الختم على القلوب
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ(6) خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَـرِهِمْ غِشَـوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(7)
في الآيات المذكورة وآيات اُخرى عبّر القرآن عن عملية سلب حسّ التشخيص والإدراك الواقعي للأفراد بالفعل «ختم»، وأحياناً بالفعل «طبع» و«ران».
في اللغة «خَتَمَ» الإناء بمعنى سدّه بالطين أو غيره، وأصلها من وضع الختم على الكتب والأبواب كي لا تُفتح، والختم اليوم مستعمل في الإستيثاق من الشّيء والمنع منه كختم سندات الأملاك والرسائل السرّية الهامة.
وهناك شواهد من التأريخ تدلّ على أن الملوك وأرباب السلطة كانوا سابقاً يختمون صرر الذهب بخاتمهم الخاص ويبعثون بها إلى المنظورين للاطمئنان على سلامة الصرر وعدم التلاعب في محتوياتها.
والشائع في هذا الزمان الختم على الطرود البريدية أيضاً، وقد استعمل القرآن كلمة «الختم» هنا للتعبير عن حال الاشخاص المعاندين الذين تراكمت الذنوب والآثام على قلوبهم حتى منعت كلمة الحق من النفوذ اليها وأمست كالختم لا سبيل إلى فتحه.
و«طبع» بمعنى ختم أيضاً.
أما «ران» فمن «الرين» وهو صدأ يعلو الشيء الجليّ، واستعمل القرآن هذه الكلمة في حديثه عن قلوب الغارقين في أوحال الفساد والرّذيلة: (كَلاّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(1).
المهم أن الإنسان ينبغي أن يكون حذراً لدى صدور الذنب منه، فيسارع إلى غسله بماء التوبة والعمل الصالح، كي لا يتحول إلى صفة ثابتة مختوم عليها في
القلب.
في حديث عن الإمام محمّد بن علي الباقر(عليه السلام): «مَا مِنْ عَبْد مُؤْمِن إلاّ وَفي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، فَإِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً خَرَجُ فِي تِلْكَ النُّكْتَةِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِذَا تَابَ ذَهَبَ ذَلِكَ السَّوَادُ، فَإِنْ تَمَادى في الذُّنُوبِ زَادَ ذَلِكَ السَّوَادُ حَتّى يُغَطِّيَ الْبَيَاضَ، فَإِذَا غُطّيَ الْبَيَاضُ لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُهُ إِلَى خَيْر أبَدَاً، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (كَلاّ بَلْ رَانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
1 ـ المطففين، 14.
2 ـ اُصول الكافي، ج 2، باب الذنوب، ح 20، ص 209.
المصدر كتاب الأمثل
م\ن
__________________
رُويَّ عن ابا عبد الله (ع): " ليس شيء إلاّ وله حد " قيل: فما حد التوكل؟ قال: " اليقين "، قيل: فما حد اليقين؟ قال: " إلاّ تخاف مع الله شيئاً ". وعنه (ع): " من صحة يقين المرء المسلم ألا يرضي الناس بسخط الله ولا يلومهم على ما لم يؤته الله فان الرزق لا يسوقه حرص حريص ولا ترده كراهية كاره، ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت ".
نسالكمـ الدعـــــــــــاء ...
|