[نعمة الله]

في أواخر حياته وقف رسول الله (ص) في الناس خطيباً و يقول(أيها الناس قد دنا مني أجلي , فإنما أنا بشرٌ أوشك أن أُدعى فأجيب, فمن اقتصصت من عرضه شيئاً فهذا عرضي فليقتص, و من أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه, و من غلبته نفسه على شيء فليأتني أدعُ له ....ألا يقولنّ أحدكم إني أخاف العداوة و الشحناء من رسول الله, ألا فإنهما ليستا من خلقي, ألا و إنّ فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة)).
فيروى أنه جاء إليه شخصٌ يقال له سوادة, قال: أنا لي عندك مظلمة يا رسول الله, فقال له النبي(ص)و ما هي قال : عندما قدمت من المدينة و كنت على ناقتك أهويت بالقضيب تريد به الناقة فأصبت بطني, فقال النبي(ص)أتعفو أم تقتص؟ قال: بل أقتص, فأمر النبي(ص)بإحضار القضيب و دفعه إلى سوادة, فقال له سوادة: اكشف لي عن بطنك, فكشف النبي(ص
عن بطنه, فتقدم سوادة ووضع خدّه على بطن رسول الله(ص)و قال: إني أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول الله من النار. فقال له النبي(ص): أتعفو أم تقتص؟ قال: بل أعفو. فقال النبي(ص): اللهم اعفُ عن عبدك سوادة كما عفا عن عبدك محمد.
هكذا نتعلم من رسول الله(ص) كيف نحرص على مغادرة الحياة الدنيا و قد أبرأنا ذمتنا من الحقوق التي لزمتنا للناس و لله تعالى, فعلى الإنسان المؤمن أن يعمل على إبراء ذمته من كل الحقوق التي لزمته في الدار الدنيا لله تعالى من صلاةٍ و صيامٍ و حجٍّ و خمسٍ وزكاة و غير ذلك, وللناس سواء كانت حقوقاً مالية أو معنوية.