والمفجعة:
لأنها فجعت لها السماوات والأرضين
وما فيهن وما بينهن فما من مؤمن من الإنس أو الجن
أو الملائكة إلا وقد فجع باستشهاد
أمير المؤمنين عليه السلام،
فقد ورد عن ابن عباس رحمه الله أنه قال:
«بكت السماء دماً على علي عليه السلام ثلاثة أيام»
(مناقب ابن آشوب:ج2ص246)
والشهادة محررة:
لأنها حررت الإمام عليه السلام من الدنيا ومصاعبها
فقال عليه السلام حين ضربه اللعين:
«فزت ورب الكعبة»
(بحار الأنوار:ج41ص2ب99ح4)
فالفوز كان بالشهادة في محراب العبادة
في مسجد الكوفة المبارك..
فولادته عليه السلام كانت في جوف الكعبة المشرفة
وشهادته كانت في محراب الكوفة المقدسة
بمسيل دمائه الطاهرة على ترابها..
وكان ذلك في صبيحة يوم 19من شهر رمضان المبارك
حيث كمن له أشقى الأولين واللآخرين
ابن ملجم المرادي (لعنه الله) وعندما أخذ
الإمام عليه السلام بنافلة الفجر ضربه بسيفه المسموم
على قرنه الشريف فخضب لحيته الشريفة
من دمه الطاهر كما أخبره ابن عمه الرسول الأعظم
صلى الله عليه وآله.
وأنتقل الإمام عليه السلام الى جوار ربه بعد يومين
من تلك الحادثة أي في ليلة 21من شهر رمضان المبارك
سنة 40 للهجرة المباركة..
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً
ليكون حامل لواء الحمد وساقي الحوض
وقسيم الجنة والنار...
وتتحدث الروايات عن قبر الإمام عليه السلام,
فتقول
-أن قبر الإمام عليه السلام هو قبر النبي
نوح عليه السلام وقبر النبي آدم عليه السلام
-ان قبر الإمام عليه السلام كان مخفياً ولم يكن معروفاً
إلا بعد أن اكتشف بعد حوالي 150 سنة
في عهد هارون الرشيد والقصة سنذكرها إنشاء الله.
- إن صبيحة دفنه أخرجوا أربعة توابيت فبعثوا
بواحد إلى بيت الله الحرام وواحد إلى المدينة
وواحد إلى بيت المقدس وأدخلوا واحد إلى بيته
وذلك لتضليل أعدائه عليه السلام
- لماذا دفن الإمام ليلاً وسراً ؟
الجواب :
أنه من المحتمل أن بني أمية ينبشوا القبر الشريف
يسيئوا الأدب مع الجسد الطاهر وهذا من حقد بني أمية
وعدائهم لبني هاشم عامة وللنبي وآله
خاصة وهذا ليس بغريب علهم وقد جاء في الرويات
أن الحجاج بن يوسف الثقفي نبش حوالي الكوفة
آلاف القبور يفتش عن جثمان الإمام
علي بن أبي طالب عليه السلام
- عندما ضرب ابن ملجم الإمام علي عليه السلام
قال الإمام: الحقوا بابن ملجم فقد حدد الإمام قاتله
ولم يحدث كما حدث عندما ضرب عمر بن الخطاب
ولم يعرف قاتله واتهم عدد من الأبرياء وقتل بعض
الأبرياء ظناً منهم أنه قاتل عمر.
- بعد وفاة أمير المؤمنين وبعد مدفنه أخذو
ابن ملجم وقطعوه ثم قتلوه ثم حرقوه بالنار
وقتلوا قطام وحرقوا بيتها
قصة اكتشاف قبر الإمام علي عليه السلام
خرج هارون العباسي يوماً للقنص والصيد إلى وادي
النجف في ظهر الكوفة
وكانت هناك آجام أصبحت أوكاراً للحيوانات
قال عبد الله بن حازم:
فلما صرنا إلى ناحية الغري رأينا ظبية
فأرسلنا إليها الصقور والكلاب فحاولتها
ساعة ثم التجأت إلى أكمة فاستجارت بها
وتراجعت الصقور والكلاب ثم إن
الظباء هبطت إلى الأكمة فتعقبتها الصقور
والكلاب ففعلت ذلك ثلاث مرات
فقال هارون :
اركضوا إلى هذه الأنحاء والنواحي فمن لقيتموه ائتوني به
فائتيناه بشيخ من بني أسد فقال له هارون :
ما هذه الأكمة قال الشيخ :
أن جعلت الأمان أخبرتك؟ فأعطاه الأمان وقال للشيخ تحدث:
جئت مع أبي إلى هنا فزرنا وصلينا فسألت أبي عن هذا المكان .
فقال: عندما تشرفت بزيارة هذه البقعة مع
الإمام الصادق عليه السلام ,ثم قال (عليه السلام):
هذا قبر جدنا علي بن أبي طالب عليه السلام
فما إن سمع هارون ذلك نزل وتوضأ وصلى عند الأكمة وتمدغ عليها بعد ذلك أمر ببناء قبة على القبر ولم يزل
البناء في تطوره حتى أصبح صرحاً يناطح السماء علواً ..
الخسران المبين:
ولكن هذه الأمة قد جحدت حق
أمير المؤمنين عليه السلام وكثير منهم أنكرو
ا فضله وفضائله.. مع أنهم قد استيقنتها أنفسهم
وبذلك خسَّروا البشرية الكثير والكثير ولم يضروا
الإمام عليه السلام شيئاً حيث لا يحتاج إليهم
بل هم المحتاجون إليه والى آله الأطهار عليهم السلام..
فكان جحودهم وأستنكارهم كجحود رجل يبصر الشمس
ويحس بحرارتها في منتصف نهار صيفي..
فهل يضر الشمس جحوده؟ وهل تبطل أنوارها
وحرارتها نكرانه..؟
لا.. ولكن حظه الذي جحد وعقله الذي أنكر..
لا أقل من ذلك ولا أكثر، فالشمس شمس وأن أنكرها
كل البشر والبدر بدر وإن خافته وأختبأت منه
الخفافيش الغبية التي تخشى النور ولا مرتع لها
إلا الليالي الحالكات وهي غاطسة في الظلام
والظلمات..
نعم إن أعداء الأمير عليه السلام طمسوا عقولهم
ودفنوا رؤوسهم في الوحل وليس الرمل كالنعامة..
خوفاً من النور وتحاشياً للجهر بالحق
وتهرباً من الحرية الحقيقية التي تعني العبودية المطلقة
الى الله وحده لا شريك له ولا ند ولا شبيه ولا معبود
باستحقاق العبودية إلا له..
سبحانه وجلت قدرته..
قالوا عنه الكثير:
قالوا عن الأمام أمير المؤمنين عليه السلام الكثير
وهذه الأقوال انطلقت من انبهار في شخصية الإمام
ولا سيما ما كان ينطلق من ألسنة غير المؤمنين
من أي طائفة أو دين أو ملة كانت..
وراح علماؤنا يتناقلونها ويفتخرون بها أن قال
الكاتب فلان عن الإمام عليه السلام:
إنه.. شهيد عظمته على سبيل المثال..
أو إنه
عليه السلام شخصية ولدت قبل أوانها وزمانها..
أو
إنه الدر والذهب المصفى..
الى غير ذلك من الأقوال الجميلة في سبكها ومعناها.
إلا أن الإمام عليه السلام كان أكبر من الزمان
والمكان فهو يحيط بالجميع بإذن الله تعالى
لأنها جميعاً واقعة تحت ولايته التكوينية
ولا يحويه شيء أو يحيط بكنهه أو معرفة حقيقية
أحد إلا
الله ورسوله صلى الله عليه وآله فقط..
والإمام علي عليه السلام موجود بسيرته العطرة
في كل لحضة وفي كل أوان.. وفي كل اتجاه أو مجال
من مجالات الحياة فهو لسان الميزان لأنه هو الحق..
والحق يدور معه كيفما دار أو اتجه..
فأينما يكون خير وشر ونور وظلمات
فهو عليه السلام الحق والخير والنور فكان عليه السلام
شهيد الحق وهو بالتالي شهيد الله
وشاهد على أعمال العباد
دائماً وأبداً..
والإمام علي عليه السلام هو الحق المبين..
وليس له الدر والذهب المصفّى إلا مجازاً
ومن باب ضيق التعبير! فاي در وأي ذهب فهي
فلزات ومعادن.. وذاك علي عليه السلام
أعلى وأجل من كل من علا
إلا خالقه
وابن عمه المصطفى صلى الله عليه وآله..
فما من كتاب تطرق الى تاريخ الإسلام والإنسانية
والعدالة والحقيقة.. إلا ويذكر فيه فضائل من عظيم
فضائله عليه السلام ـ وكم من كتاب يختص بالفضائل
ـ ولم يكتب أحد ولم يوضع كاتب ولا أديب في الفضائل
إلا كان أمير المؤمنين عليه السلام
في رأس قائمة الفضائل تلك.
فالأمير عليه السلام فضيلة وما بعدها فضيلة
وكل الفضائل منه تستقي وكل الفضلاء من نبعه ترتوي
ومن هطل غيثه تنتشي والحديث طويل
وجميل والمقام
عظيم وجليل..
عّظم الله أجوركم وأجورنا بمصاب أبو الحسنين
, أمير المؤمنين
علي عليه السلام
لاتنسونا من الدعاء في هذه الليالي المباركة