رد: فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الميلاد إلى الإستشهاد (كل ما مر عليها بحث شامل)
و هناك سؤال آخر
ومما مر تنبثق عدة أسئلة وهي : لماذا لم يباشر الإمام " علي " ( عليه السلام ) موضوع المحاججة مع الخليفة الأول بدلاً عن " فاطمة " ؟
وبعضهم يقول : لماذا لم يباشر الامام بنفسه فتح باب الدار بدلاً عن " فاطمة " ؟ ولماذا جلس ينتظرها
في الدار ؟ وهكذا تنطلق هذه التساؤلات من وحي تلك المأساة التي مرت بها " الزهراء " ( عليها
السلام ) . وقد اختل فهم البعض لهذه الحوادث وحاولوا تضعيف بعضها لا لإنعدام الدليل بل لسوء
فهم مسألة الادوار التي يقوم بها المعصوم ، وعندما لم يستوعبوا الحدث بالشكل الصحيح سجلوا
عدة علامات استفهام حول حوادث دار الزهراء ( عليها السلام ) وموقف الصمت الذي مارسه أمير
المؤمنين ( عليه السلام ) .
ومن أجل أن يتضح الأمر نقول وبكل بساطة :
لقد مارست الصديقة ( عليها السلام ) دور المعارضة ، لأن موقعها الشامخ يسمح لها بذلك بينما
التجأ الامام " علي " ( عليه السلام ) إلى السكوت وعدم الاحتجاج وليس ذلك إلا لفهمهما للدور
الموكل إليهما حسب طبيعة الأحداث وما يفرضه الواقع والمصلحة الكبرى للرسالة .
فمثلاً لوكان الامام " علي " قد اعترض واحتج ، فإن ذلك يعني دخوله في حرب داخلية مع المناوئين
وفتح باب الصراعات ، وتحول الأمر إلى نزاع على مقام السلطة ، وبالتالي ينتهي الاسلام مع هذه
الصراعات . بينما تحركت الزهراء لأن الأمة تتحرك وتتفاعل معها بشكل أكبر لأنها بنت النبي (ص)
ولأنها سيدة نساء العالمين . لذلك نجحت ( عليها السلام ) في تسجيل احتجاجها وغضبها على
الخليفتين ووصل إلينا ذلك الاجتماع الذي هو بمثابة إدانة للخليفتين وهو وثيقة للحكم عليها ، أنهما
أغضبا الله تعالى لأن " فاطمة " مظهر غضب الله تعالى ورضاه تماماً كما مارست بنتها الحوراء
زينب الكبرى ( عليها السلام ) هذا الدور بينما التزم الامام " علي بن الحسين " السجاد ( عليه
السلام ) الصمت نسبياً لنفس الأسباب والاعتبارات أولغيرها . وهذا هو المعبر عنه في كلمات
أهل البيت ( عليهم السلام ) بـ ( العهد أو الوصية )فكل دور أو موقف للأئمة ( عليهم السلام )
كان بعهد من الله تعالى إليهم بعد أن شرط عليهم الوفاء بهذه الأدوار وكان القبول منهم اختياراً
حباً لله تعالى . فالزهراء ( عليها السلام ) أدت رسالتها في الحياة وقامت بدورها الرسالي على
أتم وجه ووقفت موقفاً مشرفاً أدانت فيه أبابكر وعمر وكل المتخاذلين من الأمة الاسلامية الذين
وقفوا موقفاً سلبياً من " فاطمة " و " علي " وتفرجوا على الحق المهضوم .
|