بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد
ولادته (ع)
ولد الإمام علي (عليه السلام) في اليوم الثالث عشر من رجب سنة ثلاثين من عام الفيل في جوف الكعبة شرفها الله زائريها و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله الحرام سواه كرم الله وجهه عن السجود لأصنامها فكانما كان ميلاده ثمة ايذانا بعهد جديد للكعبة و للعبادة فيها و كاد علي أن يولد مسلما،بل و قد ولد مسلما تحقيقا،و بعد خروجه عن البيت لم يفتح عينيه إلا على رسول الله (صلى الله عليه و آله) و قرأ من سورة المؤمنون: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذينهم في صلاتهم خاشعون) , و حمله النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) إلي منزل امه و سماه أبو طالب علياً و اسمه مشتق من إسم الله العلي الأعلى كي يدوم له عز العلو و فخر العز أدومه.
2ـ تفصيل الواقعة في الحديث.
في كشف الغمة عن بشائر المصطفى،و في البحار عن غيبة النعمانى،و معاني الأخبار،و علل الشرائع،عن سعيد بن جبير،قال:يزيد بن قعيب:كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب و فريق من بنى عبد العزى بإزاء بيت اللهالحرام،إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين (عليه السلام) و كانت حاملة به لتسعة أشهر و قد أخذها الطلق،فقالت:يا رب،إنى مؤمنة بك و بما جاء من عندك من رسل و كتب،و إني مصدقة بكلام جدى إبراهيم الخليل (عليه السلام) و إنه بنى البيت العتيق،فبحق الذي بنى هذا البيت،و بحق المولود الذي في بطني إلا ما يسرت علي ولادتي.
قال يزيد بن قعيب:فرأيت البيت قد انشق عن ظهره،و دخلت فاطمة فيه،و غابت عن أبصارنا و عاد إلى حاله و التزق الحائط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح،فعلمنا أن ذلك أمر من أمر الله عز و جل،ثم خرجت في اليوم الرابع و على يدها أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (عليه السلام) ،ثم قالت:إني فضلت على من تقدمني من النساء،لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز و جل سرا في موضع لا يحب الله أن يعبد فيه إلا اضطرارا و أن مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا،و أنى دخلت بيت الله الحرامـفأكلت من ثمار الجنة و أرزاقها (أرواقها) فلما أردت أن أخرج هتف بي هاتف :يا فاطمة،سميه عليا،فهو علي و الله العلي الأعلى يقول:إنى شققت اسمه من اسمي و أدبته بأدبي،و اوقفته على غامض علمي،و هو الذي يكسر الأصنام في بيتي،و هو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي و يقدسني و يمجدني،فطوبى لمن أحبه و اطاعه،و ويل لمن أبغضه و عصاه.
قالت:فولدت عليا و لرسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثون سنة،و احبه رسول الله حبا شديدا،و قال لها:إجعلي مهده بقرب فراشي و كان يلي أكثر تربيته،و كان يطهر عليا في وقت غسله،و يوجره اللبن عند شربه،و يحرك مهده عند نومه،و يناغيه في يقظته،و يحمله على صدره و رقبته،و يقول:«هذا أخي و ولييو ناصري و صفيي و ذخري و كهفي و صهري و وصيي و زوج كريمتي و أميني على وصيتي و خليفتي،و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) يحمله دائما و يطوف به جبال مكة و شعابها و أوديتها و فجاجها صلى الله على الحامل و المحمول».
و في المناقب:ـفي رواية شعبة عن قتادة،عن أنس عن العباس بن عبد المطلب و في رواية الحسن بن محبوب،عن الصادق (عليه السلام) و الحديث مختصر:أنه انفتح البيت من ظهرهـو دخلت فاطمة فيه،ثم عادت الفتحة و التصقت و بقيت فيه ثلاثة أيام،فأكلت من ثمار الجنة،فلما خرجت قال علي:السلام عليك يا أبه و رحمة الله و بركاته،ثم تنحنح و قال: (بسم الله الرحمن الرحيم قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) الى آخر الآيات،فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : (قد افلحوا بك،أنت و الله أميرهم تميرهم من علمك فيمتارون،و أنت و الله دليلهم و بك و الله يهتدون،و وضع رسول الله لسانه في فيه فانفجرت اثنتا عشرة عينا،قال :فسمي ذلك اليوم يوم التروية.
فلما كان من غده و بصر علي (عليه السلام) برسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) سلم عليه و ضحك في وجهه،و جعل يشير إليه،فأخذه رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فقالت فاطمة:عرفه فسمي ذلك اليوم عرفة،فلما كان اليوم الثالث و كان يوم العاشر من ذي الحجة،أذن أبو طالب في الناس أذانا جامعا،و قال:هلموا إلى وليمة ابني علي (عليه السلام) و نحر ثلاثمائة من الإبل و ألف رأس من البقر و الغنم و اتخذوا وليمة،و قال:هلموا و طوفوا بالبيت سبعا و ادخلوا على علي (عليه السلام) ولدى ففعل الناس من ذلك و جرت به السنة و وضعته امه بين يدي النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ففتح فاه بلسانه و حنكه و أذن في اذنه اليمنى و أقام في اذنه اليسرى،فعرف الشهادتين و ولد على الفطرة.
وانشأ الحميرى:
ولدته في حرم الله و أمنه
و البيت حيث فناؤه و المسجد
بيضاء طاهرة الثياب كريمة
طابت و طاب وليدها و المولد
في ليلة غابت نحوس نجومها
و بدت مع القمر المنير الأسعد
ما لف في خرق القوابل مثله
إلا ابن امنة النبي محمد
رأى علماء الاسلام فى ولادته
(1) قال الشيخ المفيد (رحمة الله عليه) :ولد بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله تعالى سواه إكراما من الله تعالى له بذلك و إجلالا لمحله في التعظيم.
(2) قال ثقة الاسلام الكلينى (رحمة الله عليه) :ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد عام الفيل بثلاثين سنة،و قتل في شهر رمضان لتسع بقين منه ليلةالأحد سنة أربعين من الهجرة و هو ابن ثلاث و ستين سنة،بقي بعد قبض النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) ثلاثين سنة،و امه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف،و هو أول هاشمي ولده هاشم مرتين.
(3) المحقق الأربلي:ولد (عليه السلام) بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم،رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة،و لم يولد في البيت الحرام أحد سواه قبله و لا بعده،و هي فضيلة خصه الله بها إجلالا له و إعلاء لرتبته و إظهارا لتكرمته.
(4) السيد الرضي (رحمة الله عليه) :و لم نعلم مولودا في الكعبة غير علي (عليه السلام).
(5) السيد المرتضى (رحمة الله عليه) :لا نظير له في هذه الفضيلة .
(6) صاحب مجمع البيان الشيخ الطبرسي (رحمة الله عليه) :لم يولد قط في بيت الله تعالى مولود سواه لا قبله و لا بعده.
(7) العلامة الحلي:لم يولد قبله و لا بعده مولود في بيت الله سواه.
(8) العلامة المجلسي (رحمة الله عليه) :ولد علي (عليه السلام) بمكة في بيت الله الحرام يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة،و قبض قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان أربعين من الهجرة،و له يومئذ ثلاث و ستون سنة.
(9) ابن عياش:أن اليوم الثالث عشر من رجب كان مولد أمير المؤمنين (عليه السلام) في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشرة سنة.
(10) بن أسيد أنه قال:ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب.
و بلغت أسماء علماء الشيعة الذين ذكروا في كتبهم أن ولادته (عليه السلام) في الكعبة الى خمسين نفرا.
يتبع ...