30-05-2010, 10:34 PM
|
#59
|
~¤ مراقبة سابقة ¤~
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 1,736
معدل تقييم المستوى: 153
|
رد: فاطمة الزهراء (عليها السلام) من الميلاد إلى الإستشهاد (كل ما مر عليها بحث شامل)
بسم الله الرحمن الرحيم
حزنها على والدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم
علاقة حب كبيرة وعظيمة لوجه الله تلك العلاقة التي كانت بين صاحب الخُلق العظيم حبيب رب
العالمين الرسول الأكرم (ص) مع ابنته الطاهرة النقية ( فاطمة الزهراء ) عليها السلام كان الحب
المتبادل بينهم لايقارنه حب فالأب أول شخصية في الكون أجمع والبنت سيدة نساء العالمين من
الأولين والآخرين .
وحين مات رسول الله (ص) ضاقت الدنيا على الزهراء ( عليها السلام ) فالحبيب يود بأن يكون مع
حبيبه . كيف تنسى ذلك الوجه البشوش ، كيف تنسى ذلك القلب العطوف ، كيف تنسى ذلك الصوت
الحنون ، فحين فارقته ازداد شوقها إليه فهو لامثيل له في الدنيا . حين رحل أخذ معه قلبها وسعادتها
وحياتها ، فصارت بعده حزينة باكية ، دامعت العين ، يغشى عليها ساعة بعد ساعة .
والسيدة " فاطمة الزهراء " ( عليها السلام ) أعلم إمرأة في الإسلام ، وأعرف أنثى بعظمة نبي
الرحمن ، ومن ذلك يتضح لنا أن مصيبة وفاة رسول الله (ص) سلبت عن ابنته البارة كل قرار
واستقرار ، وكل هدوء وسكون . فالزهراء ( عليها السلام ) تعرف عظم المصاب ، ومدى تأثير
الواقعة في الموجودات كلها . وهنا تحُدثنا فضة خادمة الزهراء ( عليها السلام ) عن الحزن
المسيطر على السيدة " فاطمة " بسبب وفاة أبيها الرسول (ص) قالت: ولما توفي رسول الله (ص)
افتجع له الصغير والكبير وكثر عليه البكاء ، وعظُم رزؤه على الأقرباء والأصحاب والأولياء
والأحباب والغرباء والأنساب . ولم تلق إلا كل باك وباكية ، ونادب ونادبة ، ولم يكن في أهل الأرض
والأصحاب والأقرباء والأحباب أشد حزناً وأعظم بكاءاً وانتحاباً من السيدة " فاطمة الزهراء "
( عليها السلام ) وكان حزنها يتجدد ويزيد ، وبكاؤها يشتد ، فجلست سبعة أيام لا يهدأ لها أنين ،
ولايسكن منها الحنين ، وكل يوم كان بكاؤها أكثر من اليوم الذي قبله . فلما كان اليوم الثامن أبدت
ماكتمت من الحزن ، فلم تطق صبراً ، إذ خرجت وصرخت ، وضج الناس بالبكاء ، فتبادرت النسوة ،
واُطفئت المصابيح لكيلا تتبين وجوه النساء . كانت السيدة " فاطمة " تنادي وتندب أباها قائلة :
واأبتاه ! واصفياه ! وامحمداه ! وا أبا القاسماه ! واربيع الأرامل واليتامى ! من للقبلة والمصلى ؟
ومن لابنتك الوالهة الثكلى ؟ ثم أقبلت تعثر في أذيالها ، وهي لاتبصر شيئاً من عبرتها ، ومن تواتر
دمعتها ، حتى دنت من قبر أبيها رسول الله (ص) فلما نظرت الى الحجرة وقع طرفها على المأدنة ،
أغُمى عليها ، فتبادرت النسوة ، فنضحن الماء عليها وعلى صدرها ، وجبينها حتى أ فاقت ،
فقامت وهي تقول : يا أبتاه بقيت والهة وحيدة ، وحيرانة فريدة . فقد انخمد صوتي وانقطع ظهري ،
وتنغص عيشي ، وتكدر دهري . فما أجد - يا أبتاه - بعدك أنيساً لوحشتي ، ولا راداً لدمعتي ، ولا معيناً
لضعفي ، فقد فني بعدك محكم التنزيل ، ومهبط جبرائيل ، ومحل ميكائيل . انقلبت - بعدك - يا أبتاه
الأسباب . وتغلقت دوني الأبواب . فأما الدنيا بعدك قالية ، وعليك ماترددت أنفاسي باكية .
لاينفد شوقي إليك ، ولا حزني عليك
إن حزني عليك حزن جديد ----------------- وفؤادي والله صب عنيد
كل يوم يزيد فيه شجوني ------------------ واكتئابي عليك ليس يبيد
جل خطبي ، فبان عني عزائي -------------- فبكائي في كل وقت جديد
ثم نادت :
ياأبتاه ، انقطعت بك الدنيا بأنوارها ، وذوت زهرتها وكانت ببهجتك زا
يا أبتاه ! لازلت آسفة عليك الى التلاق .
يا أبتاه ! زال غمضي منذ حق الفراق .
يا أبتاه ! من للأرامل والمساكين ؟ ومن للأمة الى يوم الدين ؟
يا أبتاه ! أمسينا بعدك من المستضعفين !
يا أبتاه أصبحت الناس عنا معرضين !
ولقد كنا بك معظمين في الناس غير مستضعفين !
فأي دمعة لفراقك لاتنهل ؟
وأي حزن بعدك لا يتصل ؟
وأي جفن بعدك بالنوم يكتحل ؟
وأنت ربيع الدين ، ونور النبيين .
فكيف بالجبال لاتمور ؟ وللبحار بعدك لا تغور ؟
والأرض كيف لم تتزلزل ؟
رُميتُ - يا أبتاه - بالخطب الجليل .
ولم تكن الرزية بالقيل .
وطُرقتُ - يا أبتاه - بالمصاب العظيم ، وبالفادح المهول .
بكتك - يا أبتاه - الأملاك .
ووقفتِ الأفلاك .
فمنبرك بعدك مستوحش .
ومحرابك خال من مناجاتك .
وقبرك فرِحٌ بمواراتك .
والجنة مشتاقة إليك وإلى دعائك وصلاتك .
يا أبتاه ما أعظم ظلمة مجالسك !!
فوا أسفاه عليك الى أن أقدم عاجلاً عليك . وأٌثكل أبو الحسن المؤتمن ، أبو ولديك " الحسن والحسين " وأخوك ووليك ، وحبيبك ، ومن ربيته
صغيراً وآخيته كبيراً .
روى : أنه لما قبض النبي (ص) امتنع بلال من الأذان ، قال: لا أُؤذن لأحد بعد رسول الله (ص)
وإن " فاطمة " ( عليها السلام ) قالت ذات يوم : إني أشتهي أن أسمع صوت مؤذن أبي (ص)
بالأذان ، فبلغ ذلك بلالاً ، فأخذ في الأذان ، فلما قال: الله أكبر ، الله أكبر ، ذكرت أباها وأيامه ، فلم
تتمالك من البكاء . فلما بلغ إلى قوله : أشهد أن محمداً رسول الله (ص) ، شهقت " فاطمة "
( عليها السلام ) وسقطت لوجهها ، وغشي عليها ، فقال الناس لبلال : أمسك يا بلال ، فقد فارقت
ابنة رسول الله (ص) الدنيا ، وظنوا أنها ماتت ، فقطع أذانه ولم يتمه . فأفاقت " فاطمة " ( عليها
السلام ) وسألته أن يتم الأذان ، فلم يفعل ، وقال لها : ياسيدة النسوان ، إني أخشى عليك مما
تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان فأعفته عن ذلك .
عن أبي عبدالله الصادق ( عليه السلام ) قال: البكاؤون خمسة : آدم ، ويعقوب ، ويوسف ،
و " فاطمة " بنت محمد ، و " علي بن الحسين " ( عليه السلام ) فأما آدم فبكى على الجنة حتى
صار في خديه أمثال الأودية . وأما يعقوب ، فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له :
" تا لله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين )
وأما يوسف ، فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن . فقالوا له : إما تبكي بالليل وتسكت بالنهار
وإما تبكي بالنهار وتسكت بالليل ، فصالحهم على واحدة مهما .
وأما " فاطمة " ( عليها السلام ) فبكت على رسول الله (ص) حتى تأذى بها أهل المدينة ، فقالوا
لها : قد آذيتينا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى المقابر ، مقابر الشهداء - فتبكي حتى تقضي حاجتها
ثم تنصرف ، وأما " علي بن الحسين " ( عليه السلام ) فبكى على " الحسين " ( عليه السلام )
عشرين سنة أو أربعين سنة ، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى ، حتى قال له مولى له :
جعلت فداك يابن رسول الله ، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين . قال: إنما أشكو بثي وحزني
إلى الله ، وأعلم من الله مالا تعلمون ، إني لم أذكر مصرع بني " فاطمة " ( عليها السلام ) إلا
خنقتني لذلك عبرة .
ولما دفن النبي (ص) جاءت " فاطمة " ( عليها السلام ) فوقفت على قبره وأنشدت تقول :
أمسي بخدي للدموع رسوم --------------- أسفاً عليك وفي الفؤاد كلوم
والصبر يحسن في المواطن كلها --------- إلا عليك فإنه معدوم
لا عتب في حزني عليك لو---------------- أنه كان البكاء لمقلتي يدوم
وزفرت زفرة وأنت أنه كادت روحها ان تخرج ، ثم قالت :
قل صبري وبان عني عزائي ------------- بعد فقدي لخاتم الانبياء
عين ياعين اسكبي الدمع سحا ----------- ويك لا تبخلي بفيض الماء
يارسول الإله ياخيرة الله ----------------- وكهف الأيتام والضعفاء
قد بكتك الجبال والوحش جمعاً ------------ والطير والأرض بعد بكى السماء
وبكاك الحجون والركن والمشعر --------- ياسيدي مع البطحاء
وبكاك الحراب والدرس ------------------- للقرآن في الصبح معلناً والمساء
وبكاك الإسلام إذ صارفي الناس ---------- غريباً من سائر الغرباء
ولو ترى المنبر الذي كنت تعلوه ---------- علاه الظلام بع الضياء
يا إلهي عجل وفاتي سريعاً ---------------- فلقد تنغصت الحياة يا مولائي
وأنشدت الزهراء ( عليها السلام ) بعد وفاة أبيها ( ص) :
وقد رزئنا به محضاً خليقته ---------------- صافي الضرائب والأعراق والنسب
وكنت بدراً ونوراً يستضاء به -------------- عليك تنزل من ذي العزة الكتب
وكان جبريل روح القدس زائرنا ------------ فغاب عنا وكل الخير محتجب
فليت قبلك كان الموت صادفنا --------------- لما مضيت وحالت دونك الحجب
إنا رزئنا بما لم يرز ذو شجن --------------- من البرية لاعجم ولا عرب
ضاقت علي بلاد بعد ما رحبت -------------- وسيم سبطاك خسفاً فيه لي نصب
فأنت والله خير الخلق كلهم ----------------- وأصدق الناس حيث الصدق والكذب
فسوف نبكيك ماعشنا ومابقيت --------------- منا العيون بتهمال لها سكب
وقالت الزهراء ( عليها السلام ) :
إذا مات يوماً ميت قل ذكره ------------------ وذكرُ أبي مذ مات والله أزيد
تذكرت لما فرق الموت بيننا ----------------- فعزيت نفسي بالنبي محمد
فقلت لها : إن الممات سبيلنا ---------------- ومن لم يمت في يومه مات في غد
وقالت الزهراء ( عليها السلام ) :
قل للمغيب تحت أطباق الثرى -------------- إن كنت تسمع صرختي وندائيا
صبت علي مصائب لوأنها ----------------- صبت على الأيام صرن لياليا
قد كنت ذات حمى بظل محمد --------------- لا أخش من ضميم وكان حماليا
فاليوم أخشع للذليل وأتقي ----------------- ضيمي وأدفع ظالمي بردائيا
فإذا بكت قمرية في ليلها ------------------ شجناً على غصن بكيت صباحياً
فلأجعلن الحزن بعدك مؤنسي ------------- ولأجعلن الدمع فيك وشاحيا
ماذا على من شم تربة أحمد --------------- أن لا يشم مدى الزمان غواليا
ولها ( عليها السلام ) :
كنت السواد لمقلتي ----------------------- يبكي عليك الناظر
من شاء بعدك فليمت --------------------- فعليك كنت أحاذر
ولها ( عليها السلام ) وقد ضمنت أبياتاً وتمثلت بها :
قد كنت لي جبلاً الوذ بظله ---------------- فاليوم تسلمني لأجرد ضاحٍ
قد كنت جار حميتي ماعشت لي ----------- واليوم بعدك من يريش جناحي
وأغض من طرف وأعلم أنه ------------- قد مات خير فوارسي وسلاحي
حضرت منيته فأسلمني العزا-------------- وتمكنت ريب المنون جواحي
نشر الغراب علي ريش جناحه ------------ فظللت بين سيوفه ورماح
إني لأعجب من يروح ويغتدي ------------- والموت بين بكورة ورواح
فاليوم أخضع للذليل وأتقي ------------------- ذلي وأدفع ظالمي بالراح
وإذا بكت قمرية شجناً بها -------------------- ليلاً على غصن بكيت صباحي
فالله صبرني على ماحل بي ------------------- مات النبي قد انطفى مصباحي
ولما دفن (ص) قالت " فاطمة " إبنته ( عليها السلام ) :
اغبر آفاق السماء وكورت ------------------- شمس النهار وأظلم العصران
فالأرض من بعد النبي كئيبة ------------------ أسفاً عليه كثيرة الرجفان
فليبكه شرق البلاد وغربها ------------------- ولتبكه مضر وكل يمان
وليبكه الطود المعظم جوه -------------------- والبيت ذو الأستار والأركان
ياخاتم الرسل المبارك ضوءه ---------------- صلى عليك منزل القرآن
وقالت ( عليها السلام ) :
اذا اشتد شوقي زرت قبرك باكياً ------------- انوح وأشكو ما أراك مجاوبي
ياساكن الغبراء غالبني البكا ---------------- وذكرك أنساني جميع المصائب
فإن كنت عن عيني في التراب مغيباً --------- فما كنت عن قلبي الحزين بغائب
|
|
|