18-12-2010, 10:59 PM
|
#46
|
♠ فاطمية مبتدئة ♠
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 57
معدل تقييم المستوى: 17
|
رد: زينب الكبرى عليها السلام
(631) ويُسرى بنـا نحو الشام فـلا سَقَتونُهدى إلى الطاغي يزيد نتيجة الـو يَنكُتُ ظلماً بالقضيـب مَراشفـاًمعـاهد أرض الشام جونُ السحائبـدَعـيّ ابـن سفيان لَئيم المَناسِبتَرشّفهـا المختار بيـن المُصاحبٍ (1) وله قصيدة أخرى يَصفُ ـ فيها ـ مصيبة الهجوم على مُخيّمات الامام الحسين ( عليه السلام ) ومنها قوله :حُمـاةٌ حَمَـوا خـِدراً أبى الله هَتكهُفأصبـح نَهبـاً للمغـاويـر بعدهميُقنّعها بالسوط « شمرٌ » فـإن شكَتنـوائـح إلا أنّـهـنّ ثـواكــلٌفعَـظّمـه شـأنـاً وشَـرّفه قَـدراومنه بنات المصطفى أُبرزت حَسرىيؤنّبهـا « زَجـرٌ » ويوسِعُهـا زَجراعـواطـش إلا أنّ أعينهـا عَبـرى1 ـ ديوان ابن كمّونة ، ص 12 ـ 13.
(632) يَصـون بيُمنـاها الحَيا ماء وَجههاو قُل لسـرايـا شيبة الحمد ما لكمو أعظمُ ما يُشجـي الغَيور دخولهايُقـارعهـا فيـه يـزيـد مَسَبّـةًويَقـرَعُ ثَغـرَ السبـط شُلّت يمينهأينكُـتُ ثَغراً طَيّـبَ الدهـر ذِكرَهويَستُرهـا إن أعوزَ السِتـر باليُسرىقعدتم وقـد سـاروا بِنسـوتكم أسرىإلـى مجلس مـا بارح اللهو والخَمراو يَصـرفُ عنها وجهه مُعرِضاً كِبرافأعظـم به قَرعـاً وأعظِـم به ثَغراًوما بـارَح التسبيـح والحمد والشُكرا (1)1 ـ ديوان ابن كمّونة ، ص 58 ـ 60.
(633) وللعالم الجليل الشيخ جعفر النقدي (1) قصيدة نختار منها هذه الأبياتيا دهرُ كُفّ سِهام خطبك عن حشىًفي كـلّ يـوم للنوائـب صـارمٌوأبيتُ والأرزاء تَنهـشُ مُهجَتـيلـم يَبـقَ فيهـا موضعٌ للأسهميَسطو على قلبي ويَقطر مِن دمينَهشاً يهونُ لديـه نَهـشٌ الأرقم (2)1 ـ الشيخ جعفر بن الحاج محمد بن عبد الله التقي الربعي ، المعروف بـ « النقدي » ، : عالم خبير مُتبحّر ، وأديب واسع الإطّلاع ، له مؤلّفات كثيرة تَشهَد له بغَزارة العلم والأدب ، وُلِد في مدينة العمارة بالعراق سنة 1303 هـ ، هاجر إلى مدينة النجف الأشرف ، ودَرسَ فيها حتّى بلغ مرتبة عالية من العلم والثقافة.
شَغَل منصِبَ القضاء في مسقط رأسه ( العمارة ) حوالي عشر سنوات.
أمّا شعره : فهو مِن الطبقة الممتازة ، وأكثر شعره في مدح أهل البيت ( عليهم السلام ).
توفّي ( رضوان الله عليه ) بتاريخ 9/محرم/1370 هـ ، إقتطفنا ترجمة حياته من كتاب ( أدب الطف ) للخطيب السيد جواد شبّر ، ج 10 ص 8.
2 ـ الأرقَم : أخبَثُ أنواع الحَيّات ، وأطلَبُها للناس ، أو : ما في لونه سَواد وبَياض ، أو : ذكرُ الحيات .. والأنثى رَقشاء. كما في كتاب القاموس المحيط للفيروز آبادي.
(634) أوَ كـان ذَنبـي أنّنـي مُتمسـّكٌآل النبي المصطفـى مَـن مَدحُهُموإلى العقيلة زينب الكبرى ابنة الـهي رَبّة القَدر الرفيـع رَبيبـة الـمَن فـي أبيهـا الله شَـرّفَ بيتـَهمَن بيتُ نشأتها بـه نـشأ الهـدىضُربَت مَضاربُ عِزّها فوق السُهافَضلٌ كشمس الأفق ضاء فلو يشأكانت مَهابتُـها مَهـابة جـدّهـابالعـروة الوثقـى التي لم تُفصَمِوردي وفيهـم لا يـزالُ تـَرنّميـكرّار حيـدر بالـولايـة أنتَميـخِدر المنيع وعِصمةُ المستَعصِموبجَدّها شَرَفُ الحطـيمِ وزَمـزَمِوبـه الهـدايـة للصـراط الأقوموسَمَت فضائلهـا سُمـوّ المـرزمِ (1)أعـداؤها كتمـانَـه لـم يُكـتَـمِخيرِ البـريّة والرسـول الأعـظم1 ـ المِرزَم : السحاب الذي لا ينقطع رَعده. كما في « لسان العرب ».
(635) كانـت بلاغتُها بلاغة حيدر الـقد شابَهَت خيـر النسـاء بهَديهاومُقيمةَ الأسحار فـي مِحـرابهاشَهِدِت لها سُوَر الكتـاب بأنّهـازَهِدَت بدُنياها وطيـب نَعيمهـاوتَجرّعت رَنقَ الحيـاة وكابَدَت (1)فأثابهـا ربّ السمـاء كـرامةًفلَها ـ كما للشافعين ـ شفاعةبَلغت من المجد الموثّل موضعاًـكـرّار إن تَخطب وإن تتكلّمِووقارها وتُقىً وحُسـنِ تـكرّمِتَدعو وفي الليل البَهيم المُظلـممِن خير أنصار الكتاب المُحكمِطلَباً لمرضات الكريـم المُنعـممِن دَهرها عيشاً مريـرَ المطعمِفيها سوى أمثالهـا لـم يُـكرمِيوم الجزاء بها نجـاة المجـرمما كـان حتى للبتـولة مريـم1 ـ رَنقَ الحياة : كدَرّ الحياة ، يُقال : رَنَقَ عَيشُه : أي كَدِرَ.
(636) كـلا ولا لِلطُـهـر حـَوّا أو لآهذي النساء الفُضلَيات وفي العُلافاقَـت بـه كـلّ النسـاء ، ورَبّهالكنّ زينـب في عُـلاها قد سَمَتفي عِلمِهـا وجمـالهـا وكمـالهامَن أرضَعَتهـا فاطـمٌ دَرّ العـُلىعن أمّها أخـذت علوم المصطفىحتى بهـا بلغـت مقامـاً فيه لَمشَهِـد الإمـام لها بـذاك وأنّهـاولهـا بيوم الغاضـريّـة موقفٌسيـةٍ وليس لأختِ موسى كلثَمِكـلٌ أقامـت فـي مقامٍ قَيّـمِفي الخُلد أكرَمَهـا عظيم المَغنَمِشَـرَفاً تأخّـر عنـه كلّ مقدّمِوالفضل والنَسَبِ الرفيع الأفخمِمِن ثديها فَعَنِ العلـى لم تُفطِمِوعلوم والدهـا الوصيّ الأكرمتَحتَـج لِتَعـليـمٍ ولا لمعـلّـمِبعد الإمام لهـا مقـام الأعلـمأنسى الزمان ثَبات كلّ غَشَمشَمِ
(637) حَمَلَـت خطـوباً لو تَحَمّل بعضَهاورأت مُصابـاً لـو يُلاقي شَجوَهافي الرُزء شاركـت الحسين وبعدهكانـت لنسوتـه الثـواكل سلـوةًومُصابها فـي الأسـر جَدّد كلّماودخـول كـوفـانٍ أبـاد فؤادهالم أنسَ خُطبتهـا التـي قَلَمُ القَضانَزلت بها كالنار شـبّ ضـرامهاجاءت بهـا عَلَويّـةً وقعـت علىلانهـارَ كـاهـل يذبلٍ ويَلَملَـمِالعَذبُ الفرات كسـاه طعم العَلقمِبَقِيـت تـُكافـح كلّ خطبٍ مؤلمعُظمـى وللأيتـام أرفـَقَ قـَيّمِكانت تُقاسيـه بعـشـر محـرّمِلكن دخول الشـام جـاء بأشـأمِفي اللوح مثل بيانهـا لم يُـرقـمِفي السامعين ، من الفؤاد المُضرَمِقلب ابن ميسـونٍ كوقـعِ المِخذَم
(638) أوداجه انتَفَخت بها فكأنّمافيها السيوف أصبنّه في الغلصمِ (1)**** أشقيقـة السبطيـن دونـك مدحةًتمتـاز بالحـق الصـريح لو أنّهايَسلو المحبّ بها وتطعـن في حَشابيَميـن إخلاصـي إليك رَفعتُهـاوعليكِ صلـى الله ما رُفعـَت لهقِسّ الفَصاحة مِثلَهـا لم يَنـظمِقيسَت بشعر البُحتـري ومسلـمِأعداء أهل البيـت طعـن اللهذم (2)أرجو خلاصي من عذاب جهنّمِأيدي مُحِـلٍّ بالدعـاء ومحـرِمِ1 ـ الغَلصَم : رأس الحُلقوم. كما في « لسان العرب ».
2 ـ اللّهذم : سيفٌ لَهذم : أي حادّ ، وقيل : كل شيء قاطع .. مِن سيف أو سنان. « لسان العرب »
(639) رغم كثرة ما قيل من الشعر في مدح ورثاء آل رسول الله الطاهرين .. فإنّ قصائد السيد حيدر الحلّي لا زالت متألّقة ومتفوّقة في سماء الشعر والأدب ، فقوّة التعبير ، وجمال الوَصف ومميّزات أخرى تجعل الإنسان حائراً أمام هذا المستوى الرفيع من الشعر ، والبيان الساحر ، والصياغة الرائعة الفريدة !
ولا عَجَبَ من ذلك ، فقد كتبوا عن هذا الشاعر العظيم أنّه ـ رغم مواهبه وثقته بنفسه وشعره ـ كان يُجري على بعض قصائده لَمَسات فاحِصة ، يقوم خلالها بالتغيير والتعديل والتجميل ، ويَستمرّ على هذا المنوال مدة سنة كاملة ، ولذلك جاء التعبير عن بعض قصائده بـ « الحَوليّات » !! (1)
أمّا شعره عن السيدة زينب الكبرى :
فالجدير بالذكر أني قرأت ( ديوان السيد حيدر الحلي ) ولم أجِد فيه التصريح باسم السيدة زينب ( عليها السلام ) رغم أنّه يتحدّث عنها وعن مصائبها الأليمة في كثير من قصائده الحسينيّة الرائعة !
فكأنّ التَهيّب والحياء ورعاية الأدب في السيد ، وجلالة1 ـ السيد حيدر بن السيد سليمان الحلّي ، وُلدَ في مدينة الحلة بالعراق سنة 1246 هـ ، وتوفّي سنة 1304 ، كان عالماً جليلاً ، وشاعراً مُجيداً ، وكان سيّد الأدباء في عصره.
(640) وعظمة مقام السيدة زينب ، وَضَعت أمامه حدوداً آلى على نفسه أن لا يتخطّاها ، ومنها التصريح باسم السيدة زينب عند ذكر مصائبها ، إذ من الصعب عليه ـ وهو الإبن البارّ لأهل البيت الطاهرين الغيور عليهم ـ أن يُصرّح بتفاصيل المأساة ، فشخصيّة السيدة زينب عظيمة فوق كلّ ما يتصوّر ، والمصائب التي انصَبّت عليها هي في شدّة الفظاعة ، فهو لا يذكر اسمها بل يُشير ويُلمّح ، ويرى أنّ التلميح خيرٌ من التصريح ، « والكناية أبلَغ مِن التصريح » ، ولعلّ الرعشة كانت تستولي على فكره وقريحته وقلمه ، فتمنعه من التصريح ، وانهمار الدموع لم يكن يسمح له أن يُبصِر ما يكتُب ! فاكتفى أن يحومَ حول الحِمى والحدود فقط.
ففي إحدى قصائده الخالدة يقول :خُذي يا قلـوب الطالبيّين قُرحَةًفإنّ التي لم تبرح الخِدر أُبرزَتتزول الليالي وهي دامية القِرفِ (1)عَشِيّةَ لا كهفٌ فتأوي إلى كَهفِ1 ـ القِرف ـ بكسر القاف ، وقيل : بفتح القاف ـ : القِشر ، يُقال : تقرّفت القُرحَة : أي تَقشّرت بعد يُبسها. دامية القِرف : أي دائمة التَقشّر بسبب عدم بُرئها ، واستمرار نَضح الدم والقَيح منها.
(641) لقد رَفعَـت عنهـا يد القوم سَجفهاوقد كان من فـرط الخفارة صوتهاوهاتفةٍ نـاحت علـى فقـد إلفِهـالقد فَزِعت من هجمـة القوم وُلَّهـاًفنـادت عليه حيـن ألفَتـه عـارياًحَملتُ الرزايا ـ قبل يومك ـ كلّهاوكان صفيـح الهنـد حاشيـ السَجف (1)يُغَضُّ فغُضّ اليوم مِـن شـدّة الضَعفِكمـا هتفـت بالـدَوح فاقـِدةُ الإلـفإلى ابن أبيها وهو فوق الثـرى مُغفـيعلى جسمه تسفي صبـا الريح ما تَسفيفما أنقَضَت ظهـري ولا أوهَنـَت كَتفي (2)1 ـ الصَفيح : السيف العريض ، وقيل : الصفيح الجَنب. الهِند : السيف. السَجف ـ بفتح السين وكسرها ـ : السِتر المُرخى ، وقيل : هو الستر المؤلّف من قماشين مقرونَين ، أو قماش وبِطانة للقماش.
2 ـ ديوان السيد حيدر الحلّي ، طبع لبنان ، عام 1404 هـ ، ج 1 ص 96.
(642) ويقول ( رحمة الله تعالى عليه ) ـ في قصيدة أخرى ، يَصِفُ فيها ساعة الهجوم على مُخيّمات الامام الحسين ( عليه السلام ) بَعدَ مقتل الإمام ـ :وحائرات أطـارَ القـوم أعينَهـاكانت بحيثُ عليهـا قومُها ضربتيكاد من هيبـةٍ أن لا يطـوف بهفغودِرَت بين أيـدي القوم حاسرةًنَعـم لَـوَت جيـدها بالعَتبِ هاتفةًعَجّت بهم مُذ على أبرادِها اختَلَفترُعباً غداة عليهـا خِدرَها هجمواسُرادقاً أرضـه مِن عِزّهم حَرَمُحتـى الملائك لـولا أنّهم خَدَمُتُسبى وليس ترى مَن فيه تَعتَصِمُبقومهـا وحشاهـا مِلـؤُهُ ضَرَمُأيدي العَـدوّ ، ولكن مَن لها بِهِمُ (1)1 ـ ديوان السيد حيدر الحلي ، ج 1 ص 105.
(643) وله قصيدة أخرى يقوله فيها :وأمضُّ ما جرعت من الغصص التيهتك الطغاة على بنات محمدٍفتنازعت احشاءها حرق الجوىعجباً لحلم الله ، وهي بعينهقدحت بجانحة الهدى ايراءهاحُجب النبوة خِدرها وخباءهاوتجاذبت أيدي العدوِّ رِداءَهابرزت تطيل عويلها وبكاءها (1)1 ـ ديوان السيّد حيدر الحلّي ، ج 1 ص 54.
(644) إنّ الإنسان المُنصِف إذا وقف موقف الحياد ، ونظر نظرة فاحصة إلى ملف رجالات الشيعة ، وتتبع أحوالهم في أي مجالٍ من مجالات العلوم والفنون ، يجد أمامه الكفاءات العظيمة ، والقابليات الفريدة الّتي تناطح السحاب علواً وسمواً ، في كلّ مجالٍ من المجالات ، وفي مختلف العلوم والفنون.
أجل ..
إنّ الكفاءات عند المسلمين الشيعة كثيرة جداً وجداً وجداً ، ولكن ينقصها شيئان :
1 ـ التشجيع الكافي من القيادات الشيعية العُليا !!
2 ـ الحريّات الكافية والمناخ المناسب ، الذي يُساعد على نموّ الطاقات ، وبروز المواهب ، وظهور القابليات ، وتبلور العبقريات.
بعد هذا التمهيد .. أقول :
لا نجدُ في تاريخ العرب والإسلام شاعراً نظم ملحمة شعرية والتزم فيها بقافية واحدة ، وكان طويل النفس إلى أقصى حد .. سوى العلامة الأديب الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ( رحمة الله تعالى عليه ) فإنّ ملحمته الشعرية ـ رغم بساطتها وسلاسة التعبير فيها ـ فريدة .. ولا مثيل لها في التأريخ ، حيث إنّ أبياتها تُناهزُ الخمسين
(645) ألف بيتاً (1) !!
وقد اخترنا من ملحمته الفريدة بعض الأبيات حول سيدتنا زينب الكبرى ( سلام الله عليها ) :هي أزكى صديقةٍ قد تربّتوتغذت من فيض علم عليوارتوت بالمعين نهلاً وعلاًوتبنت نهج البلاغة نهجاًبين حجر الصديقة الزهراءوعلوم النبيّ خير غذاءمن علوم السبطين خير ارتواءوهو فيض من سيد البلغاء1 ـ هو الشيخ عبد المنعم بن الشيخ حسين الفرطوسي.
شاعرٌ مجيد ، واديب شهير ، وخدم آل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقريحته الشعرية المميزة. ولد في مدينة النجف الأشرف عام 1335 هـ. كان من أبرز صفاته : التواضع ونُكران الذات .. رغم علمه الوافر ومواهبه الكثيرة.
فارق الحياة سنة 1404 هـ رضوان الله عليه.
|
|
|