.. الزهراء هي كما يزهر نور ..
-----------------
الزهراء :
ويستفاد من جملة الأحاديث والأخبار أنّ فاطمة عليها السلام عرفت
بالزهراء لجمال هيئتها والنور الساطع في غرّتها ، فهي مزهرة كالشمس
الضاحية ، ومشرقة كالقمر المنير .
وسُئل الإمام الصادق عليه السلام عن فاطمة عليها السلام لِمَ سمّيت
الزهراء؟ فقال عليه السلام : « لاَنّها كانت إذا قامت في محرابها
زهر نورها لاَهل السماء ، كما يزهر نور الكواكب لاَهل الأرض ».
وسأل أبو هاشم الجعفري رضي الله عنه صاحب العسكر عليه السلام لِمَ سميت فاطمة عليها السلام الزهراء؟ فقال : « كان وجهها يزهر
لاَمير المؤمنين عليه السلام من أول النهار كالشمس الضاحية ، وعند الزوال كالقمر المنير ، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي ».
قال ابن الأثير : الزهراء : تأنيث الأزهر ، وهو النيّر المُشرق من الألوان ، ويراد به إشراق نور إيمانها ، وإضاءته على إيمان غيرها .
وقال المناوي : سميت بالزهراء لاَنها زهرة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.
وارتجزت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زفاف الزهراء عليها السلام قائلة :
فـاطمة خيـر نسـاء البشـر * ومـن لها وجـه كـوجه القمر
فضلّك الله علـى كـلِّ الورى * بفضل من خصّ بآي الزمر
وقال الشاعر :
أضاءت بها الأكوان والأرض والسما * قديماً وفـي الدنيا وفـي النشأة الاُخرى
ومازال فـي الأدوار يشرق نورهـا * ومـن أجل ذاك النور سميت الزهرا
وقال آخر :
شعّت فلا الشمس تحكيها ولا القمر * زهـراء من نورها الأكوان تزدهر
البتول :
البتل في اللغة : القطع ، وهو يرادف الفطم من حيث المعنى ، وقد
عرفت الزهراء عليها السلام بهذا الاسم لتفرّدها عن سائر نساء العالمين
بخصائص تميزت بها ، كما تدل عليه الأحاديث وأقوال أهل اللغة .
أما في الأحاديث : فقد ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام قال :«
إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئِلَ ما البتول؟ فإنّا سمعناك يا
رسول الله تقول : إنّ مريم بتول وفاطمة بتول .
فقال صلى الله عليه وآله وسلم : البتول التي لم تر حمرةً قط ـ أي لم تحض ـ فإنّ الحيض مكروه في بنات الأنبياء »
، وتنزيهها عن الحيض با
عتباره أذىً يشير إلى علوّ مقامها وإلى خصوصية تفردت بها عن سواها لاَنّها من أهل البيت الذين طهرهم ربهم من الرجس تطهيراً ، وهو أمر غير مستبعد لكثرة المؤيدات له في الأحاديث والآثار .
منها : ما رواه أبو بصير عن الإمام الصادق عليه السلام قال : «
حرّم الله النساء على علي عليه السلام ما دامت فاطمة عليها السلام
حية » قال : قلت : كيف ؟ قال : « لاَنّها طاهرة لا تحيض ».
ومنها : ما أخرجه الطبراني وغيره بالاسناد عن عائشة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : « إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميين ولا تعتلّ كما يعتللن » .
ومنها : ما أخرجه النسائي والخطيب والمحب الطبري بالاسناد عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ ابنتي فاطمة حوراء آدمية ، لم تحض ولم تطمث » .
ومنها : ما رواه ابن المغازلي وغيره بالاسناد عن أسماء بنت عميس ، قالت : شهدتُ فاطمة عليها السلام وقد ولدت بعض ولدها فلم يُرَ لها دم ، فقال
النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « يا أسماء ، إنّ فاطمة خلقت حورية في صورة إنسية » . وفي رواية : أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لها : « أما علمت أن ابنتي طاهرة مطهرة لا يرى لها دم في طمث ولا ولادة » .
وأمّا أهل اللغة : فقد أضافوا عدة دلالات اُخرى تحكي عن منزلة الزهراء عليها السلام التي لا يدانيها أحد من نساء الاُمّة ، وفيما يلي بعضها .
قال الزبيدي : روي عن الزمخشري ، أنّه قال : لقبت فاطمة بنت سيد المرسلين عليها السلام بالبتول تشبيهاً بمريم عليها السلام في المنزلة عند الله تعالى .
وقال ثعلب : لانقطاعها عن نساء زمانها وعن نساء الاُمّة فضلاً وديناً وحسباً وعفافاً ، وهي سيدة نساء العالمين ، وأُمّ أولاده صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها وعنهم .
وقيل : البتول من النساء : المنقطعة عن الدنيا إلى الله تعالى ، وبه لقّبت فاطمة أيضاً (رضي الله عنها).
وقال الجزري بنحو قول ثعلب ، وأضاف في آخره : وقيل : لانقطاعها عن الدنيا إلى الله.
وقال به أيضاً أحمد بن يحيى على ما نقله عنه ابن منظور . وأضاف ابن منظور : امرأة متبتلة الخلق : أي منقطعة الخلق عن النساء ، لها عليهنّ فضل . وقيل : التامة الخلق . وقيل : تبتيل خلقها : انفراد كلّ شيء منها بحسنه ، لا
يتكل بعضه على بعض.
وعن الهروي في (الغريبين) ، قال : سميت فاطمة عليها السلام بتولاً؛ لاَنّها بتلت عن النظير .
4 ـ المُحَدَّثة :المُحَدَّث : من تكلّمه الملائكة بلا نبوّة ولا رؤية صورة ، أو يُلهم له ويلقى في روعه شيء من العلم على وجه الالهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى ، أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره .
وهذه كرامة يكرم الله بها من شاء من صالح عباده ، ومنزلة جليلة من منازل الأولياء ، حضيت بها الزهراء بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ما جاء في كثير من الروايات ، منها ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : « إنّما سميت فاطمة عليها السلام محدّثة ، لاَنّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول : يافاطمة ، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين . يا فاطمة ، اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ، فتحدّثهم ويحدّثونها . فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضّلة على نساء العالمين مريم بنت عمران؟ فقالوا : إنّ مريم كانت سيدة نساء عالمها ، وإنّ الله عزَّ وجلَّ جعلك سيدة نساء عالمك وعالمها ، وسيدة نساء الأولين والآخرين » .
وقد اتضح من التعريف المتقدم أنّ المحدَّث غير النبي ، وأنّه ليس كلّ
محدّث نبي ، ولكن قد يتصور البعض أنّ الملائكة لا تحدّث إلاّ الأنبياء ،
وهو تصور غير صحيح ومنافٍ للكتاب الكريم والسُنّة المطهّرة ، فمريم
بنت عمران عليها السلام كانت محدثة ولم تكن نبية ، قال تعالى : ( وإذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله اصطفاك وطهّرك ) وأُمّ موسى كانت محدثة ولم تكن نبية ، قال تعالى : ( وأوحينا إلى أُمّ موسى أن ارضعيه) وقال سبحانه مخاطباً موسى عليه السلام : ( إذ أوحينا إلى أُمّك ما يوحى ) وسارة امرأة نبي الله إبراهيم عليه السلام قد بشرتها
الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، ولم تكن نبية ، ونفي النبوة
عن النساء المتقدمات وعن غيرهن ثابت بقوله تعالى : ( وما أرسلنا
قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم ) ولم يقل نساءً ، وعليه فالمُحدَّثون ليسوا
برُسل ولا أنبياء ، وقد كانت الملائكة تحدّثهم ، والزهراء عليها السلام
كانت مُحدَّثة ولم تكن نبية ، كما يحلو للبعض أن يقوله ويقذف به الفرقة الناجية