لماذا يجرُّنا حبنا لأشخاصٍ إلى الأسفل ،
فيما نحن أردناه حباً سامياً في الله لا يسقطنا في أوحال الذنوب ،
حباً لا تلوّثهُ مشاعرُ الغيرة ، ولا تعطّل طاقاتنا الكامنة أشواقٌ مهدرة ،
ولا تقتل أوقاتنا أحاديث عاطفية ، لا نخرجُ منها إلا بمزيد من الشوق والضعف والألم .
الشّعارُ البرّاقُ الأول الذي يظهرُ لنا ونحن نحاول اكتشاف شخصٍ ما هو شعار الحبّ في الله .
فنعجب بالتزام الشخص وتديّنه وحسن أخلاقه ، وما نزال ننجرفُ إعجاباً في مزاياه ،
فكأنه المخلوق الأسمى الوحيد الموجود على هذه الأرض .
نتقرّبُ إليه من باب الطاعات ، فمرافقة الصالحين كما هو معروف
، يزيدُ الإيمان ويرفع المؤمن ، ويقوده إلى درب النّجاة ..
بعد فترة وجيزة نفاجأ بتعلّقنا الشديد بهذا الشخص ، وبانجذاب كبير نحوه ،
نخبره بمشاعرنا ، نسوقُ له أجمل عاطفة نحملها ، ونضعها بين يديه .
تعاطفه معنا قد يجعله في أعيننا الشخص المنقذ لنا من الحزن ،
فندخل عالماً جديداً مختلفاً ، عالم الأنس والفرح والسلوى ،
فنتوهم بأننا أكثر البشر سروراً ما دمنا برفقة هذا المخلوق الذي أرسله الله
لانتشالنا من آلامنا .
أيامٌ تمضي ،
أعمارٌ تزهق
، وقلوبٌ تنهك ..!
نصحو من الحلم الجميل لحظة ، فنجد أنفسنا قد تأخرنا كثيراً عن القافلة السائرة إلى النجاح
فقطار الزّمن قد فاتنا ، كنا فيه معصوبي الأعين ،
لا نرى إلا ذلك الحب الذي سيطر على كلّ ذرة من كياننا .
نفتّشُ أوراق العمر ، فترعبنا نتائجنا ..
صفرٌ في تحقيق الذات ، تراجعٌ في مدرسة النّجاح ، هدرٌ واضحٌ في الطاقة البشرية ،
سوء استغلال لنبض القلب ، تشتت روح ، وهنُ جسد ..!
خسارة فادحةٌ دفعة واحدة ، فتتملكنا الحيرة ..
لماذا لم نتقدم ، لمَ لمْ ننجح ؟
أولم يكن حباً في الله ؟!
نكتشفُ أخيراً أننا قد ألبسنا علاقة دنيوية رداءً من وهم صنعناه بأيدينا ،
ليغطي أي خطأ ، وأسميناه حباً في الله ..
ولو أمعنّا النظر في أحوال الصّحابة ، ومحبتهم لبعضهم البعض ، لوجدناها محبة إيمانية ،
وصلات واثقة ، وتنافسٌ على الجنّة ..
كيف لا وقد جمعهم الإسلام ، واستظلوا بمظلة الإيمان
، وآخى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم ، فغدوا أحباباً في الله ..
فهل كانوا ليتركوا العمل والجهاد والسعي للخير ويقضوا أعمارهم هباء ليتحادثوا عن الحب ،
عن الغيرة ، عن فتور في العاطفة أو اشتعالها !
حاشاهم أن يفعلوا وهم أصحاب الهدف والهمّة ، كانت عاطفتهم كلها لله ورسوله ،
يندرج تحتها حب كل ما يحبه الله ورسوله وبغض ما يبغضه الله ورسوله ..
فإذا شعر أحدهم بحبٍ يخفق في قلبه لأخ له في الله أتاه فأخبره عبارة بليغة موجزة ، فقال له :
" إني أحبك في الله " فيردُّ الآخر بدعاء راقٍ عظيم المعنى ،
فيقول : " أحبك الله "
وأيُّ شرف عظيم أن يحبه الله ،
وأيُّ سعادة ينالها العبد في حب الله تعالى له ..
هؤلاء أناسٌ فهموا معنى الحب فاجتمعوا من أجله ،
وتعاهدوا على رفعته ، فاستحقوا منابر النور يوم القيامة ..
وها قد أتينا للحياة ، أحفاداً لهم ، فلم شوّهنا هذه العاطفة
، ولم بعثرنا كلمة الحب حتى غدت بلا قيمة ترتجى ؟
أولا يدعونا ذلك إلى إعادة حساباتنا ، وترتيب مشاعرنا ، والارتقاء بالحب ..
مما اعجبنى ...احبكم فى الله