الجواب :
لقد اختلف المفسرين في المراد من النعم «الظاهرة» و«الباطنة»، فالبعض اعتقد أنّ النعمة الظاهرة هي الشيء الذي لا يمكن لأيّ أحد إنكاره كالخلق والحياة وأنواع الأرزاق، والنعم الباطنة إشارة إلى الاُمور التي لا يمكن إدراكها من دون دقّة ومطالعة ككثير من القوى الروحية والغرائز المهمّة.
والبعض عدّ الأعضاء الظاهرة هي النعم الظاهرة، والقلب هو النعمة الباطنة.
والبعض الآخر اعتبر حسن الصورة والوجه والقامة المستقيمة وسلامة الأعضاء النعمة الظاهرة، ومعرفة الله هي النعمة الباطنة.
وفي حديث عن الرّسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) أنّ ابن عبّاس سأله عن النعم الظاهرة والباطنة فقال(صلى الله عليه وآله): «يابن عبّاس، أمّا ما ظهر فالإسلام وما سوّى الله من خلقك، وما أفاض عليك من الرزق، وأمّا ما بطن فستر مساويء عملك ولم يفضحك به»(1).
وفي حديث آخر عن الباقر(عليه السلام): «النعمة الظاهرة: النّبي(صلى الله عليه وآله) وما جاء به النّبي من معرفة الله، وأمّا النعمة الباطنة ولايتنا أهل البيت وعقد مودّتنا»(2).
إلاّ أنّه لا توجد أيّة منافاة بين هذه التفاسير في الحقيقة، وكلّ منها يبيّن مصداقاً بارزاً للنعمة الظاهرة والنعمة الباطنة دون أن يحدّد معناها الواسع.(3)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وعن محمد بن زياد الأزدي قال : سألت سيدي موسى بن جعفر (ع) عن قول
الله عز وجل
﴿ واسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ﴾ (67) فقال (ع) : ( النعمة الظاهرة الإمام الظاهر والباطنة الإمام الغائب ، قال : فقلت له : ويكون في الأئمة من يغيب ؟ قال : نعم ، يغيب عن أبصار الناس شخصه ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره ، وهو الثاني عشر منا ، يسهل
الله له كل عسير ، ويذلل له كل صعب ، ويظهر له كنوز الأرض ويقرب له كل بعيد ويبير به كل جبار عنيد ويهلك على يده كل شيطان مريد ، ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته ولا يحل لهم تسميته حتى يظهره
الله عز وجل فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً )
(68).