11-02-2009, 10:00 PM
|
#3
|
~¤ مراقبة سابقة ¤~
تاريخ التسجيل: Aug 2010
الدولة: بلاد الله الواسعه
المشاركات: 3,312
معدل تقييم المستوى: 248
|
ونقول :
أ-لقد تحدث الأستاذ الخنيزي حول أسانيد هذه الرواية بما فيه الكفاية (43) فليراجعه من أراد .
ب-إن هذه الآية لا تنطبق على أبي طالب بأي وجه ؛ حيث إن الله تعالى يقول قبلها : ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، حتى إذا جاؤوك يجادلونك ، يقول الذين كفروا : إن هذا إلا أساطير الولين . وهم ينهون عنه الخ .. )(44) .
فضمائر الجمع ، ككلمة : (هم) ، وفاعل (ينهون) و(ينأون) كلها ترجع إلى من ذكرهم الله في تلك الآية . وهم المشركون ، الذين إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، ويجادلون الرسول في هذه الآيات ، ويصفونها من عنادهم بأنها ليست سوى اساطير الأولين . ولا يقف عنادهم عند هذا وحسب ، بل يتجاوزه إلى أنهم : ينهون اعن الاستماع إلى النبي ، كما أنهم هم أنفسهم يبتعدون عنه .
وهذه الصفات كلها لا تنطبق على أبي طالب ، الذي لم نجد منه إلا التشيجيع على اتباع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والنصرة له باليد واللسان . بل يطلب من غيره أن يدخل في هذا الدين . وان يتمسك به ويبصر عليه ، كما كان الحال بالنسبة لزوجته ، ولحمزة ، وجعفر ، وعلي ، وملك الحبشة حسبما تقدم .
كما أن المفسرين قد فهموا من الآية عمومها لجميع الكفار ، وان معناها : ينهون عن استماع القرآن ، واتباع الرسول ، ويتباعدون عنه .
وهذا هو المروي عن ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وابي معاذ ، والضحاك ، وابن الحنفية ، والسدي ، ومجاهد ، والجبائي ، وابن جبير (45).
ج-ويقول الأميني : إن تلك الرواية تقول : إن آية الانعام : (وهم ينهون عنه إلخ قد نزلت حين وفاة أبي طالب (عليه السلام) ، وتقول رواية أخرى : إن آية : (إنك لا تهدي من أحببت إلخ قد نزلت حين وفاته أيضاً ، مع أن هذه الاية قد وردت في سورة القصص التي نزلت قبل الانعام ،- التي نزلت جملة واحدة – (46)بخمس سور . وهذا يدل على أن سورة الأنعام قد نزلت بعد وفاة أبي طالب بمدة .
إذن ، فما معنى قولهم : إنهم نزلت حين وفاته (عليه السلام) ؟!.
د-انهم يقولون : ان سورة الانعام قد نزلت دفعة واحدة وكانت أسماء بنت يزيد ممسكة بزمام ناقته (صلى الله عليه وآله وسلم ) (47)وذلك انما كان بعد بيعة العقبة ، التي كانت بعد وفاة أبي طالب بمدة طويلة .
4-آية النهي عن الاستغفار للمشرك :
روى البخاري ومسلم ، وغيرهما : عن ابن المسيب ، عن ابيه ، رواية تتلخص في أن النبي طلب من أبي طالب حين وفاته أن يقول كلمة لا إله إلا الله ليحاج بها له عند الله . فقال له أو جهل ، وعبد الله بن أمية : أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزل الرسول يعرضها عليه ، ويقولان له ذلك ، حتى قال أبو طالب آخر كلمة : على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لاإله إلا الله .
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) : والله لأستغفرن لك ما لم أُنه عنك . فأنزل الله : (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ، ولو كانوا أولي قربى ، من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ) )(48) .
ولا نريد أن نناقش في أسانيد هذه الرواية (49)، المقطوعة ، ولا نريد أن نفيض في الدلائل والشواهد على أن ابن المسيب فضلاً عن غيره متهم على علي (عليه السلام) ، كما نص عليه البعض (50).ولكننا نشير إلى ما يلي :
أولاً :
إن آية النهي عن الاستغفار للمشرك قد وردت في سورة التوبة ، ولا ريبفي كونها من أواخر ما نزل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم ) في المدينة ، بل لقد ادّعى البعض أنها آخر ما نزل (51). ولا يعقل أن تكون هذه الآية قد بقيت أكثر من عشر سنوات منفردة ، والقرآن ينزل ، حتى نزلت سورة التوبة ، فأضيفت إليها ، لأن الآيات التي كانت تُلْحَق بالسور انما تلحق بما نزل سابقاً عليها ، وكان ذلك في الأكثر في السور الطوال ، التي كانت تنزل أجزاء متتابعة دون سائر السور التي كانت تنزل دفعة واحدة .
فكيف بقي (صلى الله عليه وآله وسلم ) يستغفر لابي طالب طيلة هذه المدة ، ويترحم عليه ؟! مع أن ذلك من اظهار مصاديق المودّة للكافر ، وقد نهى الله عن مودتهم في آيات كثيرة ، ونزلت قبل سورة التوبة كما في قوله تعالى : (لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر ، يوادّون من حادّ الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم ، أو إخوانهم ، أو عشيرتهم)(52).
وقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين )(53) .
وقوله تعالى : (الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبغون عندهم العزة ) (54).
وقوله تعالى : (لايتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين )(55).
ثانياً :
قال تعالى : في المنافقين ، التي نزلت في غزوة بني المصطلق ، سنة ست على ما هو المشهور ، ونزلت قبل سورة التوبة على كل حال : (سواء عليهم ، استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ).
فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرف ان الله لن يغفر لهم ، سواء استغفر لهم أم لا،فلماذا يتعب نفسه في أمر لا نتيجة له ؟؛ فان ذلك أمر لايقرُّه العقلاء ، ولا يقدمون عليه .
ثالثاً :
إننا نجد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه يقول : (اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة ) (56).
كما أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قد ردّ هدية حكيم بن حزام ؛ لأنه كان مشركاً ، قال عبيد الله : حسبت انه قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ، ولكن ان شئت اخذناها بالثمن (57).
وردّ أيضاً هدية عامر بن الطفيل ، لأنه لم يكن قد أسلم بعد . ورد أيضاً هدية ملاعب الأسنة ، وقال : لا أقبل هدية مشرك (58).
عن عياض المجاشعي : انه اهدى إلى النبي هدية فأبى قبولها ، وقال : اني نهيت عن زيد المشركين (59).
ولم يكن ذلك منه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا لأنه يوجب احتراماً ومودة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) له .
إلا ان الكشي ذكر رواية تقول : ( ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني ) (60).
وهذا إن صح يشير إلى الفرق بين هدية الكتابي وهدية المشرك فكان (ص) يرد هدية الثاني دون الأول وذلك يدل على عدم صحة قوله لهم : إنه (ص) في هدنة الحديبية استهدى أبا سفيان أدماً (61).
وقد يكون ذلك لأجل الفرق بين المشرك والكتابي – لو صحت هذه الرواية – فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل هدية الثاني دون الأول .
وبعد ما تقدم ، فإننا نعرف عدم صحة قولهم ان النبي قد استهدى من أبي سفيان أدما ، وذلك أيام هدنة الحديبية .
رابعاً :
لقد روي بسند صحيح – كما يقول الأميني – عن علي : أنه سمع رجلاً يستغفر لأبويه ، وهما مشركان ؛ فذكر علي (عليه السلام) ذلك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فنزلت الآية المذكورة (62).
وفي أخرى : ان المسلمين قالوا : ألا نستغفر لآبائنا ؟ فنزلت (63).
وفي رواية : انها نزلت حينما استأذن (صلى الله عليه وآله وسلم) الله في الاستغفار لأمه فلم يأذن له ، ونزلت الآية ، فسأله أن يزور قبرها ، فأذن له (64).
وإن كنا نعتقد : أن الرواية الأخيرة بعيدة عن الصحة لاعتقادنا بأن أم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانت مؤمنة موحدة ، كما أسلفناه في بحث ايمان آبائه (صلى الله عليه وآله وسلم) . ولكنها على أي حال مناقضة لما تقدم فلعل الرواة طبقوها على هذا المورد ، اجتهاداً عمدياً أو سهوياً منهم ، والصحيح هو النص المتقدم عن علي (عليه السلام) . وإلا فلماذا نسي النبي الاستغفار لأمه إلى آخر أيام حياته ؟ هذا عدا عما تقدم .
خامساً :
إن آية لا تهدي من أحببت ، يقال : إنها نزلت يوم احد ، حينما كسرت رباعيته ، وشج وجهه (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال : اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون ، فانزل الله : إنك لا تهدي من أحببت إلخ (65).
وقيل : إنها نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل ، الذي كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يرغب في إسلامه ، بل لقد ادّعي الاجماع على ذلك (66).
سادساً :
إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يحب إيمان أبي طالب فالله يحب ذلك أيضاً ، لأن الرسول لا يحب إلا ما أحب الله ، وقولهم : كان (صلى الله عليه وآله وسلم) يكره إيمان وحشي ، ثم آمن ، لا يصح ؛ لأن هذا من نوع التضاد بين الرسول والمرسل ، لو لم يتوافقا ، وإذا توافقا ، فكيف يمكن أن يكره الله ورسوله إيمان أحد (67).
سابعاً :
ان قوله تعالى : لا تهدي من أحببت لا يمنع من إيمان أبي طالب ، فإن الله قد شاء الهداية لأبي طالب أيضاً كما دلّت عليه النصوص . والآية انما تريد تعليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :ان محبته لهداية شخص غير كافية . بل لا بد معها من مشيئة الله سبحانه .
وأخيراً
فان عبد المطلب لم يكن كافراً ولا مشركاً حسبما قدمنا ،بل كان مؤمناً على دين الحنيفية . وقد صرح المسعودي في بعض كتبه بانه قد مات مسلماً (68).
فقول أبي طالب : بل على ملة عبد المطلب لا يدل على كفره ؛ فلو كان قد قال ذلك حقاً . فلا بد أن يكون قد قال ذلك تعمية على قريش ،لمصالح يراها لا بد من ملاحظتها في تلك الفترة.
الوجبة الأخيرة :
كان ما تقدم هو عمدة ما استدل به القائلون بكفر أبي طالب ، والعياذ بالله ، وقد رأينا : أنه لا يستطيع أن يثبت أمام النقد الواعي والدقيق . وقد بقيت بعض الروايات ، التي يمكن الاستدال بها على ذلك . وليس فيها أيضاً ما ينفع أو يجدي ونحن نشير إليها باختصار شديد ؛
فنقول : إنهم قد رووا أيضاً :
أن الرسول قال لأبي بكر حول ما ينجي من الوسوسه : ( ينجيكم من ذلك : أن تقولوا مثل الذي أمرت به عمي عند الموت؛ فلم يفعل ، يعني شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمد رسول الله ) (69).
وفي رواية عن عمر : إن كلمة التقوي التي ألاص عليه نبي الله عمه أبي طالب عند الموت : شهادة إلخ (70).
|
|
|