السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
هل تسمحين لي بهذه المشاركه معك
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) في تفسير قوله : ( وَنَضَعُ الْمَوازينَ القِسط ) هم الأنبياء والأوصياء (1) ، ولعلّ أعمال كلّ أُمّة تعرض على أنبيائهم فبالمطابقة مع أعمالهم ومخالفتها معهم يعلم كونه سعيداً أوشقياً ، ويؤيد ذلك ما نقرأه في زيارة الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حيث ورد فيه ، « السلام على يعسوب الإيمان وميزان الأعمال ». (2)
وكأنّ الإمام أمير المؤمنين حقّ مجسّم فمن شابهه فهو ممن ثقلت موازينه ، ومن لم يشابهه فهو ممن خفت موازينه.
وإن شئت قلت : إنّ الإنسان المثالي أُسوة في الدنيا والآخرة يميّز به الحقّ عن الباطل ، بل الطيب عن الخبيث ، وهذا أمر جار في الدنيا والآخرة.
وبذلك تقف على إتقان ما روي عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وقد قال فيما كان يعظ به الناس : « ثمّ رجع القول من اللّه في الكتاب على أهل المعاصي والذنوب ، فقال عزّ وجلّ : ( وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنّ يا وَيْلَنا إِنّا كُنّا ظَالِمين ) (3) ، فإن قلتم أيّها الناس ، إنّ اللّه عزّوجلّ إنّما عني بهذا أهل الشرك فكيف ذلك ، وهو يقول : ( وَنَضَعُ المَوازينَ القِسطَ لِيَوم القِيامة فَلا تُظْلمُ نفسٌ شَيئاً وإنْ كانَ مِثْقالَ حَبّة مِنْ خَرْدَل أَتَيْنا بِها وكَفَى بِنا حاسِبين ) (4) واعلموا عباد اللّه أنّ أهل الشرك لا تنصب لهم الموازين ولا تنشر لهم الدواوين وإنّما يحشرون إلى
جهنم زمراً ، وإنّما نصب الموازين ونشر الدواوين لأهل الإسلام
ويؤيد ذلك أيضاً ما نقل عن الإمام السجاد ( عليه السلام ) انّه قال : « ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق ». (2)
وبما انّ حسن الخلق من أبرز صفات الأنبياء فمن تمتع به فهو أشبه بالأنبياء من غيرهم فيكون عمله عملاً قيماً له أثره الخاص.
وللمحقّق الكاشاني كلام في تفسير الملكين المعروفين بمنكر ونكير يناسب ذكره في المقام لصلته بما ذكرنا ، يقول : ويخطر بالبال انّ المنكر عبارة عن جملة الأعمال المنكرة التي فعلها الإنسان في الدنيا فتمثلتا في الآخرة بصورة مناسبة لها مأخوذ مما هو وصف الأفعال في الشرع ، أعني : المذكور في مقابلة المعروف.
والنكير هو الإنكار لغة ولا يبعد أن يكون الإنسان إذا رأى فعله المنكر في تلك الحال أنكره ووبخ نفسه عليه فتمثل تلك الهيئة الإنكارية أو مبدؤها من النفس بمثال مناسب لتلك النشأة فانّ قوى النفس ومبادئ آثارها كالحواس ومبادئ اللجم تسمّى في الشرع بالملائكة.
ثمّ إنّ هذا الإنكار من النفس لذلك المنكر يحملها على أن تلتفت إلى اعتقاداتها وتفتش عنها ، أهي صحيحة حسنة حقة أم فاسدة خبيثة باطلة ؟ ليظهر نجاتها وهلاكها ويطمئن قلبها.
وذلك لأنّ قبول الأعمال موقوف على صحّة الاعتقاد بل المدار في النجاة على ذلك كما هو مقرر ضروري من الدين ، وإليه أُشير بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « حب علي حسنة لا تضر معها سيئة ، وبغض علي سيئة لا تنفع معها حسنة ».