرواء العطشى. فكانت لها مأثرة كبيرة على مرِّ الزمن.

وفي الغرفة الثالثة شبه المربعة التي هي مشهد رأس الحسين عليهم السلام نشهد إلى اليسار القفص الفضي الذي في داخله عمامة تمثل مكان وضع الرأس المقدس.
ولكل غرفة من المشاهد الثلاثة محراب، ونلاحظ أن محراب مشهد زين العابدين عليه السـلام يقابل من الخارج الباب المسدود كما ذكرنا سابقاً.


6- دفن الرؤوس الستة عشر في مقبرة باب الصغير

للذهاب إلى مقبرة باب الصغير من حي الأمين، نأتي إلى دوار الخضرة، ثم نسلك الطريق المؤدي إلى جامع أبي ذر الغفاري ( إلى الغرب) ولعل هنا كان يقيم أبو ذر عندما ورد إلى معاوية في الشام في خلافة عثمان.
ثم نتابع السير فنصل إلى جامع السروجي، وهو من أولياء الشام.
ونتابع السير حتى نقترب من مقبرة باب الصغير، فنجد إلى اليسار جامعاً كبيراً اسمه ( جامع جراح) فإذا تخطيناه قليلاً ونظرنا إلى اليمين نجد غرفة كان يوقد فيها الموقد لنفخ الزجاج هي المكان الذي دفن فيه فخذ يزيد لعنه الله.
ثم صارت دكاناً للنسيج، واليوم هي مستودع.
وقد أكد لنا آباؤنا أن أهل الشام كانوا إذا مروا بهذه الغرفة التي ليس لها سقف يضربون عليها حجراً ويعلنون البراءة من يزيد ويقولون:
ذلك أن يزيد كان يتلهى مع أصحابه في مشارق حمص حين نفرت به فرسه فسقط عنها وصار يتشحط بدمه حتى رميت جثته على الأرض، وعاد الفرس وفخذ يزيد معلقة بالركاب، فأخذت ودفنت في دمشق في هذا الموضع المنزوي عن مقبرة المسلمين، نعلم المسلمين بأنه ليس منهم. وهكذا هلك في يزيد بن معاوية في ظروف غامضة، في أثنار ما كان قائده الذي وجهه إلى مكة المكرمة يضرب الكعبة بالمشرفة بالصخور والكتل النارية. فالله يمهل ولا يهمل، وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.
يتبع إن شاء الله مع آخر فصل..
يا لقلبك اللعين يا يزيد
إن كان قلبك كالحجر فالحجر بكى لمصاب سيد الشهداء
إن كان قلبك كالصخر.. فالصخر ذاب بأنين زينب الحوراء
بالأحرى أنت لا تملك قلباً بل شيطاناً وأنت وهو سواء