رد: قصص تربويه من حياة الامام علي عليه السلام
-عبادته:
------------
سمعه أبو الدرداء يقول في مناجاته في جوف الليل ، وهو مستتر ببعيرات بني النجار :
إلهي اُفكر في عفوك فتهون عليَّ خطيئتي ، ثم اذكر العظيم من أخذك فتعظم على بليّتي .
آه آه ، إن أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها ، وأنت محصيها ، فتقول : خذوه ، فيا له من مأخذو لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته .
آه آه ، من نار تنضج الأكباد والكلى .
آه آه ، من نار نزّاعة للشوى .
آه آه ، من غمرة من لهبات لظى .
قال أبو الدرداء : ثمّ انغمس في البكاء فلم أسمع له حسّاً ولا حركة ، فأتيته فإذا هو كالخشبة اليابسة ، فحرّكته فلم يتحرّك ، وزويته فلم ينزو ، فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مات والله علي بن أبي طالب ، فأتيت أهله أنعاه إليهم .
فقالت فاطمة سلام الله عليها : هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى ، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه فأفاق ، فرآني أبكي فقال : ممّ بكاؤك يا أبا الدرداء ؟
فقلت : ممّا تنزله بنفسك .
قال : كيف بك لو رأيتني وقد دعي بي إلى الحساب ، وأيقن أهل الجرائم بالعذاب ، واحتوشتني ملائكة غلاظ شداد ، ووقفت بين يدي من لا تخفى عليه خافية .
وكان صلوات الله وسلامه عليه : أعبد الناس ، وأكثرهم صلاة وصوماً ، منه تعلم الناس صلاة الليل . وملازمة الأوراد ، وقيام النافلة .
وكانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده ، وما ظنّك بمن يبلغ من محافظته على ورده ، أن يبسط له قطع بين الصفين ليلة الهرير ، فيصلّي عليه السلام ورده ، والسهام تقع بين يديه ، وتمرّ على صماخيه يميناً وشمالاً فلا يرتاع ، ولا يقوم حتى يفرغ من ورده وصلاته -لانه اذا وقف امام الله اخرج فكره من كل شاغل فيعيش مع الله بعقله وشعوره وقلبه بل كل كيانه.
------------------------------------
صلاته (ع) -:
كان (ع) يوماً في حرب صفّين مشتغلاً بالحرب والقتال وهو مع ذلك بين الصفّين يرقب الشمس، فقال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين، ما هذا الفعل؟.. فقال (ع): أنظر إلى الزوال حتى نصلّي، فقال له ابن عباس: وهل هذا وقت صلاة؟.. إن عندنا لشغلاً بالقتال عن الصلاة.. فقال (ع): على ما نقاتلهم؟!.. إنما نقاتلهم على الصلاة.
عن ابن أبي جمهور: في الحديث أن علياً (ع) إذا حضر وقت الصلاة يتململ ويتزلزل ويتلوّن، فقيل له: ما لك يا أمير المؤمنين؟!.. فيقول: جاء وقت الصلاة، وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض، فأبين أن يحملنها وأشفقن منها.
عن- الإمام الصادق (ع): كان علي (ع) إذا قام إلى الصلاة فقال: (وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) تغيّر لونه حتى يُعرف ذلك في وجهه.
عنه (ع): إن عليّاً (ع) كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة.
-----------------------------------
ومن كلام له عليه السلام :
الدنيا دار مني لها الفناء ، ولأهلها منها الجلاء ، وهي حلوة خضراء ، قد عجلت للطالب ، والتبست فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد ، ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ، ولا تطلبوا فيها أكثر من البلاغ ومن خطبة له عليه السلام :
أمّا بعد : فانّي احذركم الدنيا ، فانّها حلوة خضرة ، حُفت بالشهوات ، وتحببت بالعاجلة ، وراقت بالقليل ، وتحلّت بالآمال ، وتزيّنت بالغرور ، لا تدوم حبرتها ولاتؤمن فجعتها ، غرّارة ضرّارة ، حائلة زائلة ، نافذة بائدة ، أكّالة غوّالة ، لا تعدو إذا تناهت إلى اُمنية أهل الرغبة والرضا بها ، أن تكون كما قال الله تعالى : «كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذروه الرياح وكان الله على كلّ شيء مقتدراً» لم يكن امرؤ منها في حبرة ، إلا أعقبته بعدها عبرة ، ولم يلق من سرائها بطناً ، إلا منحته من ضرّائها ضهراً ، ولم تطله فيها ديمة رخاء ، إلا هتنت عليه مزنة بلاء ، وحريّ إذا أصبحت له منتصرة ، أن تمسي له متنكّرة ، وإن جانب منها اعذوذب واحلولى أمرّ منها جانب فأوبى، لا ينال امريء من غضارتها رغباً ، إلا أرهقته من نوائبه تعباً ، ولا يمسي منها في جناح أمن ، إلا أصبح منها على قوادم خوف ، غرّارة غرور ما فيها ، فانية فان من عليها ، لا خير في شيء من أزوادها إلا التقوى ، من استقلّ منها استكثر ممّا يؤمنه ، ومن استكثر منها استكثر ممّا يوبقه ، وزال عمّا قليل عنه ، كم واثق منها فجعته ، وذوي طمأنينة لها قد صرعته ، وذي ابهة قد جعلته حقيراً ، وذي نخوة قد ردّته ذليلاً ، سلطانها دول ، وعيشها رنق، وعذبها اجاج ، وحلوها صبر ، وغذاؤها سمام ، وأسبابها رمام ، حيّها بعرض موت ، وصحيحها بعرض سقم ، ملكها مسلوب ، وعزيزها مغلوب 0
ومن خطبة له عليه السلام :
أما بعد : فانّ الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ، وانّ الآخرة قد أقبلت وأشرقت باطلاع ، ألا وانّ اليوم المضمار ، وغداً السباق ، والسبقة الجنّة ، والغاية النار ، أفلا تائب من خطيئته قبل منيّته .
ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه ، ألا وانّكم في أيّام أمل ، من ورائه أجل فمن عمل في أيّام أمله قبل حضور أجله ، فقد نفعه عمله ، ولم يضرّه أجله .
ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة .
ألا وانّي لا أرى كالجنّة نام طالبها ، ولا كالنار نام هاربها .
ألا وانّكم قد اُمرتم بالظعن ، ودللتم على الزاد ، وانّي أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى ، وطول الأمل ،فتزوّدوا في الدنيا ما تجهّزوا به أنفسكم غداً ، وتزوّدوا فانّ خير الزاد التقوى
---------------------------------------------------------
يتبع .....
__________________
رُويَّ عن ابا عبد الله (ع): " ليس شيء إلاّ وله حد " قيل: فما حد التوكل؟ قال: " اليقين "، قيل: فما حد اليقين؟ قال: " إلاّ تخاف مع الله شيئاً ". وعنه (ع): " من صحة يقين المرء المسلم ألا يرضي الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله فان الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا ترده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت ".
نسالكمـ الدعـــــــــــاء ...
|