«فوق كلام المخلوق ودون كلام الخالق تعالى»
فأنت إذًا تريد أن تتحدث عن تلك القمة الشاهقة,
أو عن ذلك الجبل الأشم, أو ذلك العملاق الذي
استطال على الزمان, وارتفع فوق كل مكان,
فهو عليه السلام كما قال عن نفسه:
«ينحدر عني السيل ولا يرقى إليَّ الطير..»
نعم.. إنه إمام المسلمين, وأمير المؤمنين,
ويعسوب الدِّين, وقائد الغرِّ المُحجلين,
وخليفة سيد الكونين, ووالد السبطين,
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام..
فهو عليه السلام الشخص القدوة,
بل هو الشاخص والمثال لبني البشر..
هو القمة الشاهقة, بل هو القيمة السامقة
في القيم الإنسانية..
هو الإمام الأعظم, ونفس الرسول الأكرم
صلى الله عليه وآله, كما أخبرنا الكتاب العزيز,
آيات محكمات هنّ أم الكتاب,
فما أعظمها من مكانة, وما أجلها من قيمة لبني البشر,
تقاصرت الأنظار, وخسئت الأفكار عن بلوغ شأن
من شؤونه, أو إدراك سر من أسراره النورانية..
فالإمام عليه السلام
هو القدوة التي يقاس عليها الآخرون,
وهو المثال الذي يعرف به بنو البشر,
وهو الأسوة لمن أراد أن يعيش في الدنيا سعيدًا,
ويصل إلى الآخرة رشيدًا..
والله تعالى هو الذي اختار, ثم طهَّر,
ثم نصَّب لنا أميرًا منا, يعيش في هذه الدنيا,
ويكابد شظف العيش, وقساوة الحياة,
ومرارة الزمان, وحرارة الحرمان,
وحرّ الجوع والعطش,
حتى نقتدي به ونتأسى منهجه العطر..
ونلوذ بسيرته المباركة كلما أحوجتنا الأيام
وتناولتنا صروف الدهر الخؤون,
وتناوشتنا أنياب الذئاب اللئام..
نعم, الله الخالق اختار ونصَّب,
والرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بلَّغ
بعد ما ربَّى وعلَّم,
وصيَّه وصهره ابن عمه أميرًا للمؤمنين في كل زمان
ومكان, ووليًا للمسلمين
على مدى الأيام..
ولكن ويا للأسف الشديد, تركته الأمة,
وحاصرته الأمة في بيته لمدة ربع قرن من الزمن,
في تلك السنون العجاف, ولاذت بغيره وظنت أنه ملاذ,
وعاذت بآخرين وظنو أنهم معاذ..
إلى أن اتسع الخرق على الراقع, ودبت الفتنة على الساق,
وشبت النيران وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم
, فهل لها إلاّ أبو الحسن علي عليه السلام..
فبايعوه مختارين..
ولكن أرادوه كغيره للدنيا, فرفض الدنيا وحاربها,
إذ ما شأنه والدنيا بعد ما طلقها ثلاثًا,
وكبها على وجهها ولم يعبأ بها..
فلم يتركوه ليُريهم سيرة العظماء,
ومنهج الأنبياء عليهم السلام, ورسالة السماء
, بل تآمر عليه (الناكثون) و(القاسطون و(المارقون)
ولم يدعوه.. حتى أردوه شهيدًا في محراب عبادته في مسجد الكوفة فصاح عند الصباح:
«فزت ورب الكعبة»..
وخسرت الأمة الإنسانية إنسانها.
وفقدت الأمة الإسلامية رأسها.
فما أعظمها من مصيبة كانت بك
يا مولاي يا أمير المؤمنين..؟
تلك هي سيرة ومسيرة أمير المؤمنين علي عليه السلام..
انطلقت من بيت الله الحرام, وفي جوف الكعبة المشرفة,
وانقضت فوزًا في محراب العبادة
في ليلة القدر..
ولطيف أن تقرأ عن عظيم العظماء وإمامهم
بقلم عالم رباني من أفذاذ الأمة..
فالرؤية تختلف, والنظرة تتغير, والفائدة تتنوع أكثر,
فتكون أجمل وأظهر,
وهذا ما نقرأه
في هذا الكتاب الشريف
أشعة من
(أمير المؤمنين عليه السلام)
ألّفه
(سلطان المؤلفين) في القرن العشرين,
إنه سماحة الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي
(قدس سره وتقدست أنفاسه وعطر رمسه)
كتبه قبل سنوات خلت..
أراد أن يستلم أشعة من نور جدّه أمير المؤمنين
علي عليه السلام لعكسها على الواقع الذي نعيش
فتكون لنا مرآة نرى بها أنفسنا,
ومجتمعنا, وحياتنا كلها..
وندعك مع أشعة من مولاك صادرة,
لعلك تستفيد منها في الدنيا والآخرة..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
من عناوين الكتاب:
على الرابط التالي