من المعتاد في هذه الايام من كل سنة يستعد الامام الحسين (عليه السلام) للخروج من المدينة قاصداً بيت الله الحرام لإداء مناسك الحج......ولكن.... دعونا نعود بأذهاننا الى سنة 60 للهجرة، ماذا جرى في مثل هذه الايام؟؟؟؟ هل خرج حبيب الزهراء قاصداً مكة المكرمة؟؟؟
سنة 60 هجرية في مثل هذه الايام كان الامام الحسين (عليه السلام) يستعد لترك المدينة ولكنه كان قاصداً أرض العراق، كان يستعد للخروج قصراً من مدينة جده رسول الله.....
جهز الحسين (عليه السلام) نفسه وعائلته للخروج من المدينة مودعاً الارض التي ولد بها ونشأ وترعرع فيها، قبل خروجه ذهب (سلام الله عليه) ليودع قبر جده رسول الله الذي طالما اجلسه في حجره وطالما حمله على صدره وشمه في نحره، جلس على قبر جده يشكي له الحال ويخبره بأنه سيترك المدينة، تمنى الحسين (عليه السلام) لو يفتح القبر إليه ويجلس مع حبيبه رسول الله يشكي له الحال فجعل يخبره ويقص عليه الحال جعل يقول له انا ريحانتك يارسول الله انا حبيبك الحسين من بعدك لم أرى الراحة قط من بعدك لم يبقى لنا احد، جداه ها هم يخرجوني من مدينتك قصراً ها هم يبعدوني عن ترابك رغماً، جداه ليتني اسكن معك في هذا اللحد، جداه ليتني ارتاح من هذه الدنيا
"ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح.......علني ياجد من بلوى زماني استريح"
ودع الحسين (عليه السلام) قبر جده رسول الله و ودع قبر امه فاطمة الزهراء (عليها السلام) واعتزم الخروج من المدينة تاركاً خلفه الذكريات، تاركاً بيتاً تربى فيه ومسجداً صلى فيه، تاركاً منبر رسول الله وتاركاً خلفه باباً عصرت خلفه امه الزهراء تاركاً اعتاباً لطالما بكى هو ينظر إليها متذكراً اخيه السقط المحسن
ودعت الحوراء قبر امها وجدها واخرج الحسين عياله واطفاله وجمعهم للخروج من المدينة _ خرج معه اخوته واولاد عمومته _ جائت النياق وخرجن مخدرات الرسالة وكأنهن شموس تستر السحب ضوئها......صعدن كل النساء الى محاملهن لم تبقى الا عقيلة بني هاشم .....اراد اولادها وبني اخوتها ان يُصعِدوها ولكنها رفضت، جاءها علي الاكبر فلذة كبدها قائلاً لها: عمه زينب نور عيني انا أصعدكِ الى محملكي، فأبت بنت علي ذلك قائلة: "لايُصعدني غير كافلي" فجائها قمر العشيرة ابا الفضل العباس وكأنه البدر في ليلة كماله منادياً: "لبيكي يانور عيني" ، مسك يدها وجعل صدره تحت قدمها واصعدها محملها وهي تبكي فقال لها: نور عيني من ما بكائك؟؟؟ قالت له اخاف ان لا نعود الى المدينة، اخاف ان يهتك ستري، اخاف ان تضيع هيبتي فقال لها ابا الفضل العباس: "اخية زينب لاتخافي مادامت الروح بجسدي"
سار ضعن الحسين (عليه السلام) تاركاً خلفه قبر رسول الله وتاركاً خلفه قبر الطهر البتول، ولم يبقى من عائلة الحسين إلا ام البنين _ام العباس واخوته_ وطفلة صغيرة للحسين عليلة مريضة فتركها الحسين في المدينة.........سار الضعن بالنساء والاطفال والرايات ترفرف على رؤسهم، سار بمخدرات الرسالة وهن محفوفات بأسود بني طالب .......ولكن......هل لهذا الضعن عودة يوماً ما؟؟؟؟؟ هل سيعود لأرض المدينة بهيبته كما خرج منها؟؟؟؟