4- إقامة السبايا في خربة الشام عند باب الفراديس
وبعد انفضاض المجلس وضع يزيد السبايا مع زين العابدين عليه السلام في بيت خرب يكاد سقفه يسقط، فأقاموا فيه مدة حتى تقشرت جلودهم.ويقع هذا المبنى بين باب الفراديس الآرامي وباب الفراديس الروماني.
وكانت مع السبايا ابنة صغيرة للحسين عليه السلام اسمها رقية وعمرها 4 سنوات، وكانت كلما سألت عن أبيها الحسين عليه السـلام قالو لها: إنه مسافر. وأثناء إقامتهم في الخربة استفاقت رقية عليها السـلام وقد رأت مناماً مزعجاً، رأت أباها بمنظر كئيب، فصارت تعول وتقول:
أريد أبي، أريد أن أرى أبي.
فتأثر السبايا من قولها وبدأن بالبكاء والنحيب. فسمع يزيد من قصره القريب ضجة في الخربة، فسأل عنها، فقالوا: ابنة الحسين تريد رؤية أبيها. فقال: الأمر بسيط، خذوا إليها رأس أبيها وأعطوها إياه.
فوصفوا الرأس على طبق وجللوه برداء، فلما جاؤوها قالت: لا أريد طعاماً، أريد أبي. فكشفوا الغطاء ورموا إليها الرأس، فاحتضنته وهي مفجوعة،وشرعت تكلمه وتناغيه وتبكي حتى فارت الحياة، فدفنت في موضع شهادتها.
واليوم قد تحول المكان الذي كان خربة إلى مقام مهيب ومسجد رحيب يؤمه المسلمون من كل مكان.
ولا يبعد أن تكون زينب برفقة زين العابدين عليهما السلام، كانا يزوران مرقد أجساد حجر بن عدي ورفاقه الذي قتلهم معاوية في مرج عذراء، ودفن رؤوسهم هناك، ثم سحل أجسادهم في شوارع دمشق ، ثم دفن أقصابهم الباقية في مسجد في حي العمارة يدعى منذ القديم ( مسجد الأقصاب) ويوجد في داخله قبر كبير دفنت فيه أقصاب هؤلاء الشهداء وعددهم سبعة، وقد أثبتت أسماؤهم على شباك ذلك المرقد، وزعيمهم حُجر بن عدي الكندي رضوان الله عليه. والذي يؤكد زيارة زينب عليها السـلام لذلك الموقع، أنه يطلق عليه في الكتب اسم ( مسجد الأقصاب الزينبية)
وإذا أردت زيارة هذا الموقع وكنت في مرقد السيدة رقية عليها السـلام فاخرج من باب الفراديس المجاور لمرقدها، وانعطف إلى اليمين ( الشرق) فتجد على بعد مائة متر مسجد الأقصاب، المتميز بمنارته العالية من الطراز الملوكي.
ولما جاء يوم الجمعة أحضر يزيد زين العابدين معه إلى صحن المسجد، وكان الثلث الشرقي من المعبد قد اتخذه المسلمون مسجداً وسموه مسجد الصحابة، بينما الثلث الغربي من المعبد الكنيسة باسم كنيسة يوحنا المعمدان، ، وذلك قبل أن يشتري الوليد بن عبد الملك الكنيسة يضمها إلى المسجد، ويجعله بناء واحداً باسم المسجد الجامع.
وطلب الحاضرون من يزيد أن يسمح لزين العابدين عليه السلام بالخطاب، فأذن له، وصعد على أعواد عند القبة الشرقية الموجودة في صحن المسجد اليوم والمسماة قبة زين العابدين. وخطب خطاباً أذهل أهل الشام وانكشف لهم عندها أن المقتول ليس خارجياً وإنما هو الحسين بن فاطمة الذي جده رسول الله صلى الله عليه وآله فبدأت حملات الاستنكار تنهال على يزيد لعنه الله.
يتبع إن شاء الله مع المزيد من الآثار الأليمة...
أرجوا منكن أن لا تنسوني من دعااااائكن